السرد من وجهة نظر الراوي وأهميته في العمل الأدبي

إن السرد من أهم العناصر التي تحكم على جودة القصة القصيرة، أو أي عمل أدبي عمومًا، وتوجد أساليب معروفة في السرد؛ كالسرد من وجهة نظر الراوي، ومن الممكن أيضًا السرد بضمير المتكلم.

وفي هذا المقال سوف نتحدث عن هذين النوعين من السرد؛ لكي تتعرف إلى أفضل أسلوب تسرد به أحداث قصتك.

يوجد عدد من الكتاب الذين فضلوا في السنوات الأخيرة السرد بضمير المتكلم؛ وذلك بأن رأوا أنه موصل جيد للمشاعر، ويجعل القارئ يتفاعل ويتعاطف معه، حتى وإن كان صاحب شخصية شريرة؛ مثل: رئيس عصابة مثلًا، لكن توجد أنواع من القصص التي لا يمكن سردها إلا بالسرد من وجهة نظر الراوي.

قد يهمك أيضًا أهم تقنيات السرد القصصي وكيفية كتابة الحوار في القصة

كيفية السرد من وجهة نظر الراوي

في هذا النوع من السرد يكتب الكاتب أحداث القصة وشخصياتها كأنه فوق برج، وينظر إليهم جميعًا من مسافات متساوية؛ فهو الذي يتقمص دورًا واحدًا من أبطال الشخصية، لكنه يتكلم بشخصيته هو دون التدخل في أحداث القصة، أو في مشاعر الأطفال لا سيما عندما يتحدثون مع بعضهم البعض في حوارات القصة؛ فهو يصف الأحداث والمكان والزمان وهيئات الأبطال وحركاتهم وإيماءاتهم.

وكن على علم أنه لا يجوز النقل بين أسلوب سرد وآخر إلا في حدود معينة، فمن الممكن أن تكون بنية الرواية تعتمد على السرد من وجهة نظر الراوي، ويتخللها السرد بضمير المتكلم؛ لكي يعبر الكاتب عما يدور في خلد بطل معين من أبطال القصة، لا سيما في المشاهد الصامتة.

فمن الطبيعي أنك لن تستطيع التعبير عن بطل معين من أبطال القصة في مشهد صامت، فقد يحدث هذا في الفيلم أو المسلسل؛ لأن الصورة هي التي ستعبر عن البطل، لكن في حالة كتابة القصة فمن الممكن أن تستعين بضمير المتكلم؛ لكي تصل بالقارئ إلى الحوار الداخلي الذي يدور في خلد هذا البطل.

ويختلف هذا الأمر عن استخدام ضمير المتكلم من بداية الرواية، ويمكنك استخدام السرد بضمير المتكلم داخل الرواية المكتوبة بالسرد من وجهة نظر الراوي، وتتحدث بضمير أكثر من بطل في الرواية، ولست محكومًا ببطل واحد هو من سيسرد الأحداث.

قد يهمك أيضًا دورات مجانية لتعلم كيفية الكتابة بأنواعها

ماذا يفعل الراوي في أسلوب السرد؟

ويوجد للراوي في أسلوب السرد من وجهة نظر الراوي مجموعة من الوظائف، نسردها في النقاط التالية:

الوصف

يصف الراوي الشخصيات والأحداث والأمكنة والشخصيات وهيئاتهم وحركاتهم دون أن يعلن عن وجوده داخل الرواية، فيظل متخفيًا ولا يظهر، ويوصل الصورة والمشاعر للقارئ من وجهة النظر نفسها، أو من المنظور نفسه، فلن يتقمص دور أحد الشخصيات في القصة، لكنه يحكي عنهم فقط.

تأصيل القصة

أي ربطها بأحداث تاريخية، وفي أسلوب السرد من وجهة نظر الراوي يكون للراوي حرية ربط الرواية بأحداث وصراعات تاريخية؛ مثل: صراعات العصور الوسطى أو أيام الاحتلال الإنجليزي أو أيام الملكية؛ وذلك لكي يفهم القارئ البعد الزمني للقصة.

توثيق القصة

مستوى آخر من مستويات ربط القصة بأحداث تاريخية، لكنه في هذه الوظيفة يعطي القارئ انطباعًا أنه يقرأ جزءًا حقيقيًا من التاريخ؛ مثل: الملاحم التي رويت في عصر الفراعنة أو العصور الوسطى، ويجب ربط هذه القصة بأحداث تاريخية معروفة، أو شخصيات تاريخية متعارف عليها.

يفضل الكتّاب المبتدئون الكتابة بأسلوب السرد من وجهة نظر الراوي؛ لأنها تعطيهم المساحة للتعبير عن أفكارهم، والتحكم بالمفردات اللغوية على نحو أفضل، وهي مناسبة أيضًا لعدد من النهايات؛ مثل نهاية موت البطل التي قد تكون صعبة جدًّا عندما تعبر عنها بضمير المتكلم، وستكون في حيرة هل تعبر عن شعوره بعد الموت، أو في أثناء الموت، وفي الوقت نفسه لن تستطيع قلب أسلوب السرد إلى السرد من وجهة نظر الراوي. 

قد يهمك أيضًا لمحبي الأدب.. تعرف إلى العناصر الفنية للقصة

كيفية السرد بضمير المتكلم

يتوغل الكاتب في هذا النوع من السرد في نفسية المتكلم الذي يحمل على عاتقه إيصال أحداث القصة ووصفها إلى القراء، على الرغم من أن توضيح مكامن نفسيات الشخصيات وطبائعها من أساسيات القصة.

لكن الأمر هنا يأخذ منحًى آخر أكثر تفصيلًا، فأنت تتكلم بصيغة بطل القصة، وتتجانس معه كأنكما شخص واحد، حينها سوف نتحدث عن عدد من الجوانب النفسية والعاطفية الخاصة به، وكيف يتفاعل مع الأحداث، وكيف ينظر إليها، ويرويها، وما تحبه تلك الشخصية، وما تكرهه، وما العقد النفسية المؤثرة فيه. 

من الممكن أن ترى السرد بضمير المتكلم متجليًا أكثر في المذكرات الشخصية للمشهورين عندما يتكلمون عن مواقف حياتية حدثت لهم في الواقع.

لكن في السنوات الأخيرة ظهرت الروايات التي تتحدث بأسلوب السرد نفسه، ولاقت شهرة واسعة، وتهافت عليها الجمهور؛ لأنهم أعجبوا بهذا الأسلوب في السرد.

حتى إن ثلاثية غرناطة قد أخذت السرد بضمير المتكلم إلى جانب جديد، ومن المعروف أن الروائية الراحلة رضوى عاشور كانت من أكثر الرواة تأثيرًا في الأدب العربي.

فقد تمكنت الروائية من سرد القصة بضمير المتكلم لكل بطل من أبطال القصة كلهم تقريبًا، وليس بطلًا واحدًا كما هو متعارف عليه في القصص الأخرى.

وهو الأسلوب المفضل في القصة القصيرة، لكن يجب أن يراعي الكاتب اللغويات المناسبة لهذا السرد، ويراعي أن تكون النهاية مناسبة لهذا السرد.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة