الدولة الأموية.. من النشأة إلى الزوال

على مدى أكثر من 90 عامًا حكم الأمويون الدولة الإسلامية، وامتدت حدود الدولة الأموية حينئذ من فرنسا حتى الصين، ومن بلاد ما وراء النهر حتى بلاد الأندلس. لكن كثيرًا من العوامل أدت إلى سقوط الدولة وانتهاء عهد الأمويين، بعد تاريخ حافل من الإنجازات والفتوحات والآثار العلمية والثقافية.

في هذا المقال نتناول تاريخ الدولة الأموية منذ ظهورها حتى غروب شمسها؛ لنتعرف على أهم المحطات التي مرَّ بها بنو أمية في السطور التالية.

بداية الدولة الأموية

ترجع بداية الدولة الأموية إلى ظروف سياسية عدة حدثت في نهاية عهد الخليفة عثمان بن عفان الذي قُتل عام 35 هجرية، 656 ميلادية، ومن بعده جاء علي بن أبي طالب الذي لم يستطع بدوره إنهاء هذه النزاعات، وهو ما أدى في النهاية إلى قتل علي بن أبي طالب عام 40 هجرية، 660 ميلادية.

بعد مقتل علي بن أبي طالب بايع أهل العراق الحسين بن علي على خلافة الدولة، أما أهل الشام فبايعوا معاوية بن أبي سفيان، وهو ما أدى إلى تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان عام 661 ميلادية 41 هجرية الذي عُرف بعام الجماعة، وبدأ به عهد الدولة الأموية، وعلى هذا أصبح معاوية بن أبي سفيان هو مؤسس الدولة وأول حكامها.

خلفاء الدولة الأموية

تعاقب على حكم الدولة الأموية 14 خليفة، بداية من المؤسس معاوية بن أبي سفيان حتى آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد. وقد قسَّم المؤرخون عهد الدولة الأموية إلى أربعة أقسام، هي مرحلة التأسيس، ومرحلة الصراعات، ومرحلة القوة، ومرحلة الضعف والسقوط. ومن أشهر خلفاء الدولة الأموية على مدار تاريخها الذي وصل إلى نحو 91 عامًا كل من:

معاوية بن أبي سفيان

يُعد معاوية مؤسس الدولة الذي عُرف بحنكته السياسية ودهائه في إدارة الصراع. تولَّى الخلافة مدة 19 عامًا استطاع خلالها تحقيق كثير من الإنجازات التنظيمية، إضافة إلى اتساع الدولة في عهده، حتى شملت جزيرة رودس وبلاد السند، إضافة إلى محاولات عدة لفتح القسطنطينية.

اتسعت الدولة الأموية في عهد معاوية بن أبي سفيان حتى شملت بلاد السند

عبد الملك بن مروان

تولى عبد الملك بن مروان الخلافة بعد وفاة أبيه مروان بن الحكم، ويعد عهده بداية مرحلة القوة والازدهار؛ فقد استطاع توحيد الخلافة بعد خلافات وانقسامات عدة، إضافة إلى إصداره العملة الإسلامية الموحدة، وقيامه بتعريب الدواوين، وكثير من الإنشاءات والفتوحات التي أكملها من بعده ابنه الوليد بن عبد الملك.

عمر بن عبد العزيز

يُعد عمر بن عبد العزيز أشهر خلفاء بني أمية؛ نظرًا لأنه وُصف بالحاكم العادل والخليفة الراشد. فقد تولى الحكم بعد وفاة سليمان بن عبد الملك الذي أوصى له بالخلافة من بعده.

وكان منهج عمر بن عبد العزيز يقوم على العدل ونشر العلم والعمل بكتاب الله وسنة الرسول ورفع الظلم عن الناس. وعلى الرغم من أن سنوات خلافته لم تتجاوز العامين والنصف، فإنه استطاع فرض الاستقرار، ووصلت في عهده الدولة الإسلامية إلى قمة ازدهارها على كل المستويات.

مروان بن محمد

مروان بن محمد هو آخر خلفاء بني أمية، وعُرف أيضًا باسم (مروان الحمار) نظرًا لقدرته على التحمل والجلد والصبر. قُتل على يد العباسيين عام 132 هجرية، وبقتله سقطت الدولة الأموية، وبدأ عهد جديد هو عهد الخلافة العباسية.

إنجازات الدولة الأموية

شهد عصر الدولة الأموية كثيرًا من الإنجازات في المجالات كافة. ولعل أبرز هذه الإنجازات ما يلي:

الإنجازات العلمية للدولة الأموية 

اهتمت الدولة الأموية بالعلم، خاصة في مرحلة التطور والازدهار، فقد عرَّبوا العلوم وترجمتها وتدوينها؛ ما ساعد في دراستها والاطلاع عليها.

وتم إنشاء المدارس المنظمة والمستشفيات التي تختص بعلاج الأمراض المختلفة، وقامت الدولة بتسجيل الأخبار والمعلومات وحفظها وتناقلها، وحظي العلماء بمكانة كبيرة في عهد الدولة الأموية شجعتهم على البحث والدراسة والتجريب والابتكار، وأخرجت العطايا والمرتبات للقائمين على العملية التعليمية والعلمية.

الإنجازات الاقتصادية للدولة الأموية 

نظرًا لاتساع رقعة الدولة الإسلامية في عهد الخلافة الأموية، زادت الموارد وارتفع مستوى المعيشة على نحو واضح، وسيطرت الدولة على معظم طرق التجارة الداخلية والخارجية، ولم تفرض الدولة الأموية قيودًا على حركة التجارة؛ ما ساعد في زيادة معدلات الاستيراد والتصدير بين الولايات وبعضها وبين الدولة الإسلامية والدول المجاورة، وظهرت العملة الإسلامية التي عززت قيمة الاقتصاد في عهد الدولة الأموية.

زيادة معدلات الاستيراد والتصدير

إنجازات الدولة الأموية الاجتماعية

مع التطور العلمي والاقتصادي في عهد الدولة الأموية أصبح المجتمع أكثر زخمًا وثراء وتطورًا، فقد تعددت مظاهر التطور الاجتماعي مثل استخدام الشوك والملاعق والموائد والكراسي، والاهتمام بالمناسبات الاجتماعية، واقتناء الملابس الفخمة، وتأسيس مصانع النسيج المطرز، وتمهيد الطرق، وانتشار الحانات والفنادق والاستراحات، وهو ما يُعد تطورًا كبيرًا للمجتمع العربي والإسلامي في ذلك الوقت.

واهتم الأمويون كثيرًا بتأسيس المدن الجديدة، فظهر في عهدهم كثير من المدن مثل حلوان في مصر، وواسط في العراق، والقيروان في المغرب، والرملة في فلسطين.

سقوط الدولة الأموية

مرت الدولة الأموية بأوقات من التطور والازدهار والسيادة والقوة، ودخلت أيضًا في المرحلة الأخيرة من تاريخها التي تضمنت كثيرًا من العوامل التي أدت إلى سقوطها في النهاية. ومن أهم هذه العوامل ظهور الخلفاء الضعفاء الذين انصرفوا كثيرًا عن أمور الحكم إلى الترف وملذات الحياة، إضافة إلى الانقسام الكبير الذي حدث بسبب الخلاف على ولاية العهد.

ومن أبرز عيوب الدولة الأموية التي أدت أيضًا إلى سقوطها في النهاية هو النزعة القبلية، فقد كان حكام الدولة الأموية يفضلون العنصر العربي على باقي العناصر على الرغم من أنها دولة إسلامية، لذا كانت العناصر غير العربية في حالة ثورة مستمرة على الحكم الأموي؛ نظرًا لحرمانهم من كثير من المميزات التي تُمنح للعناصر العربية.

قامت أيضًا كثير من الثورات ضد الأمويين في نهاية عهد الدولة الأموية من قبل الشيعة والخوارج، إضافة إلى ظهور الدعوة العباسية التي نادت بسقوط الدولة الأموية، وتولي العباسيون الخلافة في نهاية الأمر، قبل فرار عبد الرحمن بن معاوية (عبد الرحمن الداخل) والملقب بصقر قريش إلى الأندلس، وإعادة إحياء الدولة الأموية في الأندلس، والتي امتدت عقودًا طويلة قبل سقوط الأندلس.

سقوط الدولة الأموية

في نهاية هذا المقال الذي تضمن جولة سريعة في تاريخ الدولة الأموية نرجو أن نكون قدمنا لك المتعة والإضافة، ويُسعدنا كثيرًا أن تشاركنا رأيك في التعليقات، ومشاركة المقال على مواقع التواصل؛ لتعم الفائدة على الجميع.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.