الحياة قبل السوشيال ميديا.. خواطر اجتماعية

هل تذكرون كيف كانت الحياة قبل أن تُغرقنا السوشيال ميديا في موجاتها المتلاطمة؟ كيف كانت الأيام تسير بهدوء وكأنها لا تهتم بأي شيء سوى أن تترك لنا مساحة للتنفس؟

كانت الحياة أكثر سكونًا، ربما أكثر أمانًا، لكنها كانت أيضًا أكثر حرية في بعض الأحيان. كان لدينا الوقت لنعيش اللحظة، لا لنشاركها، وكان لدينا القدرة على أن نكون أنفسنا دون أن نضطر للمقارنة مع حياة شخص آخر في طرف العالم الآخر.

قبل السوشيال ميديا، كانت المجالس الحقيقية هي ما يشدنا، لا تلك التي تُفتح أمامنا على شاشة الهاتف. كنا نلتقي وجهًا لوجه، نتحدث كما لو أن الكلمات هي ما يشبع الروح، لا مجرد أسطر مرصوصة على شاشة صغيرة.

كانت المحادثات تدور حول الأحاسيس والذكريات، كانت لحظاتنا مشتركة بصدقها، لم تكن مُفلترة ولا معروضة لأعين الغرباء.

الحب كان يُعاش ببطء، ليس مثلما نراه اليوم حيث تُقاس علاقاتنا بعدد الرسائل، والإعجابات، والمشاركات. كنا نكتب رسائل بخط يدينا، نسأل عن الأحوال عبر الهاتف، نستقبل الوعود والتواريخ على أرض الواقع، لا في توقيتات مزاجية عبر تطبيقات لا تفهم المشاعر.

أما اليوم، في عالم السوشيال ميديا، أصبحنا نعيش حياتنا مُجتزأة، جزء منها في الحقيقة وجزء آخر في وهم. أصبحت السوشيال ميديا هي المقياس لكل شيء؛ من ملامحنا إلى خياراتنا، من رغباتنا إلى خيباتنا. هل يعجبهم ما نرتديه؟ هل يعجبهم ما نكتب؟ هل ترسل صورنا أكبر عدد من الإعجابات؟

أصبحنا نستيقظ على أشخاص غرباء يتابعون حياتنا من بعيد، ونحن نعيش في دوامة من الأسئلة عن كيف نُظهِر أنفسنا على نحو مثالي أمامهم.

وتوجد فئة أخرى، تُفرغ حياتها في صور ومقاطع فيديو لا يظهر جزءًا من حقيقة الحياة، فقط تقنع نفسها أنها تُحيي اللحظة في حين هي تختطفها. لكننا في السابق، لم نكن بحاجة لآخرين ليمدحونا، كنا نعرف قيمتنا بأنفسنا، نعيش في حدود صغائر الأمور التي تمنحنا السعادة بعيدًا عن محاولات المباهاة.

لكن لا يمكننا إنكار أن السوشيال ميديا قدمت لنا بعض المزايا. فتحت لنا نوافذ جديدة للتواصل، وأصبحت تُتيح لنا فرصة للانفتاح على عوالم قد تكون بعيدة عنا. ولكن، في الوقت ذاته، جعلتنا نسجن أنفسنا في رقعة ضيقة من الصور المثالية والآراء الجاهزة.

اليوم، قد يعتقد بعضنا أن السوشيال ميديا هي الأفق الوحيد للحياة، في حين كان العالم قبلها أكثر تسامحًا مع فوضانا، وكانت لحظاتنا أقرب للواقع وأقل عرضة للفلاتر. كانت الحياة قبل السوشيال ميديا أكثر بساطة، أكثر أصالة، وأقل انشغالًا بالكمال.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة