الزمن الجميل للكتاب الورقي والكتابات عبر العصور

«تمنح الكتب عددًا من الصفحات السارة لأولئك الذين يعرفون كيف يختارونها»

"المكتبة في الليل" ألبرتو مانغويل

في ظل التطور الرقمي الذي شمل مجال القراءة بما فيها الكتاب، وصار يعوضه ما يصطلح عليه بالكتاب الرقمي أو الإلكتروني.

وظهور بموازاة ذلك أجهزة متعددة لقراءة هذا النوع من الكتب، ابتداء من جهاز الكمبيوتر، واللوحة الذكية (Tablette)، والهواتف الذكية، ليظهر فيما بعد جهاز (Kindle) يبدو سطحه شبيها بصفحة الكتاب ولا يصدر أي أشعة.

اقرأ ايضاً القراءة وعلاقتها بالمعرفة.. بدءاً من اقرأ إلى مراتب الوعي

الكتب الرقمية عبر مواقع العالم

وصار بإمكان المرء تحميل ملايين الكتب الرقمية من شتى المواقع عبر العالم، ويخزنها في شريحة ذاكرة، أو داخل هذه الأجهزة، وبذلك تغدو لديه مكتبة إلكترونية يحملها أينما شاء.

من يتذكر الزمن الجميل للكتاب الورقي الحامل للرائحة التي ترافقك طيلة وقت القراءة؟ وسحر ملمس الأوراق؟ والخربشات على صفحات الكتاب المستعمل، وقد تتفاجأ بإهداء في أول الصفحة، فتتفرس مليًّا في الاسم الذي شُطِبَ عليه ضمن الإهداء.

أو تصادف بين صفحاته تذكرة حافلة، أو قطار، أو تذكرة سينما قديمة.. تتكدس الأسئلة في مخيلتك عن طبيعة الإشارات والملاحظات التي دوَّنها القارئ السابق في الهامش؟

اقرأ ايضاً نصائح للمبتدئين في القراءة

الكتابة الورقية

مَن يتذكر لذة التبادل بالكتب عندما يقترحه الأستاذ داخل الفصل من أجل التشجيع على قراءة أكبر عدد من الكتب بثمن كتاب واحد؟ مَن يذكر الأميال التي كنا نقطعها ذهابًا وإيابًا إلى المكتبة لنستبدل كتابًا بآخر مقابل مبلغ زهيد؟

مَن يذكر السرقات الصغيرة لكتاب أو اثنين من رفوف مكتبة المدرسة؟ ومَن يتذكر متعة القراءة التي كانت تجعل القارئ يشعر بالسمو ويزدهر رأسه بالخيال، وتنفتح أبواب مخيلته على عوالم شتى من المعرفة.

كان منظر شيخ جليل يجلس في حديقة يطالع كتابًا أمرًا مألوفًا إلى عهد قريب، أو شابًا يتأبط كتيبًا، ثم لا يلبث أن يشرع في القراءة عندما يتوقف عند محطة في انتظار حافلة، أو في مقهى، أو فتاة تقرأ رواية في الحافلة أو القطار.

اقرأ ايضاً الكتب والقرّاء

كتيب الجيب

من يذكر "كتيب الجيب" الذي كان يطبع في حجم صغير حتى يسهل حمله في الجيب، والذي كان من مستلزمات الرحلة والسفر، يحمله المرء في حلِّه وترحاله، وفي غدوه ورواحه من العمل، أو تجده قرب الوسادة على فراش النوم يستأنس بقراءته ليلًا إلى أن يغالبه النعاس، وتجده أيضًا في جميع أركان البيت لا يشكل ضيقًا لأحد..

بعضنا كان يجد متعته المطلقة في متابعة قراءة كتابه، إلى درجة أنه يدخله معه إلى المرحاض ويقرأ ما شاء منه هناك.

يبدو الكتاب الورقي أمام زخم الشاشات الإلكترونية وعر المسالك، كثير الدروب، لقد كانت أحلامنا فيما مضى ملحمية عوضناها بأحلام اللحظة، التي لا تدوم أكثر من لمسة زر أو شاشة..

كنا نبني صرح الخيال حجرة حجرة، ونغرف من أحلام اليقظة ونتذوق عسل المخيلة الخصبة ما نشاء، نهيم بين السطور لا ينزعنا من بين الكتاب نداء الأم لتناول الطعام، أو صراخ الأب بإطفاء النور والخلود إلى النوم، كم من قارئ كان يتسلل خلسة ويجلس أمام النافذة المطلة على الزقاق والتلصص على صفحات الكتاب على ضوء المصباح وتقليبها بهدوء.

القراءة المستمرة للكتب

القراءة المستمرة للكتب كانت تدفعنا كي نقتنص بعض العبارات المعبرة أو الأقوال المأثورة، وندونها في مذكرة يومية، وتصل بنا المتعة أحيانًا إلى أن نخط بعض الخواطر.

التي تتطور مع مر الأيام بالقراءة والممارسة إلى كتابة الشعر أو القصة القصيرة، نعرضها على الأصدقاء المقربين لإبداء آرائهم، أو على أستاذ الفصل الذي يبدي إعجابه بهذه المبادرة في إبراز مواهب الكتابة المبكرة.

كان البحث عن فكرة معينة، أو معلومة يتطلب منا البحث بين رفوف المكتبة ساعات طوال، عنوان كتاب واحد يجرك إلى عناوين أخرى، إلى أن عوضت هذا الجهد محركات البحث الشهيرة على شبكة الإنترنت.

معلومات عن الكتابة

ولم تعد المعلومة مقتصرة على الكتابة والصورة، بل ضِيف إليها الصوت والصورة، ولم يعد مصطلح القارئ متداولًا في العصر الحديث بجدية.

بل عوَّضه مصطلح "متصفح"، والمذكرة اليومية عوضتها المدونات الرقمية، والصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.

كانت القراءة غير محددة بزمن، كنا نقرأ في الليل، وقبل تناول وجبة الفطور، أو في أي لحظة من لحظات الليل والنهار، وفي أي مكان وقوفًا وجلوسًا ومستلقين على ظهورنا، في الحر والبرد، وخلال السفر.

هل فعلًا عوَّضت الشاشات متعة الكتاب الورقي؟

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
نوفمبر 25, 2023, 7:38 م - دكتور/ حاتم جمعة محمد علي Dr.Hatem Gomaa Mohamed Ali
نوفمبر 25, 2023, 3:02 م - سيرين غازي بدير
نوفمبر 19, 2023, 9:51 ص - اسامه غندور جريس منصور
نوفمبر 16, 2023, 2:24 م - رانيا رياض مشوح
نوفمبر 15, 2023, 7:35 م - عبدالحليم ماهاما دادولا عيدالرحمن
نوفمبر 15, 2023, 7:11 م - عبدالحليم ماهاما دادولا عيدالرحمن
نوفمبر 6, 2023, 7:12 م - عمرو رمضان محمد
نوفمبر 2, 2023, 8:53 ص - رانيا رياض مشوح
أكتوبر 21, 2023, 7:19 م - محمد هاني جابر
أكتوبر 21, 2023, 12:31 م - طه عبدالله عثمان احمد
أكتوبر 17, 2023, 11:22 ص - أساور علي محمد
أكتوبر 10, 2023, 7:58 م - إياد عبدالله علي احمد
أكتوبر 9, 2023, 1:28 م - عبدالحليم ماهاما دادولا عيدالرحمن
أكتوبر 7, 2023, 4:11 م - إياد عبدالله علي احمد
أكتوبر 7, 2023, 9:13 ص - عبدالرحمن أحمد عبدربه الصغير
أكتوبر 2, 2023, 6:43 م - فراس مالك سلوم
أكتوبر 2, 2023, 11:16 ص - محمد إسماعيل الحلواني
أكتوبر 2, 2023, 8:23 ص - إياد عبدالله علي احمد
أكتوبر 1, 2023, 3:23 م - سارة عبد العظيم المشايخ
سبتمبر 27, 2023, 6:46 م - مها عبدالله البقمي
سبتمبر 27, 2023, 1:09 م - محمد إسماعيل الحلواني
سبتمبر 26, 2023, 12:26 م - محمد إسماعيل الحلواني
سبتمبر 25, 2023, 6:34 م - فاطمة علي عبدالله الزهراني
سبتمبر 25, 2023, 8:02 ص - إيمان عبدالباري قائد
سبتمبر 24, 2023, 7:04 م - أسماء خشبة
سبتمبر 21, 2023, 6:29 م - لمى السلمي
سبتمبر 21, 2023, 6:13 م - شيماء بولحية
سبتمبر 13, 2023, 6:48 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 12, 2023, 6:02 ص - زكرياء الشاوي
سبتمبر 11, 2023, 10:04 ص - محمود سلامه الهايشه
سبتمبر 9, 2023, 11:29 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 6, 2023, 7:13 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 3, 2023, 11:41 ص - مدبولي ماهر مدبولي
أغسطس 30, 2023, 3:49 م - قيس شهبي
أغسطس 30, 2023, 8:03 ص - ميساء محمد ديب وهبة
نبذة عن الكاتب