الجرائم العائلية.. حين تتحول الأسرة إلى مسرح جريمة

برغم بشاعة الاعتداء على الأنفس بغير حق، فإن الجرائم العائلية -Familicide- تُعد هي الأسوأ على الإطلاق. حين يُقدم أحد أفراد الأسرة على قتل فرد أو أكثر من عائلته، فإن هذا الفعل الشنيع يكون بمنزلة الإعصار الذي يضرب الأسرة، يزلزل كيانها ويقوض أركانها، ويدخل الأقارب والأصدقاء والأحبة في حالة من الذهول والارتباك.

ثم إن أثر هذا الحدث لا ينتهي بمرور الوقت وتلاشي مرارة فاجعة الصدمة الأولى، بل تمتد ظلاله مثل كابوس مخيف، يترك في النفوس ندوبًا غائرة لا يمحوها الزمن. إنه اختبار صعب ولحظة قاسية يهزم فيها الجميع.

كان الأخ أول من غدر

ورغم ذلك، فإن التاريخ حافل بالكثير من هذه الوقائع المروعة التي يكون فيها الجاني هو أقرب الناس إلى الضحية، بل كان هو مصدر أمانه وعضده الذي يستقيم به سندًا إذا مالت به الأيام. فكانت أول جريمة في تاريخ البشرية هي ما بلغنا من قصة ابني آدم عليه السلام، قابيل وهابيل، التي أصبحت «أيقونة تراثية» ترمز لخيانة وغدر الأخ بأخيه التي وردت في الكتب المقدسة، منها العهد القديم، وذكرها القرآن الكريم في سورة المائدة: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (المائدة: 30).

فطوعت له نفسه ولم يزين له الشيطان، فهذا فعل أعظم من كيد الشيطان، ووسوسة النفس أشد من كيده. ثم وصف الله سبحانه هذا الفعل بالخسران، نعم، إنه كذلك، فهو خسر نفسه فأوردها موارد الهلاك، وخسر أخاه ففقد الناصر والعضيد، وخسر دنياه، فما تهنأ للقاتل حياة، وخسر آخرته وباء بإثمه الأول وإثمه الأخير.

تشترك قصة ابني آدم عليه السلام مع كل جرائم القتل العائلية، على الرغْم من اختلاف الحدث والزمان والأسباب، فإن دومًا عاملًا مشتركًا بينهم جميعًا منذ الأزل إلى اليوم، وهو تآخي الخير والشرّ، ووجود سلالة من الناس تكَرَّست لكل ما هو شرّ على الأرض، هي سلالة قابيل قاتل أخيه ورافض أمر ربّه، وسلالة للخير والتقوى وطاعة الله، هي سلالة هابيل المقتول. وإنّ الخير والشرّ قد نتجا من جذر واحد وأصل واحد، هو أبونا آدم عليه السلام.

أصل الخير والشر

ونستفيد من القصة أيضًا أنه من الممكن أن يكون الخير والشر، القاتل والمقتول، الجاني والضحية، يعيشون تحت سقف واحد، ولكنهم يتباينون في السلوك والخيارات.

ازدياد الجرائم العائلية في العصر الحديث

ومن الملاحظ ازدياد الجرائم العائلية مؤخرًا، فلا تمر أسابيع عدة دون أن تنتشر في المنصات الإخبارية المختلفة أنباء عن إحدى تلك الجرائم البشعة. ولكن تختلف أسباب ودوافع الجناة في تلك الحوادث، فبعضها يكون منطقيًا بناءً على الأطماع والأهواء البشرية. ومع ذلك، نذكر فيما يلي بعض هذه الجرائم التي كان دافعها مجهولًا أو نشأت من سبب تافه تحول إلى نهاية دموية.

قتل أخاه لأنه أزعجه وهو نائم

ومن الجرائم الغريبة التي انتشرت أخبارها مؤخرًا، هو ما أقدم عليه شابٌ بقتل شقيقه طعنًا بالسكين، وذلك لأنه أزعجه في أثناء نومه.

جريمة شاب يقتل شقيقه

وقد صرَّحت الأجهزة الأمنية بأن القاتل كان نائمًا، واستيقظ غاضبًا على صوت الضوضاء التي أحدثها شقيقه الذي يشاركه السكن، واشتبك معه في عراكٍ بالأيدي، ثم سدد له عدة طعنات أودت بحياته.

مقتل بكرو مشهور التيك توك

كما خيَّمت على وسائل التواصل الاجتماعي حالة من الحزن من جرّاءِ وفاة نجم «التيك توك» المحبوب، أبو بكر الصومالي، الشهير بـ«بكرو الصومالي» الذي كان واحدًا من أشهر مقدِّمي المحتوى في الصومال، وكان يقدِّم محتوى عن الثقافة الصومالية بأسلوب فكاهي مرح، جذب به آلاف المتابعين الذين صدمهم خبر مقتله مؤخرًا في مقر إقامته في مدينة القاهرة.

وتضاربت الأنباء عن سبب مقتله هو وشقيقه في وقت واحد، فقد انتشرت تكهنات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأنه قُتل بيد شقيقه الذي طعنه ثم أنهى حياته بعد أن طعن نفسه أيضًا، ليفجع ذويهم بالخبر ويقاسوا لحظاتٍ جدّ عصيبة، وهم يوارون اثنين من أبنائهم التراب. ولا تزال التحقيقات جارية، ومن المتوقع أن تصدر الجهات الأمنية خلال الأيام القادمة بيانًا رسميًّا عن سبب وفاة بكرو ومدى صحة الأنباء المتداولة.

خنقت أطفالها ثم أعدَّت السحور لزوجها

ونختم بآخر ما تناقلته الأنباء من الجرائم العائلية، وهي حادثةٌ مفزعة، اهتزَّت لها محافظة القليوبية في مصر، فجر يوم السبت الماضي، إذ فُجع رب أسرة في أثناء تناوله السحور بأن زوجته خنقت أبناءه الثلاثة حتى الموت، قبل أن تُعِد هذه الوجبة.

أم تخنق أطفالها

وكشف أحد أقارب الأب أن الزوج عاد من الخارج وطلب من زوجته إعداد وجبة السحور ليتناولها تمهيدًا لصيام يومٍ جديد، مؤكدًا أنها في أثناء إعداد السحور كانت تتصرف على نحو طبيعي جدًّا ولم يبدُ عليها أي تأثر، على الرغم من أنها كانت قد ارتكبت جريمتها وأنهت حياة الأطفال الثلاثة.

إنَّ أسوأ ما في الجريمة هو أنها لا تؤثر في الأطراف المتورطين فيها على نحو مباشر وحسب، بل تتجاوز أثرها إلى ضحايا آخرين غيرهم، وهم أهلهم وأحبتهم، الذين تنقلب حياتهم رأسًا على عقب، ويموتون بعدها وهم لا يزالون أحياء.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة