الحوسبة الخارقة.. حوسبة مستوى الإيكسا

الحوسبة على مستوى الإكسا Exascale Computing

1,000,000,000,000,000,000 operations per second

كما يُشير عنوان المقال فالحديث هو عن الحاسوب/ أو السوبر حاسوب ذو القدرات الخارقة القادر على تنفيذ 1018 عملية حسابية بالثانية.

الواحد الذي على يمينه 18 صفرا يدعى كيونتليون quintillion

الجميع يتسابقون للوصول إلى مستوى الإكسا، ولكن من الذي سيصل أولًا فإنه غير معروف.

جاك دونغارا

"Everyone’s racing to exascale. Who gets there first, I don’t know.

—Jack Dongarra”

صفوف من الخزائن تحتوي قوى معالجة مذهلة لأحد أفضل السوبر كمبيوترات في العالم والمسمّى القمة Summit في المخبر القوميّ في اوك ريدج Oak Rodge National Laboratory في ولاية تنسي TN. وإن الحوسبة على مستوى الإكسا ستتجاوز إمكانيّات الحاسبات الموجودة بمدى كبير وتتفوق عليها.

 

شعار مشروع الحوسبة على مستوى الإيكسا

تُعدّ السوبر كمبيوترات الوليدة المعتمدة على مستوى الإكسا بتطورات كبيرة، ولكن أيضًا تبرز تحديات وإننا سنستمرّ في سلسلة المقالات التي تطلع القرّاء العرب على الجديد في التكنولوجيا، وقد اخترنا مجال الحاسوب في هذه المرّة نظرًا لأهميّته وتسابق العالم المتطوّر غربه وشرقه على إحراز قفزات مهولة من شأنها أن تغيّر العالم وخاصّة مجال السوبر كمبيوتر/ الحوسبة الفائقة Supercomputing.

ففي الأساس كان الحاسوب جهازًا خاصًا بالوزارات والجامعات ومراكز البحث، وكان يسمّى mainframe قبل أن ينتشر على المستوى الفرديّ والشخصيّ ليصبح personal computer (PC) بسبب رخص المكوّنات وتقدّم تكنولوجيا التصنيع والتكامل للشرائح/ الرّقائق الإلكترونية (خاصّة المعالجات والذواكر) وظهور الشبكات وخاصّة الإنترنت فيما أحدث ما يُعرف بثورة المعلومات أو عصر انفجار المعلومات IT revolution / explosion of information.

وسريعًا ما تطوّرت وزادت سرعات المعالجة بسبب تطوير المعالجات التي تعمل بمبدأ المعالجة التفرعية parallel processing ممّا مكّن أحد الباحثين الأمريكيين -مارفين مينسكي- من تحقيق وصل لعشرات آلاف المعالجات (تقريبًا 50 ألف معالج) ليصبح لهذا النظام قدرات خارقة لا يتصوّرها العقل، ومن هنا ظهر ما يسمّى بالحاسوب الخارق أو السوبر كمبيوتر وتمخض عنه علم خاصّ هو علم الحوسبة الخارقة.

لماذا نحتاج الحاسبات الخارقة؟

هناك مجالات عمليّة وآفاق بحثيّة تحتاج لمعالجة كميات هائلة من البيانات خاصّة تلك الديناميكية والمتغيّرة بسرعة مثل التنبؤ بالطقس أو النمذجة، والمحاكاة لنظم معقدة مثل دراسة العوامل الداخلة في حدوث المرض على المستوى الخلوي (مثل السرطان)، والنظم الهندسية المعقدة مثل الصواريخ الفضائية، والطائرات، والزلازل، والبراكين، وتفشي الأمراض، والتنبؤ بالجائحات مثل كورونا، أو نشوب نزاعات وحروب في مناطق توتر معينة، أو التصحّر والتغيُّر المناخي، وهي مجالات إستراتيجية فائقة الأهميّة يتوقف عليها مستقبل الجنس البشريّ...

