الحق في الحياة.. لماذا عجز المجتمع الدولي عن حماية الطفل؟ (4)

تعد اتفاقية حقوق الطفل الصادرة في عام 1989 م علامة مضيئة في مجال إرساء المعايير الدولية لحقوق الطفل، كونها تعد أول وثيقة دولية تجمع بين الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية على القدر نفسه من الأهمية، وقامت على مبدأ تكامل الحقوق على خلاف التسلسل الهرمي حسب الأهمية.

وجاءت الاتفاقية لتؤكد روح الشراكة بين جميع الأطراف المعنية برفاهية الطفل -الأسرة، الدولة، المجتمع- وعلى جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وتعزيز دور المنظمات غير الحكومية والمجتمع الدولي.

تمثِّل هذه الاتفاقية علامة فارقة كونها تضمن حقوق الطفل الأساسية في البقاء والنمو وحمايته من الإهمال وسوء المعاملة والاستغلال، وتقر بحقه في أن يكون عنصرًا فاعلًا في نموه وبحقه في التعبير عن آرائه وأن تؤخذ بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات المتعلقة بحياته.

اقرأ أيضًا: الطفل مُهان (1).. حقوق الطفل الضائعة في الحروب والنزاعات المسلحة

الحقوق الواردة بالاتفاقية

يمكن تصنيف الحقوق الواردة بالاتفاقية على النحو التالي:

الحقوق المدنية

وتشمل الحق في الحصول على اسم، جنسية، منذ لحظة الميلاد، وأن ينسب إلى أبويه.

حقوق الحياة والبقاء

وتشمل الحق في الغذاء والمياه النقية والتمتع بأعلى مستوى صحي.

حقوق النمو

وتشمل الحق في الرعاية الأسرية من الأبوين، وحق الطفل المحروم من بيئة عائلية في رعاية توفرها الدولة له، والحق في الراحة ووقت الفراغ، وفي التعليم المجاني.

حقوق الحماية

تعني حماية الأطفال من كل أشكال الاستغلال أو التعرض للانتهاكات الجنسية وجميع أشكال الاستغلال، أو أدائهم لأي عمل يرجح أن يكون محفوفًا بالخطر، أو يعوق تعليمهم أو يكون ضارًا بصحتهم أو نموهم البدني أو العقلي أو الروحي أو الاجتماعي أو النفسي، وحمايتهم من التعرض للعنف والتعذيب والمعاملة القاسية، أو حرمانهم من حقوقهم أو حريتهم بصورة غير قانونية أو تعسفية.

لكن ومع كل ما سبق، فإن واقع الطفل في أنحاء متفرقة من العالم يشهد انتهاكات لا حصر لها، وتمس كل الحقوق التي تكفل القانون الدولي بحفظها، خاصة تلك المناطق الملتهبة بالحروب والنزاعات المسلحة التي غالبًا ما يكون ضحيتها الطفل في المقام الأول.

اقرأ أيضًا: هل اتفاقية حقوق الطفل ملزمة وواجبة النفاذ؟ (2)

الحق في الحماية

بالنظر إلى المادة (19) من اتفاقية حقوق الطفل نجد أنها تلزم الدول الأطراف باتخاذ جميع التدابير الملائمة لحماية الطفل من جميع أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالدين أو الوصي القانوني عليه أو أي شخص آخر يتعهد بحماية الطفل.

كان لهذه التعهدات تأثيرها في بعث روح التفاؤل في نفوس المهتمين والمدافعين عن قضايا حقوق الطفل في منع جرائم الحرب، وأن تضع حدًّا لانتهاكات الأنظمة المستبدة، قبل أن تتلاشى هذه الأوهام أمام عجز المجتمع الدولي وصمته إزاء الانتهاكات التي تعرَّض ويتعرض لها الطفل في أنحاء متفرقة من العالم.

في هذا السياق، نجد أن خطة العمل العربية الثانية للطفولة اعتمدت خطة تهدف إلى تفعيل حقوق الأطفال كافة في الحماية من جميع أنواع العنف أو الإيذاء أو الإهمال أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو النفسية، ومن جميع أنواع التمييز القائمة على النوع الاجتماعي أو الطبقة الاجتماعية أو الدين أو اللون أو العرق سواء في المنزل أو المدرسة أو في المجتمع الذي يعيش فيه، ومن جميع أنواع الاستغلال الاقتصادي والعمل الذي يعوق نموهم الطبيعي ويحرمهم من التعليم.

وحمايتهم من جميع أنواع سوء المعاملة والاعتداء والاستغلال الجنسي، ومن التجارب الطبية أو نقل الأعضاء، ومن التجنيد في الأعمال العسكرية والنزاعات المسلحة، وحمايتهم من الآثار المدمرة

ومن استخدامهم في إنتاج المواد الخطرة والمخدرة والمؤثرة على العقل أو حيازتها أو ترويجها أو تعاطيها، ووقايتهم من ظاهرة الانحراف، وتأمين نظم عدالة خاصة بالأطفال الذين هم في حالة نزاع مع القانون تؤمِّن حقهم في معاملة تتفق مع سنهم، وتعطي إعادة إدماجهم وقيامهم بدور بناء في المجتمع الأولوية.

اقرأ أيضًا: في الحروب والنزاعات المسلحة.. حقوق الطفل مهدرة (3)

أشكال حماية الطفل

لحماية الطفل كيفيات وأنواع عدة، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، فلكون الطفل ضعيفًا، تحرك المجتمع الدولي نحو توفير الحماية القانونية له بما يضمن نموه في كل الجوانب.

والطفل في هذه المرحلة الحساسة من حياته يحتاج بيئة آمنة صحيًا ونفسيًا وجسديًا كي ينمو على نحو طبيعي في الجوانب جميع، فالطفل بحاجة للحماية من كل أنواع المخاطر والإيذاء والاستغلال والعنف الذي قد يتعرض له.

أمام العجز الدولي عن الوفاء بهذه الالتزامات التي قطعها على نفسه بشأن حماية الطفل، تلوح بالأفق أزمة شديدة الخطر لها تداعياتها المستقبلية، لكون هؤلاء الأطفال الذين يتعرضون لهذه الانتهاكات أمام صمت مريب من المجتمع الدولي، هم أطفال المستقبل، وسكان العالم غدًا.

ليس هذا فحسب، فأمام هذه الانتهاكات بكل أنواعها بحق الأطفال في ربوع العالم، يجب أخذ خطوات جدية لا تكتفي بمجرد التنديد والشجب في كل مرة يتعرض لها الأطفال للانتهاكات الجسيمة، بل يجب أن تُتبع بإجراءات صارمة رادعة لمن تسوِّل له نفسه المساس بهذه الحقوق التي كفلها القانون الدولي، وصدَّقت عليها غالبية دول العالم.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة