عالم الفراعنة والمصريين القدماء عالم يلفه الجمال والعجائب والألغاز والأساطير، كما تلف شرائط الكتان المومياوات المصرية القديمة. فكم سمعنا ورأينا أمورًا بديعة تخص ذلك العالم، خنجر مصنوع من معدن فضائي، أهرام لا أحد يعرف كيفية بنائها، تمليح وتجفيف لجثث الموتى وحفظها لآلاف السنين، وغير ذلك.
ولكن الذي قد يسقط منا سهوًا هو: كيف جرت الأمور في أيام الفراعنة؟ أي كيف أدار الملوك تلك البلاد العظيمة؟ وكيف كانت الحياة السياسية للمصريين القدماء؟ كل ذلك وأكثر تعرفه الآن في ذلك المقال؛ لذا أحضر معك سلة كبيرة لتضع فيها المعلومات التي ستجمعها من ذلك المقال.
كم أسرة فرعونية حكمت مصر؟
بدأ عصر الأسرات المصرية منذ عام 3200 قبل الميلاد، وذلك منذ توحيد مصر العليا والسفلى على يد الملك "نعرمر" أو "نارمر". ووصل عدد الأسرات الفرعونية إلى 30 أسرة. ولكن انتظر، لم يكن الوضع قبل ذلك بدائيًّا وبلا تاريخ كما تتخيل، بل كان بمصر تاريخ يمتد آلاف وآلاف السنين، ولكن كانت تلك الحضارات حضارات مدن، أي كانت المدينة دولة فيما قبل تمثل الأسرات.
نظام الحكم عند الفراعنة
في البداية كان نظام الحكم الفرعوني نظامًا مميزًا للغاية، فإذا دققت في التاريخ ستجد أنه أكثر الأنظمة نجاحًا، وصاحب أطول مدة حكم في التاريخ القديم والحديث أيضًا. فتجد مثلًا ملكًا مثل "بيبي الثاني" انفرد بحكم مصر مدة تصل إلى 94 عامًا. وفيما يلي استعراض لبعض النقاط في نظام الحكم المصري.
النظام في مصر كان مقسمًا على أربعة دعائم، هي: الفرعون أو الملك، والوزير، والإدارة المركزية، وحكام الإقليم.
الملك
أهم فرد في هرم السلطة في مصر القديمة، كان يعامل حرفيًّا لا مجازيًّا على أنه ابن الإله، كان يتمتع بسلطة قوية جدًّا في مصر القديمة، وكان واجبًا على المصريين القدماء طاعته وتقديسه، لدرجة أن يوم وفاة الملك كان يعد انتصارًا لقوى الشر على الخير؛ لذا كان يعين الملك التالي فجر ثاني يوم وفاة الأول.
كان الملك يعيش في القصر الخاص به الذي كان يُصنع من الطوب اللبن، وكانت أهم مهامه هي تأمين البلاد والدفاع عنها، وبناء المعابد، وإنشاء حياة تسودها العدالة في مصر. وكانت أيضًا من ضمن الوظائف المهمة للملك خدمة الآلهة، فمسئولية تنفيذ أوامر الآلهة كانت تقع على عاتقه.
لأن الفرعون أو الملك هو الشخص الوحيد الذي له القدرة على الاستماع للآلهة والتحدث معهم، فهو في معتقدات المصريين القدماء ابن الآلهة، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يتحدث معهم ويأخذ منهم الأوامر. وكان يبني معبدًا أو يحفر بئرًا أو ينحت مسلة، وكان الملك هو الشخص الوحيد القادر على أن يقترب من التمثال المقدس للإله، ولكن الكهنة كانوا هم الذين ينوبون عنه.
الوزير
هو الرجل الثاني في البلاد بعد الملك مباشرة، أو كما نقول "الذراع اليمين"، ونستطيع أن نقول إنه كان الرئيس المباشر والفعلي للحكومة، وكان لا بد أن تتوافر فيه بعض الشروط لاختياره، منها حسن السيرة والخبرة والأخلاق والعدل، وقد كتب الوزير "رخ مي رع" وزير الملك تحتمس الثالث بعض النصائح لمن يريد أن يصبح وزيرًا في يوم من الأيام، أو يجب على الوزير أن يلتزم بها، وهي:
- التصرف طبقًا لما يمليه القانون.
- القضاء والحكم بنزاهة.
- لا تتصرف حسب جموحك ونزواتك أو حسب عنادك.
وكان الوزير في بعض الأحيان من أهل وأقارب الملك، وكان هناك ملوك كثر في مصر القديمة عينوا أولادهم وحفدتهم وأزواج بناتهم وزراء لهم. أيضًا في الدولة الحديثة كان يقوم كل ملك بتعيين وزيرين، وزير لمصر العليا يسكن في طيبة، ووزير لمصر السفلى يسكن في منف، وكان الوزير مسئولًا عن كل كبيرة وصغيرة في الدولة، بل أحيانًا كان يقوم بمهام الملك بنفسه، كأن يجمع عينات من المياه، وأيضًا كان مسئولًا عن القضاء، وإدارة القصر الملكي وحماية الأسرة المالكة.
الإدارة المركزية
تقع تحت رئاسة وإدارة الوزير ومجموعة من مديري الإدارات الأخرى، وكانوا من الكتبة، لأن وظيفة الكاتب تشبه من يلتحق بكلية، فوظيفة الكاتب كانت تفتح لك طرقًا كثيرة للترقي فيما بعد.
وكان من أمثلة الإدارات في مصر القديمة "إدارة الوثائق الملكية، وإدارة النسخ والمحفوظات، وإدارة الحقول والخزانة، والأشغال والقضاء"، وكان الأمر يشبه الوزارات في الوقت الحالي.
حاكم الإقليم
كان يختاره الملك، وكان بمنزلة ظل الملك في كل إقليم، فقد كان حكام الأقاليم ينوبون عن الملك في الحكم في الإقليم، وكان الوزير هو من يشرف عليهم، ويشاركه في ذلك الإدارات المركزية بواسطة مديري الإدارات. وطبعًا كما درسنا في أثناء طفولتنا في مادة الدراسات الاجتماعية.
كانت هواية حكام الأقاليم المفضلة هي الانفصال بأقاليمهم في أوقات ضعف البلاد، وكان يتمتع حاكم الإقليم بقدر عالٍ من الثراء، فكان يعيش في قصر، ويلبس أفضل الثياب، ويأخذ الهبات الملكية وما إلى ذلك.
إننا بذلك نكون قد شرحنا سببًا من أسباب تفوق المصرين القدماء، ألا وهو النظام، لم يكن الملك هو المسئول الوحيد عن البلاد، فكيف له أن يحارب ويبني المعابد ويدير شئون البلاد ويتواصل مع نظرائه الحكام وحده؟ لذا فقد احتاج إلى وزير، ومن بعد الوزير احتاج إلى إدارة مركزية للتحكم في موارد البلاد والاستفادة منها أكبر استفادة، فكانت البلاد تدار بمنظومة محددة، وذلك درس علينا أن نطبقه في حياتنا، النظام عزيزي القارئ هو الكفيل بتحويل حياتك إلى أفضل نمط ممكن.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.