حيثُ ينتج عن الدّراسة والتحليل معادلاتٍ رياضيةٍ يتمّ حلّها بطرق المصفوفات التي تتطلّب إجراء عمليات ضربٍ معقدة لمصفوفات من المرتبة n x n (لضرب مصفوقة 2× 2 نحن بحاجة لثمانية عمليات ضرب وعدّة عمليات جمع) ولك أن تتخيّل كم يُمكن أن تكون n وكم يُمكن أن تستغرق هذه العملية –ربما ساعات أو أيام بل شهور في حال استخدام حاسبات عادية. لذا كان لزامًا لإحداث اختراق في هذه المجالات العملية وجود حاسبات ذات قوّة حسابية عالية وتقدر قدرة الحسابات على المعالجة بعدد عمليات الفاصلة العائمة التي تستطيع تنفيذها بالثانية operation/ flop per second حيث كانت المعالجات سابقًا تستطيع تنفيذ ملايين العمليات بالثانية 10 6 / ميغا mega ثمّ تطورت فأصبح بلايين 10 9 / جيغا giga ومن ثمّ وصلت لمستوى التيرا 10 12 terra ومن ثمّ مستوى البتا 10 15 peta والآن السباق يمضي إلى مستوى الإكسا 10 18 أو exca.

في إحدى المقالات العلميّة الجميلة بقلم آدم مان كتب يقول: في وقت ما السنة القادمة فإن المدراء في وزارة الطّاقة الأمريكية US Department of Energy (DOE) في مخبر أرغون القوميّ في ليمونت، إيلينيويز Argonne National Laboratoryin Lemont, IL سيقومون بتشغيل آلةٍ حاسبة بحجم 10 ملاعب تنس، وسيدخلون البلاد في عصرٍ جديدٍ من الحوسبة.

وهذا الحاسب العملاق الذي كلّف 500 مليون دولار يسمّى أورورا Aurora وسيصبح أول سوبر كمبيوتر على مستوى الإكسا في العالم، والذي يقوم بتنفيذ 10 18 أو كوينتليون quintillion عملية بالثانية. ويتوقع أن يملك أورورا ضعف الأداء الأعظميّ للرقم القياسيّ الذي يملكه الحاسب الخارق المسمّى Fugaku (اسم آخر لجبل فوجي) في مركز RIKEN لعلوم الحاسبات في كوب في اليابان Kobe, Japan.

ويخدمُ Fugaku مجال التقدُّم العلميّ الحديث حيث يقوم بمحاكاة حاسمة للاكتشافات في مجموعة واسعة من الحقول العمليّة، ولكن الانتقال لمستوى الإكسا لن يكون سهلًا. "بنمو وتطوّر هذه الآلات فإنه يصبح من الصعوبة بمكان استثمارها بشكل فعّال" كما يقول داني بيريز Danny Perez الفيزيائيّ في مخبر لوس ألاموس القوميّ في نيكومكسيكو. "علينا تغيير منطلقاتنا الحاسوبية paradigms وكذا كيفيّة كتابة برامجنا وكيفيّة تنظيم/ ترتيب وإجراء الحوسبة وإدارة البيانات/ معالجاتها".

وهذا لأن السوبر كمبيوترات هي آلات ضخمة مكوّنة من خزائن تحوي مئات آلاف المعالجات، وبالنسبة لهذه المعالجات كي تعمل ككيانٍ واحدٍ فإن على السوبر كومبيوتر أن ينقل البيانات من وإلى أجزائه المتعدّدة، وإجراء أعدادٍ هائلة من الحسابات بنفس الوقت، وكلّ ذلك بينما يتمّ استهلاك الحدّ الأدنى من القدرة الكهربائية، وكتابة البرامج لمثل هذه الحوسبة التفرعية غير سهل، والمنظّرون يحتاجون لإيجاد أدوات جديدة مثل تعليم الآلات machine learning والذكاء الاصطناعيّ artificial intelligence (AI) لتحقيق اختراقات عمليّة.

