منذ ظهور وانتشار أدوات الذكاء الاصطناعي والعالمُ متخوف من تهديد هذه الأدوات للوظائف ومن انتشار البطالة، لكن هذا التخوف ليس أمرًا جديدًا، ففي كل مرة يجتاح العالم شيء حديث تنتشر المخاوف نفسها.
اقرأ أيضاً كيفية الاستفادة من تكنولوجيا الصناعة لزيادة الكفاءة والإنتاجية
بداية تطور التكنولوجيا
في بداية الثورة الصناعية بالقرن الثامن عشر ظهر كثير من الآلات التي أدت إلى الاستغناء عن عدد كبير من الأيدي العاملة في ذلك الوقت، فقد ابتكر النجار والمخترع البريطاني James Hargreaves جيمس هارغريفس في عام 1764 آلة غزل النسيج ما قلل الحاجة لليد العاملة في ذلك الوقت.
فانتشر القلق والخوف بين العمال على لقمة عيشهم ووظائفهم، فاقتحموا منزله وكسروا اختراعه، دون أن يدركوا أن هذا الاختراع سيساعد على تحريك عجلة الاقتصاد وتسريع الأعمال وخفض سعر القماش والملابس.
وحين ظهر مترجم جوجل خاف المترجمون على وظائفهم في مجال الترجمة في ذلك الوقت، لكن لم يفقد مترجم عمله؛ لأن عمل جوجل هو المساعدة فقط، فبالاعتماد عليه سنخرج بترجمة غريبة لا علاقة لها بالنص الأصلي؛ لأنه يترجم مفردات دون أخذ السياق بالحسبان.
ذات مرة صادفتُ ترجمة أضحكتني حد البكاء لكلمة (le plateau) ففي السياق كان معناها منصة المسرح، لكن الترجمة المكتوبة كانت (صينية).
لذا لا بد للمترجم أن يعتمد بعمله على القواميس التي تشرح المعنى باللغة ذاتها كي يحصل على ترجمة دقيقة، ولا داعي للخوف من هذه الأدوات فهي أدوات مساعدة ليست منتجة، فلن تحل محل الإنسان الذي يستطيع الابتكار والاختراع وحل المشكلات.
اقرأ أيضاً تحديات تنفيذ تكنولوجيا التعليم في المدارس
ضرورة التكيف مع الذكاء الاصطناعي
عندما رفضت نوكيا أن تواكب التطورات التقنية خسرت مع أنها كانت الشركة الأولى في صناعة الهواتف حتى تجاوزت مبيعاتها الخمسين مليارًا في عام 2007، فقد كان عليها إقبال كبير من الناس، فمَن منا لا تربطه ذكريات مع نوكيا ولعبة الثعبان؟
إذا لم نركب موجة التطور هذه سنضيع كثيرًا من الفرص التي قد نكتسبها بهذه الأدوات، لذلك فالتكيف معها بات ضرورة وأمرًا مفروضًا علينا وإلا فسيلاحقنا شبح البطالة...
الذكاء الاصطناعي سيلغي مهنًا كثيرةً، لكن في ذات الوقت سيساعد على خلق مهن جديدة، فما علينا سوى أن نطور أنفسنا، فمن يطور نفسه لا خوف عليه، وتذكروا دائمًا أن اليوم الذي يمضي دون أن تتعلم به شيئًا جديدًا هو يوم ضائعٌ من عمرنا، هذه الحياة للذكي والقوي الذي يسعى لتطوير ذاته فيخرج المال من الصخر.
لذا يجب علينا أن نكون على مستوى عال من الجاهزية لنواكب كل ما هو جديد حتى نواجه التحديات التي فرضتها علينا الثورة الصناعية الرابعة، وأن نعمل على تطوير المهارات والمعرفة التي تساعدنا على التفاعل معها بطريقة ذكية ومسؤولة بالعمل على تطوير خطة مهنية مستدامة تأخذ في حسابها التغيرات التكنولوجية، وتساعدنا على الاستفادة منها في مجالات عملنا.
في عام 2030 سيتغير سوق العمل
وفق دراسة صادرة عن معهد المستقبل وDell فإن 85% من المهن التي ستوجد في عام 2030 لا تزال غير موجودة، فالذكاء الاصطناعي سيغير المهن والوظائف الحالية تغييرًا جذريًا؛ أي إننا بعد أقل من عشر سنوات سنرى سوق عمل مختلفًا تمامًا.
اقرأ أيضاً التطور التكنولوجي وتأثيره على وسائل الإعلام
كيف نتكيف مع التطورات المتسارعة؟
كل منا لديه أعمال ومسؤوليات، وبذلك لا نملك غالبًا الوقت الكافي لاكتشاف هذه الأشياء الكثيرة والمبهرة، نستطيع الاستعانة بمن كرَّس جهده ووقته لتعلم هذه المهارات وكيفية إعطاء الأوامر للذكاء الاصطناعي لنخرج بأفضل نتيجة منه عن طريق التسجيل في دورات تعلم الذكاء الاصطناعي.
وقد انتشرت هذه الدورات مؤخرًا انتشارًا كبيرًا، وهذه هي إحدى الوظائف الجديدة التي ولدها الذكاء الاصطناعي.
في الختام التطور عملية أساسية في حياة البشر، فمن الضروري أن نتكيف معه لا أن نخاف منه؛ لأن الذكاء الاصطناعي يقدم فرصًا هائلة لتحسين مستوى الإنجازات البشرية وزيادة الإنتاجية وتوفير الوقت في آن واحد، ويساعد على تسهيل عدة عمليات ومهام.
ومن المهم أن ندرك قوة وفائدة هذه التكنولوجيا، وأن نتعلم كيفية التعامل معها والاستفادة منها استفادة مناسبة بتسخيرها لخدمة البشرية وتطويرها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.