الرسم بالألوان الزيتية من أرقى وأصعب فنون الرسم التي عرفها الإنسان، فهو فن يحتاج إلى الصبر والدقة والقدرة على المزج بين الألوان بطريقة تمنح اللوحة حياة متجددة. وقد ارتبط هذا الفن عبر التاريخ بأسماء كبار الفنانين مثل «ليوناردو دافنشي» و«فان غوخ» و«رامبرانت» الذين صنعوا من الألوان الزيتية عوالم من الضوء والظل والروح.
في هذا المقال، نأخذ بيد المبتدئين خطوة خطوة لاكتشاف أهم أدوات الرسم بالألوان الزيتية، وتقنيات استخدامها، وأبرز النصائح لتجنُّب الأخطاء الأولى التي قد تُتلف الخامات أو تُضعف جودة اللوحة.
لطالما كان الرسم بالألوان الزيتية هو لغة العظماء من دافنشي إلى فان جوخ، لما يمنحه من عمق وثراء لوني لا يضاهى، إذا كنت تطمح لبدء رحلتك في هذا العالم الساحر وتشعر بالحيرة من أين تبدأ، فهذا هو دليلك الشامل. وسنتناول بالتفصيل كل ما يخص الرسم بالألوان الزيتية للمبتدئين، من اختيار الأدوات الصحيحة، مرورًا بالخطوات والتقنيات الأساسية، وصولًا إلى نصائح الخبراء لتجنب أخطاء البدايات الشائعة.
لماذا تختار الرسم الزيتي؟
سحر فريد لا يقاوم يتميز الرسم الزيتي بخصائص فريدة تجعله وسيطًا فنيًّا محبوبًا عبر العصور:
-
عمق وغنى الألوان: تمنح الأصباغ الممزوجة بالزيت الألوان عمقًا ولمعانًا استثنائيًا لا يبهت بمرور الزمن.
-
بطء الجفاف: هذه الميزة التي قد يراها البعض عيبًا، هي في الحقيقة أكبر ميزة للمبتدئين، حيث تمنحك وقتًا كافيًا لمزج الألوان على اللوحة بسلاسة وتصحيح الأخطاء.
-
المتانة وطول العمر: لوحات فنية زيتية شهيرة عمرها مئات السنين ولا تزال تحتفظ برونقها، مما يجعلها استثمارًا فنيًا دائمًا.

الفرق بين الألوان الزيتية والأكريليك
أحد أشهر الأسئلة للمبتدئين هو: ما الفرق بين الألوان الزيتية والأكريليك؟ إليك مقارنة سريعة:
-
وقت الجفاف: الزيتية بطيئة الجفاف جدًا (أيام أو أسابيع)، بينما الأكريليك سريعة الجفاف (دقائق).
-
الوسيط والتنظيف: الزيتية تحتاج لزيوت ومذيبات خاصة (مثل التربنتين)، والأدوات تُنظف بالمذيبات. الأكريليك وسيطها الماء وتُنظف الأدوات بالماء والصابون بسهولة.
-
تغير اللون: ألوان الأكريليك قد تصبح داكنة قليلاً بعد أن تجف، بينما تحتفظ الألوان الزيتية بلونها الأصلي.
-
المرونة: الأكريليك أكثر مرونة بعد الجفاف، بينما الزيتية قد تتشقق مع الزمن إذا لم تطبق تطبيقًا صحيحًا.

عيوب الألوان الزيتية
لكي تكون الصورة كاملة، من المهم معرفة بعض التحديات:
-
بطء الجفاف: قد يكون محبطًا لمن يرغب في إنجاز عمله بسرعة.
-
الرائحة والمذيبات: تحتاج إلى مكان جيد التهوية بسبب رائحة المذيبات التي قد تكون ضارة.
-
التكلفة: قد تكون الأدوات الأساسية للألوان الزيتية أغلى قليلاً من بدائلها.
-
التنظيف: يتطلب عملية تنظيف أكثر تعقيدًا من الألوان المائية أو الأكريليك.
الرسم بالألوان الزيتية
لا شك أن الرسم بالألوان الزيتية هو أحد أنواع الرسم الشعبية المنتشرة والشائعة؛ نظرًا لأن الزيوت من أهم الخامات الفنية الاقتصادية التي يمكن أن تعطي نتائج جيدة وتأثيرات عالية، لذا يلجأ كثير من الرسامين والفنانين إلى العمل بالألوان الزيتية.
فضلًا على أن الألوان الزيتية تحتاج إلى كثير من الدراية والخبرة في استخدامها ومعرفة قواعدها وتقنياتها؛ حتى لا يؤدي الأمر إلى تكاليف عالية في البداية، وهو ما يحدث غالبًا للمبتدئين.
تحتاج الألوان الزيتية إلى مواد خاصة ومساحيق تُستخدم بنسب معينة، إضافة إلى تقنيات في خلط الألوان الزيتية والطحن؛ من أجل الحصول على اللون المطلوب بالكثافة المناسبة، وعدم تلف الألوان، أو وجود لزوجة عالية، إضافة إلى تنوع أنواع المساحيق ودرجات جودتها، وهو ما يكون له تأثير كبير في النتيجة النهائية.

أدوات الرسم بالألوان الزيتية للمبتدئين
يحتاج الرسام إلى قبل البدء في الرسم بالألوان الزيتية إلى بعض الأدوات. ومن أهم هذه الأدوات ما يلي:
الفرشاة
يحتاج الفنان إلى فرش طلاء مخصصة للألوان الزيتية، وهي تباع بعدة أحجام وأنواع، فيوجد منها الكبير والصغير والمتوسط، بالإضافة إلى وجود أنواع مصنوعة من شعر الخنزير، وأنواع أخرى مصنوعة من شعر السمور الأحمر، وتوجد أنواع ذات شكل مستدير، وأخرى مسطحة وأخرى بيضاوية، وهو ما يتناسب مع الغرض من الرسم، وطبيعة اللوحات.
للمبتدئين، يُنصح بالبدء بمجموعة أساسية تحتوي على فرشاة مسطحة كبيرة للخلفيات، وفرشاة مستديرة متوسطة للتفاصيل العامة، وفرشاة صغيرة دقيقة للتفاصيل النهائية.
الحامل
العنصر الثاني هو حامل اللوحة الذي يستخدمه الرسام في عملية الرسم بالألوان الزيتية. وكما تتعدد أنواع وأشكال فُرش الطلاء، تتعدد أيضًا أنواع وأشكال حامل اللوحة؛ حسب رغبة الرسام، وحسب شكل اللوحة التي سيستخدمها. وقد يستخدم الفنان أكثر من حامل لوحة إذا كان يعمل على أكثر من لوحة في وقت واحد.
اللوحة بعد ذلك
تأتي اللوحة التي سيرسم عليها الرسام التي غالبًا ما تكون مصنوعة من قماش الكتان الذي يتناسب مع الألوان الزيتية، ويتم دهانها بمادة الجيسو، وبعد ذلك تُثبَّت على الإطار الخشبي، وبعض الرسامين يرسمون على الورق أو المنسوجات، وهو ما يحتاج إلى كثير من الخبرة والقدرة على التعامل مع هذه الأسطح.
الألوان
نأتي بعد ذلك للألوان الزيتية التي تُعد العنصر الرئيس التي تتنوع حسب تنوع درجاتها وخلطاتها. ويعود الأمر في معظم الأحيان إلى الرسام وخبرته ورغبته الشخصية، ورؤيته في اللوحة التي يرغب في رسمها، وهو ما يحكم اختيار درجات الألوان الزيتية.
الزيت والمنشفة
يحتاج الرسام أيضًا إلى زيت بذر الكتان في عملية الرسم بالألوان الزيتية، ويحتاج أيضًا إلى منشفة ورقية لاستخدامها في مسح المفرش؛ لأن زيت بذر الكتان يُستخدم لزيادة سيولة الألوان وجعلها أكثر لمعانًا، وهو جزء أساسي من أساسيات الرسم الزيتي.
السكين
تعد السكاكين من أهم أدوات الرسم بالألوان الزيتية، وتأتي بأحجام متعددة، وتحتاج إلى التدرُّب عليها مدة؛ من أجل اكتساب المهارة لاستخدامها. تُستخدم سكين الرسم ليس فقط للخلط على الباليت، بل أيضًا لتطبيق طبقات لونية سميكة وملمس بارز على اللوحة، وهي من أهم تقنيات الرسم بالسكين والفرشاة.
المذيب
تُعدُّ المذيبات أيضًا من أهم أدوات الرسم بالألوان الزيتية، وتُستخدم في إذابة الألوان، وغالبًا ما يُفضل الرسامون المذيبات عديمة الرائحة. التربنتين أو المذيبات عديمة الرائحة ضرورية لتخفيف الألوان في الطبقات الأولى ولتنظيف الفرش.
الباليت
وفي الأخير يحتاج الرسام إلى الباليت، وهي تلك اللوحة التي يخلط عليها الألوان، وتأتي بأشكال عدة، فمنها الزجاجي ومنها البلاستيكي، وهما أفضل نوعين لأنهما لا يمتصان الألوان؛ وبالتالي يحافظان على الموارد.

خطوات الرسم بالألوان الزيتية للمبتدئين
يتساءل كثير من المبتدئين: ما خطوات عمل لوحة فنية بالألوان الزيتية؟ إليك الخطوات خطوة خطوة:
الخطوة الأولى
عليك أن تطلي اللوحة بأحد الألوان الترابية الخفيفة، وذلك لأن اللون الأبيض يكون صعبًا في التعامل معه بالألوان، وبذلك يمكن طلاؤه بطبقة رقيقة يمكن العمل عليها وتدريجها بسهولة بعد ذلك.
الخطوة الثانية
ارسم حدود الشكل أو الرسمة التي ترغب في تنفيذها على اللوحة باستخدام أحد الألوان الترابية الخفيفة، أو استخدم اللون المستخدم سابقًا دون وضع ألوان أخرى أو تفاصيل جديدة في اللوحة.
الخطوة الثالثة
إضافة التفاصيل واحدًا تلو الآخر، مع مراعاة مسألة مهمة وهي ترك الألوان لتجف قبل إضافة الألوان الأخرى. وبعد أن تجف التفاصيل، يمكن إضافة تفاصيل جديدة؛ وهو ما يجعل الرسم بالألوان الزيتية مسألة تحتاج إلى الصبر والذكاء في التعامل مع الألوان ومع الوقت في آنٍ واحد.
الخطوة الرابعة
عليك وضع التفاصيل النهائية في اللوحة وتركها لتجف أيامًا عدة، ويفضل أن يكون المكان بعيدًا عن الأتربة، وبعيدًا عن ضوء الشمس؛ لكي لا تفسد اللوحة أو تتغير الألوان.
المرحلة الخامسة
يمكنك الآن طلاء اللوحة بالورنيش الذي يستخدم لتجفيف اللوحة؛ من أجل حمايتها من أي عوامل أخرى قد تؤدي إلى تغير الألوان أو تلف اللوحة، إضافة إلى إضافة اللمعان والتوحيد اللوني، لتصبح اللوحة جاهزة.

أشهر تقنيات الرسم بالزيت
توجد بعض تقنيات الرسم بالزيت التي ستطور من أسلوبك:
-
تقنية الطبقات: هي من أهم أساسيات الرسم الزيتي. وتعني أن كل طبقة لونية جديدة يجب أن تحتوي على نسبة زيت أعلى من الطبقة التي تحتها. هذا يمنع اللوحة من التشقق مستقبلًا.
-
تقنية ألا بريما: تعني من أول مرة، وهي الرسم بطبقة واحدة دون انتظار جفاف الألوان. هي تقنية ممتازة للوحات السريعة وتتطلب جرأة وثقة.
نصائح للرسم بالألوان الزيتية للمبتدئين
أوضحنا من قبل، فإن عملية الرسم بالألوان الزيتية تحتاج إلى كثير من الدراية والخبرة، وتُعد من أصعب أنواع الرسم، وبذك يحتاج المبتدئون إلى بعض النصائح في البداية بخصوص الأدوات والمساحة وخطوات الرسم. ومن أهم هذه النصائح ما يلي:
السلامة أولًا
من الأمور التي قد لا ينتبه لها المبتدئون هي فكرة مكان الرسم؛ فالرسم بالألوان الزيتية يتطلب مكانًا آمنًا؛ نظرًا لاستخدام كثير من المواد النفطية القابلة للاشتعال، ويمكن أيضًا أن تتسبب في مشكلات أخرى للرسام مثل الشعور بالإغماء أو الدوخة، وقد تتسبب في مشكلات في الجهاز التنفسي. لذا يلجأ الرسامون المحترفون إلى أمكنة ذات تهوية جيدة، وتنظيف المكان جيدًا، واتخاذ جميع إجراءات الأمان والسلامة.