وبوجود هذه التحديات، فقد كان الباحثون يخطّطون للحوسبة على مستوى الإيكسا منذ أكثر من عقد، وتتنافس العديد من البلدان للوصول إلى مستوى الإيكسا أولًا، وكان يقال بأن الصين ستصل لذلك في نهاية 2020م بالرّغم من أن الخبراء خارج البلاد قد أعربوا عن شكوكهم بهذا التوقيت حتى قبل التأخيرات الناتجة عن جائحة كورونا، وكان هدف الولايات المتّحدة جعل أورورا يعمل خلال عام 2021م، والمهندسون في اليابان والاتّحاد الأوروبيّ أيضًا يركضون وراء هذا الهدف، وبالإضافة للحقوق الفخرية فإن الدولة التي ستحقق هذا الهدف أولًا ستكون الرّائدة في الثورات العلمية مستقبلًا.

الطفرة الحاسوبيّة

إن الزيادة في قدرات الحاسبات منذ وقت طويل يتبع قانون مور Moore’s Law نسبة للعالم الذي لاحظ في عام 1965م، أن قوة المعالجة لرقائق الحاسبات كانت تتضاعف كل سنتين. وقد خالفت السوبر كمبيوترات هذه القاعدة حيث تمكّنت من الانتقال من مستوى المعالجة لآلاف العمليات في الثانية إلى ملايين فبلايين ثم تريليونات العمليات بالثانية، وهذا تقريبًا زيادة بمقدار ألف ضعف في قدرة الحاسب خلال عقد من الزمن.

ومثل هذه الحوسبة القوية تتطلب كميات كبيرة من الكهرباء ولسوء الحظ فإن جل هذه الطاقة الكهربائية كانت عبارة عن ضياعات حرارية وهذا أمر مهم طرأ في منتصف فترة 2000sم حيث توصل الباحثون إلى مستوى البيتا القادر على تنفيذ 10 15 عملية بالثانية، وفي عام 2006م حلّت شركة IBM جزئيًا هذه المشكلة بتصميم رقائق تعرف بوحدات معالجة الرسوميات (graphics processing units(GPUs التي استهدفت لعبة بلاي ستايشن 3 من سوني وهذه الرقائق متخصصة في معالجة الصور عالية الوضوح وهي تقسم الحسابات المعقدة إلى مهام أصغر يتم تنفيذها بنفس الوقت وهي عملية تعرف بالمعالجة التفرعية / على التوازي مما جعلها أسرع وأكثر توفيرا للطاقة من  وحدات المعالجة المركزية العامة وإن GPUs  أصبحت مستخدمة في السوبر كمبيوترات. وفي عام 2008 عندما أعلن مخبر لوس ألاموس عن السوبر كمبيوتر Roadrunner وهو أول سوبر كمبيوتر يعمل على مستوى البيتا فكان يحتوي على 12,960 شريحة تتضمن GPUs مع 6,480 وحدة معالجة مركزية وكان مستوى أدائه ضعف أفضل نظام التالي في ذلك الوقت.

وإلى جانب GPUs فإن Roadrunner تضمن ابتكارات جديدة لتوفير الكهرباء مثل تشغيل العناصر فقط عند اللزوم. ومثل هذا الوفر في الطاقة كان مهما لأن التوقعات لتحقيق مستوى الإكسا التي وضعها المهندسون بأن هذا سيتطلب نصف محطة نووية لتغذية حاسب بعمل بهذا المستوى، كما يقول بيريز.

