الحضارة الغربية والطاقة (الصراع والمصير المشترك)

تُشتق كلمة الطاقة من الفعل الثلاثي طاق، بمعنى تحمل أو قدر، والكلمة بناء على ذلك تتعلق بالتحمل أو القدرة على التحمل، أو القدرة كذلك على التشغيل. ويقال إن هذا الجهاز مثلًا قدرته أو طاقته كذا، أو إن هذا المصنع طاقته الاستيعابية كذا، أو إن هذه الآلة قدرتها على الإنتاج كذا منتج كل ساعة أو كل يوم. ويختلف الجهاز أو المصنع أو الماكينة باختلاف حجم الطاقة التي يستطيع تخزينها، وكذا حسب اختلاف الخرج الذي تستطيع مولداته الداخلية أو محولاته أن تخرجه في صورة طاقة كهربية جديدة مختلفة في قوتها أو قدرتها عن الداخلة فيه، أو في صورة قدرة على العمل لإنتاج عدد معين من الوحدات أو المراحل الإنتاجية.

اقرأ أيضًا: مصادر الطاقة المتجددة في مصر وطرق الاستفادة منها

وبما أن الحضارة أو الحضارات المعاصرة قد بُنيت كلها على أساس قيام ما اصطلح على تسميته بالثورة الصناعية التي حدثت بالغرب في القرن السادس عشر الميلادي، فإن هذه الحضارة ترتبط ارتباطًا عضويًّا بمصادر الطاقة اللازمة لتشغيل مصانعها.

وعبارة (ارتباط عضوي) هي عبارة مقصودة، بمعنى أن اندثار أو ضعف أو نضوب مصادر الطاقة سيؤدي بلا شك إلى تأثير مباشر مساوٍ على الحضارة الغربية، يتراوح ما بين الاندثار أو الضعف أو النضوب لتلك الحضارة.

ويختلف ذلك عن كثير من الحضارات الأخرى التي نعرفها. فمثلًا الحضارة اليونانية القديمة قامت على الفلسفة والمنطق، والحضارة الرومانية قامت على التطور في المجال العسكري، والحضارة الفرعونية ارتبطت بالبناء والتشييد والتحنيط، وما ارتبط بذلك من علوم هندسية وطبية واجتماعية.

اقرأ أيضًا: ما مفهوم الطاقة؟ وما أهم مصادرها؟

 أما الحضارة الإسلامية العظيمة فقد ارتبطت بعلوم اللغة العربية والقدرة على التواصل والتأثير بها في الطرف المتلقي بمستوى معجز من استخدام البلاغة والقواعد اللغوية والقصص والإشارات العلمية والمستقبلية في القرآن الكريم، على نحو ليس لمخلوق أن يقدر عليه.

ولذا فإن زوال أو اندثار أو ضعف الحضارة الغربية أهون أو أسهل بكثير من غيرها من الحضارات التي ارتبطت بأنساق أو صور حضارية مختلفة؛ نظرًا لضعف الجوانب الإنسانية والفكرية والثقافية بها، إضافة إلى هزال قدرة تلك الحضارة على احتواء الآخرين ودمجهم بها بصورة تحقق الرخاء والصلاح لكل الأطراف، كما فعلت الحضارة الإسلامية من قبل.

ولذا نجد أن الدول المنتمية للغرب والحضارة الغربية تستميت في الحفاظ على الطاقة ومصادرها وضمان تدفقها، مهما كلفهم ذلك من معارك وحروب وتكتلات وتحالفات؛ لأنها قضية مصير، فاندثار أو تضاؤل مصادر الطاقة يعني بالتبعية اندثار وتلاشي الحضارة الغربية التكنولوجية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة