في هذه اللّيلة، لم أقم بإشعال المدفأة لأنّ الجو لم يكن بتلك البرودة الَّتي كان بها البارحة، ارتديت معطفي وخرجت لأستنشق قليلاً من الهواء النّقي اللّيلي في الخارج، نظرت من حولي لم أجد إلّا نفسي، لا بدّ أن جميع النّاس نائمون،... لحظة رأيت للتو ضوءًا خافتاً من بيت أحدهم، قلت في نفسي ماذا يفعل هذا الشخص في هذا الوقت المتأخر من اللّيل، قلت ربما جالسٌ على ضوء هاتفه ويحتسي الخمر، لأنّي رأيت بيده زجاجة تكاد تفلت من يده من شدّة سكرته...
قلت في نفسي ولماذا أتدخل بأمور لا تخصّني، وأصلًا لماذا أنظر إلى بيوت النّاس، شعرت بالذنب قليلًا حينها، استمرّت هذه اللّيلة بلا أصوات بالخارج وكأنّنا في المدرسة عندما يقولُ لنا الأستاذ سوف أرمي الإبرة وأريد أن أسمع صوتها، بعيداً عن ذلك، كان الظّلام حالكاً، وما زال القمر يصدر ضوءًا خافتًا بالكاد أراه، لم يكن بوسعي حينها إلّا أن أنظر إلى جماله الَّذي لا يُضاهى، أحضرتُ هاتفي وفتحتُ على تطبيق الكاميرا لكي أرى القمرَ من قريب، بدأتُ بتقريب عدسة الهاتف أكثر فاكثر وكلّما كنت أُقرّب اكثر يزداد القمر قباحة، لكن قلت في نفسي ربما عدسة هاتفي من الطّراز القديم وربما لا، لا أعلم لكن أخذت عبرة جميلة من هذا الموقف، ألا وهي ألّا نحكم على شيء بمجرّد رُؤيتنا له من بعيد، فالظمئان يرى كل شيء من بعيد وكأنّه ماء، ولكن عندما يقترب لا يرى سوى اللّا شيء...
وهذا بالفعل حدث معي عند تقريبي للقمر، لم أرَ سوى اللّا شيء، لهذا السّبب توخّى الحذر أيُّها القارئ، وكما يقولون ليس كل ما يلمع ذهباً... لن أطول عليك اليوم لأنّه بمجرّد رُؤيتك السطحية لكلماتي ستشعر بالملل، فكيف إذا بدأتَ بقراءتها، احتمال أن تقوم بحظري، بالإضافة إلى أنّني مشغولٌ بكتابةِ رواية من شدّة سخافتها لن يقرأها أحد غيري...
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.