ومن أجل مثل هذه السوبر كمبيوترات المتصلة مع بعضها فإن الأداء يمكن أن ينخفض بسبب الاختناقات مثل المقدرة على النفاذ للذاكرة أو تخزين واستعادة البيانات بسرعة. وإن الآلات الأحدث في الحقيقة تحاول تجنب تزاحم المعلومات بالقدر الممكن مثل إعادة حساب كمية بدلا من إعادة تخزينها في ذاكرة بطيئة وإن المسائل المتعقلة بالذواكر واستعادة البيانات فقط يتوقع أن تكون أسوأ في مستوى الإيكسا. وإذا كان هناك أي رابط في سلسلة الحوسبة فيه اختناقات فإنه يمكن أن يتحول إلى مشاكل أكبر. وهذا يعني أن أداء الآلة الأعظمي وهو أعلى قوة معالجة نظرية يمكن ان تصلها سيكون مختلفا عن القيمة الحقيقة للأداء الممكن التوصل له.

" في أفضل حالة يمكننا الحصول على مردود يبلغ حوالي 60 أو 70 من القيمة النظرية " كما يقول ديبي كيان وهو عالم حاسوب رفيع المستوى في جامعة باي هانغ في بكين، الصين والذي يساعد في تحقيق طموحات الصين للتوصل إلى مستوى الإيكسا.

إن الهاردوير ليست التحدي الوحيد ولكن البرمجيات لها مشاكلها الخاصة. فقبل الانتقال إلى مستوى الإيكسا فإنه يجب الحصول على التحسينات في الأداء المحققة وفق قانون مور والتي كانت تتم بدون الحاجة للتفكير في كيفية كتابة البرنامج.

حيث كانت المقولة السائدة " عليكم فقط استخدام البرامج القديمة" حيث يقول بيريز إن هذا قد انتهى. إن سهولة المنال التي تحققت جزئيا بسبب GPUs ولكن قبل أن تستخدم كان هناك برامج تستخدم المعالجة المتوازية لتحقيق السرعة وقد قسمت إلى أجزاء التي يتم تنفيذها بنفس الوقت على وحدات معالجة مركزية مختلفة وأصبحت العملية حتى أكثر صعوبة عندما كان يجب تنفيذ أجزاء من برنامج على وحدة معالجة معينة وأجزاء أخرى تنفذ على وحدة معالجة مركزية أخرى.   

تحتوي آلات مستوى الإيكسا على 135,000 من وحدات GPUs  و50,000 وحدة معالجة مركزية، وكل من هذه الشرائح تملك العديد من وحدات المعالجة التي تتطلب من المهندسين كتابة برامج التي تنفذ تقريبا بليون تعليمة بنفس الوقت. وهكذا فإن تشغيل المحاكاة العلمية القائمة على حاسبات مستوى الإيكسا لن يكون أمرًا بسيطًا. "إنه ليس مجرد أخذ المحاكاة ووضعها على حاسب كبير "يقول L. Ruby Leung وهو عالم في طبقات الغلاف الجوي في ريتشلاند ويسكونسن.

حيث إن الباحثين مجبرون على إعادة التحقق من ملايين أسطر البرامج وضبطها بالشكل الأمثل للاستفادة من البنى الفريدة لحاسبات مستوى الإيكسا، بحيث أن البرامج يمكن أن تصل قريبة من قوة المعالجة العظمى النظرية قدر المستطاع. وإن الفرق حول العالم يتصارعون مع التقلبات لتحقيق آلات مستوى الإيكسا. وإن بعض المجموعات قد ركزت على البحث حول كيفية إضافة مزيد من وحدات المعالجة المركزية للمعالجة مما يجعل هذه الحاسبات الكبيرة أسهل في البرمجة ولكن أصعب في التغذية الكهربائية، والطريق البديل كان التضحية بقابلية البرمجة لصالح كفاءة الطاقة والسعي لإيجاد أفضل توازن من CPUs وGPUs بدون جعل من الممل بالنسبة للمستخدمين لتشغيل تطبيقاتهم. وإن البنى التي تقلل من نقل البيانات داخل الآلة أو تستخدم شرائح خاصة لتسريع خوارزميات خاصة يجري أيضا دراستها.

