الدراما وتأثيرها في صياغة الأخلاق والقيم
وسائل الإعلام من أكثر عوامل التأثير في المجتمعات، بل أصبحت هي من تصنع الذوق العام، وتوجه سلوك المجتمعات، وتوحي للعامة والخاصة فترفع من شأن هذا، وتحط من قدر ذاك.
الآثار السلبية لصاحبة الجلالة
ولم يكونوا مجانبين للصواب حينما أطلقوا عليها السلطة الرابعة، أو صاحبة الجلالة؛ لقوة تأثيرها وسطوتها على الجمهور.
ما يثير الانتباه في أعمال الدراما العربية أنها تتطرق لمسائل اجتماعية كثيرة وتدخل في المشاكل والقضايا الحياتية للناس، ثمة مشاهد درامية متكررة ملفتة للنظر.
والناظر إليها بتمعن يشعر أنها مقصودة بذاتها، مثل تناول المخدرات ومعاقرة الخمور أو تناول السجائر والأراجيل، أو تبادل القبل والضم والنظرات الشهوانية الوقحة، مع أنها في غالبيتها لا تكون ضرورية في سيرة العمل الدرامي ولا تؤثر مطلقًا في سيرورة العمل.
بل وقد تجدها في بعض الأحيان هي لقطات لملء فراغ أو لزيادة وقت العمل الدرامي ليس إلا، والسؤال هنا لماذا نقحم مثل هذه المشاهد في العمل الدرامي خاصة إذا كان المشهد لا يخدم الفكرة المطروحة بالمطلق؟ هل سأل المخرجون أنفسهم هذا السؤال؟ هل سأل المخرجون أنفسهم عن مدى تأثير هذا على الناشئة من أولادنا ومستقبلهم؟
هل سأل المخرجون أنفسهم إلى أين يذهبون بأولادنا حين يزرعون باللّاوعي لديهم أن تناول الخمرة شيء طبيعي في حياة الإنسان أو السجائر أو الأراجيل هي من صلب حياة البشر؟ بل وقد يوحون للبعض في مشهد مؤثر أن الدخان يريح الأعصاب بعد مشهد من العصبية والغضب والهياج، أو مشهد آخر لتناول نفس الأرجيلة على سفح جبل أو مكان جميل تكسوه الخضر فتقترن الأرجيلة بتلك المتعة التي يصورها لنا المخرج.
ستجد أيضاً على منصة جوك دراما رمضان بين التجديد والبهتان
كيف تخاطب اللاوعي عند المتلقي؟
(كوبلز) وزير الإعلام الألماني في عصر هتلر كان يقول: "اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس"، وهذا الأمر معروف في علم النفس فإن إصرارك على وضع دعاية لمنتج ما يراه الناس في كل مكان يرسم عندهم باللّاوعي أن هذا المنتج جيد. ولو دخل أحدهم إلى متجر يريد شراء حاجة من صنف ما فورًا يخطر في باله ذاك المنتج الموصوف بالإعلان أكثر من غيره من المنتجات.
ولذلك نجد أصحاب المعامل ينفقون الآلاف على وسائل الدعاية لمنتجاتهم، وقياسًا على هذا فإن الإصرار والتأكيد على مشهد ما وتكراره يخلق لدى المشاهد فكرة أن هذا الأمر طبيعي فمثلًا حين تمّ تقديم المسرحية المصرية الشهيرة (مدرسة المشاغبين)، وركزت على انحطاط أخلاق الطلبة، واستهزائهم بالمعلمة، والمعلم ثم بمدير المدرسة الذي جعلوا منه أضحوكة.
هذه المشاهد التي شاهدها الملايين من أبنائنا في كل العالم العربي انعكست على أخلاقهم وتعاملهم في المدارس مع معلميهم بعد مرور بعض الوقت، واكتشف أخيرًا أن مؤلف العمل كان يرمي إلى هذا بالضبط لإفساد جيل بأكمله، وكان له ما أراد.
ألم يسأل المخرجون أنفسهم ماذا يقولون لرب العالمين إذا سألهم لماذا افسدتم عبادي بأفلامكم تلك؟
ستجد أيضاً على منصة جوك السهل الصعب عند ملكة الدراما
ثم لماذا يصر صناع الدراما أولئك على إيراد تلك الصور، ولا يوردون صورًا ومشاهد لشاب يدعو لمكارم الأخلاق، أو شاب يقدم الخدمة للناس أو يساعد الآخرين، أو شيخ يدعو من حوله لسمو الأخلاق، ورفعتها، والتأكيد على محاسن الأخلاق والتعامل الحسن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولننظر قول الباري سبحانه وتعالى حين يؤكد على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله: "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور." الحج 41.
فانظر إلى أثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في رقي الأمم ونهضتها عبر التواصي بالحق والتواصي بالصبر، ثم انظر إلى أثر تعطيل هذه الأخلاق في المجتمعات.
هل هذه الأفكار تفوتهم أم أنها لا تخطر لهم على بال؟
العمل الدرامي رسالة تقدمها لمجتمعك، واعلم أنك مسؤول أمام الله عما قدمت، فإذا كانت رسالتك سامية أُجرت عليها، وإذا كانت رسالتك ساقطة وزرت عليها، هذا تذكير وموعظة لعل الذكرى تنفع المؤمنين.
ستجد أيضاً على منصة جوك الصعيد المصري الذي شوَّهته الدرما
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.