ابدأ بالتدريب
من النصائح المهمة أيضًا للمبتدئين ألا يتسرعوا في عملية البدء بالرسم بالألوان الزيتية قبل التعرف على الألوان والمواد والأدوات التي تستخدم في عملية الرسم، ثم تجربة الرسم بالألوان الزيتية مدة، وتعلُّم كيفية الحفاظ على الألوان وتنظيف الفُرش، وكيفية خلط الألوان واستخدام المذيبات قبل ممارسة عملية الرسم بالألوان الزيتية.
اشترِ بذكاء
يُنصح المبتدئون أيضًا بإعداد قائمة بالأدوات والألوان التي يحتاجون إليها قبل الذهاب للتسوق؛ نظرًا لوجود كثير من الأدوات والألوان المستخدمة في الرسم بالألوان الزيتية، وهو أمر محير. ويمكن التغلب على هذا الأمر بشراء الألوان الأساسية التي يمكن خلطها للحصول على الألوان الفرعية، مثل الأسود والأبيض والأصفر والأزرق والأحمر.

أتقن أدواتك
من الأمور المهمة في عملية الرسم بالألوان الزيتية هو استخدام السكين في عملية الرسم، لذا يجب التدرب عليه جيدًا، وتجنب استخدام الفرش التي يُفضل أن تستخدم فقط في بعض الخطوات مثل الضربات اللونية والتفاصيل الدقيقة، وهو ما يجعل الرسام يكتسب مهارة استخدام السكين مع الوقت.
التكرار يعلم الشطار
وفقًا للمبتدئين، فإن العمل على تكرار العمل الفني نفسه أكثر من مرة قد يساعد كثيرًا على زيادة المستوى والشعور بالتقدم والثقة، ويعد مدة تدريب واكتساب الخبرات قبل الانتقال إلى موضوعات جديدة، وهو ما يحدث مثلًا في ورش التدريب وكورسات تعليم الرسم بالألوان الزيتية.
كيفية تنظيف فرش الألوان الزيتية
يقع كثير من المبتدئين في خطأ كبير، مثل إهمال تنظيف الفرش هو أكبر خطأ يدمر أدواتك. إليك الطريقة الصحيحة:
-
المسح الأولي: امسح أكبر قدر ممكن من اللون المتبقي على الفرشاة باستخدام منشفة ورقية أو قطعة قماش.
-
الغسل بالمذيب: اغمر شعيرات الفرشاة في وعاء به كمية قليلة من المذيب عديم الرائحة وحركها حتى يذوب اللون.
-
التجفيف: امسح الفرشاة مرة أخرى بقطعة قماش نظيفة لإزالة المذيب واللون المتبقي.
-
الغسل النهائي: اغسل الفرشاة بالماء الدافئ وصابون لطيف (مثل صابون زيت الزيتون) حتى تعود الرغوة بيضاء ونظيفة.
-
إعادة التشكيل والتجفيف: أعد شكيل شعيرات الفرشاة بلطف بيدك واتركها تجف أفقيًا أو معلقة بحيث تكون الشعيرات للأسفل.

أطلق العنان لفنانك الداخلي في الختام، إن رحلة الرسم بالألوان الزيتية هي مغامرة ممتعة من التجربة والاكتشاف. لا تخف من ارتكاب الأخطاء، فكل لوحة هي درس جديد. بالصبر والممارسة، وباستخدام الأدوات والتقنيات التي تناولناها في هذا الدليل، ستتمكن من تحويل أفكارك إلى لوحات فنية زيتية تنبض بالحياة والجمال. ابدأ اليوم، جهز أدواتك، ودع إبداعك يتدفق على اللوحة.
وفي نهاية مقالنا عن طرق الرسم بالألوان الزيتية للمبتدئين، نرجو أن نكون قدمنا لك المتعة والإضافة، ويسعدنا كثيرًا أن تشاركنا رأيك في التعليقات، ومشاركة المقال على مواقع التواصل لتعم الفائدة الجميع.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.