الحسابات الحرجة

بالرّغم من كل التحديات فإن الباحثين ينوون استغلال قدرة آلات مستوى الإيكسا. وقد دخل العلم تقنيًا إلى عصر مستوى الإيكسا بواسطة مشروح الحوسبة الموزعة (Folding@home) distributed computing project. ويمكن للمستخدمين أن يقوموا بتنزيل البرنامج والسماح له بأخذ أجزاء صغيرة من قوّة المعالجة المتاحة على حاسباتهم الشخصية لحل ألغاز طبية حيوية.

وقد أعلن Folding@home في آذار أنه عندما كان كل مشاركيه البالغ عددهم 700,000 كانوا متصلين فإن المشروع كان له استطاعة كلية على تنفيذ أكثر من 1.5 كوينتيلون عملية بالثانية. وإمكانيات المحاكاة هذه قد وضعت لتستخدم خلال الجائحة للبحث عن أدوية ضد فيروس كورونا COVID-19.

وفي الواقع فإن حقل الكيمياء الحيوية يستخدم بشكل كبير السوبر كمبيوترات التي تعمل مثل مجاهر حاسوبية لتجعل الباحثين ينظرون عن كثب في الطرق التي تكون غير مرئية عادية التي تتبادل بها الجزيئات التأثير مع بعضها / تتفاعل.

وفي 1990s كان الباحثون فقط قادرين على دراسة مادة كيماوية عضوية وحيدة بواسطة الحاسوب in silico خلال بضع أجزاء من ترليون من الثانية افتراضيا. ولكن اليوم أفضل الآلات يمكن أن تنمذج بشكل عادي حركة كيانات معقدة مثل الفيروسات خلال فترة زمنية تقدر بالميلي ثانية. وإن السوبر كمبيوترات على مستوى الإيكسا ستمكّن من إجراء المحاكاة التي هي أكثر تعقيدًا وبدقة أعلى وتسمح للباحثين بدراسة التأثيرات الجزيئية المتبادلة للفيروسات ومضيفاتها بدقة غير مسبوقة.

ومن حيث المبدأ الارتفاع في قدرة الحوسبة يمكن أن تساعد الباحثين في الفهم الأفضل لكيفية اتحاد الجزيئات المنقذة للحياة مع بروتينات مختلفة وتوجه التجارب الطبية الحيوية في علاج أمراض مثل HIV والسرطان أو حتى تساعد في تصميم لقاحات أنفلونزا عامة. وحيث أن الحاسبات الحالية تستطيع فقط نمذجة 1% من العصبونات البشرية البالغ عددها 10 بليون في الدماغ فإن حاسبات مستوى الإيكسا قادرة على محاكاة 10 مرات أكثر من قدرات الدماغ وهذا من حيث المبدأ يساعد في دراسة الذاكرة والعمليات العصبية الأخرى. وعلى مستوى أوسع بشكل كبير فإن الجيل القادم من الحاسبات يعد بتقديم توقعات مستبصرة حول التأثيرات الكارثية لتغير المناخ.

وإن ظواهر المناخ هي امثلة نموذجية للسلوك العشوائي في عمله مع وجود حلقات تغذية راجعة صغيرة لا تعد التي لها نتائج على صعيد الكوكب، والعمل المتناسق يجرب في بناء نموذج نظام الأرض لطاقة مستوى الإيكسا (E3SM) الذي سيحاكي العمليات الكيماوية الجيولوجية والجوية فوق البر والمحيطات والجليد بقدر يصل لضعفي الدقة لأفضل النماذج الحالية.

هذا يجب أن يقلد بشكل أكثر دقة القياسات الحقيقية وبيانات الأقمار الصناعية مما يساعد في تحديد أين تظهر التأثيرات السلبية كارتفاع مستوى البحر أو فترات استمرار العواصف التي يمكن أن تسبب أكبر ضرر للأرواح والممتلكات. 

إن قوّة مستوى الإيكسا ستسمح بإجراء تنبؤات بتشغيل سلس لآلاف عمليات المحاكاة وإدخال تغييرات صغيرة في الشروط الابتدائية من اجل معرفة احتمال وقوع أحداث بعد مئات السنين من الآن. وإن علوم الكيمياء ودراسة الكون والفيزياء عالية الطاقة وعلم المواد والتنقيب عن النقط والنقل كلها ستفيد من الحوسبة على مستوى الإيكسا. ومشفوعة بتعلم الآلات فإن الحاسبات على مستوى الإيكسا سترفع من قدرة الباحثين على استخراج النماذج المهمة في قواعد بيانات معقدة. مثلًا مفاعلات الاندماج النووية، حيث البلازما المسخنة إلى درجات حرارة فائقة تحتوي ضمن حقول مغناطيسية قوية والتي تملك برامج ذكاء صنعي على سوبر كمبيوترات التي تبين متى ستكون البلازما غير مستقرة.

والحاسبات يمكن بالتّالي أن تضبط الحقول المغناطيسية من أجل التحكم بالبلازما ومنعها من مخالفة شروطها وضرب جدران المفاعل. وإن آلات مستوى الإيكسا ستسمح بأزمنة تفاعل أسرع ودقة أكبر في مثل هذه الأنظمة. وإن الذكاء الصنعي يساعد في تحديد العلاقات التي هي من المستحيل تحديدها باستخدام الحوسبة التقليدية كما يقول Paresh Kharya المسؤول عن إدارة منتجات مركز البيانات في شركة حوسبة الذكاء الصنعي NVIDIA في سانتا كلارا، كاليفورنيا.

ستزداد أرقام قوّة الحوسبة بشكل كبير في السنوات القادمة. وبعد أورورا تخطط وزارة الطاقة لتأمين وربط مع الشبكة آلة بكلفة 600 مليون دولار تسمّى Frontier في المخبر القوميّ في أوك ريدج في تينيسي في أواخر عام 2021م، وسوب كمبيوتر ثالث يسمّى El Capitan في مخبر لورنس ليفرمور القومي في كاليفورنيا بعد سنتين وكل منها سيكون أكثر قوة من سابقه.

ويملك الاتحاد الأوروبي مجموعة من برامج الإيكسا في أعمال تحت التعهد المشترك للحوسبة عالية الأداء الأوروبية. بينما تهدف اليابان من خلال الإصدار لمستوى الإيكسا من Fugaku أن يكون متاحًا للمستخدمين خلال بضع سنين. والصين التي ليس لديها سوبر كمبيوترات حتى عام 2001م تطلق الآن برامج آلاتها الأكثر قوّة الرّابعة والخامسة على كوكب الأرض –وهي تعمل على ثلاثة مشاريع لمستوى الإيكسا. ويقال بأن الصين من المتوقع أن تكون الأولى في هذا المجال حيث أن الآلة Tianhe-3 ستنجر في وقت قريب جدًا، ولكن مدراء المشروع يقولون إن جائحة فيروس كورونا قد أدّت لبعض التأخير.

ومن المثير للعجب أن فقط هذه الأنواع من المشاكل الملحّة والتي تبدو مستعصية وهي تطوير لقاحات وعلاجات لكورونا مثلًا، والتي تستهدفها سوبر كومبيوترات الإيكسا. وإذا تمكّنت المجموعات من حل التحديات التقنية فإنه سيكون هناك مجموعة من التطبيقات المذهلة يقول Qian "الحوسبة الخارقة يفترض أن تفيد من الناس العاديين في حياتهم اليومية".

أخيرًا كنّا نظنّ ونحن صغارًا أن السوبر مان حقيقي وبعد أن كبرنا اكتشفنا أنه خدعة وخيال ولكن بعد أن تعلمنا أدركنا أنه ليس بخيال، ولكنه رمز لعقل الانسان الخارق الذي يستطيع إن أحسن استغلاله أن يجترح المعجزات.

المراجع:  

Nascent exascale supercomputers offer promise, present challenges, Adam Mann

https://www.exascaleproject.org/

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.