الجذور النفسية للأعراض المرضية التي لا تستجيب للعلاج الدوائي

الصحة هي تاج النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، وهي الهدف الأول لكل البحوث العلمية باختلاف مجالاتها وتخصصاتها.

هذه النعمة لها أوجه كثيرة؛ لذلك فقياسها أيضًا له عدة معايير مختلفة؛ فمنها الحسي الذي يمثل الصحة العضوية، ومنها الشعوري الذي يظهر صحة مشاعر الإنسان، وأيضًا الفكري الذي يمثل صحة أفكار الإنسان.

لكن أكثرها أهمية في نظر كثيرين هي الصحة الجسدية؛ فهي الأكثر وضوحًا في الأعراض الحسية، والأسهل استكشافًا وتتبعًا عن طريق وسائل الاستكشاف الطبية المختلفة، ووسائل علاجها الدوائية هي الأشهر والأكثر إقبالًا.

فما أن يطرأ على الجسم عرَض مرضي، يلجأ الناس إلى العلاج الدوائي بالاستشارات الطبية. ولكن في أحيان كثيرة نجد أن تلك الأعراض الجسدية لا تستجيب للعلاج الدوائي، ومع كثرة الفحوص تتعدد الآراء الطبية وقد تتعارض في بعض الأحيان، ويظل السبب وراء تلك الأعراض التي تأبى الاستجابة مجهولًا، ويشعر صاحبها أنه يدور في دائرة مفرغة تستنفد جهده وماله وصبره دون جدوى.

فما السر وراء هذه الظاهرة؟ وهل يمكن أن يوجد سبب غير عضوي لتلك الأعراض؟

الأمراض النفسية تؤثر جسديًا

ليتسنى لنا الإجابة عن هذه الأسئلة الملحة علينا أن نلقي نظرة أكثر تفهمًا للطبيعة البشرية، نحن البشر خُلقنا من ثلاثة أبعاد متحدة، البعد الأول هو البعد المادي الذي يمثله الجسد البشري المخلوق من طين، والبعد الثاني طاقي تمثله الروح التي هي طاقة الحياة التي وهبها لنا رب العالمين. هذان البعدان يربطهما ببعض بُعد ثالث فكري تمثله النفس بما تحمله من فكر وإرادة.

هذا الجسد المادي يحيا بطاقة الحياة التي تسري فيه من الروح بواسطة مسارات طاقة تتحكم فيها النفس بواسطة الأفكار، فكلما انفتح فكر الإنسان بالأفكار الإيجابية اتسعت مسارات الطاقة لديه لتمد أعضاء جسمه بكم أكبر من طاقة الحياة؛ ما يُشعره بالحيوية والنشاط، وكلما ضاق فكر الإنسان بالأفكار السلبية ضاقت مسارات الطاقة لديه، وقلَّت كمية طاقة الحياة التي تصل إلى أعضائه؛ ما يسبب خللًا بها وهو ما نسميه "مرض". 

فالمرض العضوي هو في الأساس فكرة سلبية صدقها الإنسان واستقرت في أعماقه، سواء بوعي أو بغير وعي منه، وبدأت تنعكس على جسده، ولكي يتعافى الإنسان من هذا المرض عليه أولًا أن يتخلص من تلك الفكرة أو القناعة السلبية، ويستبدل بها أخرى إيجابية، حتى يستطيع أن يستعيد حيويته مرة أخرى، فإذا كانت تلك الفكرة يدركها الإنسان على مستوى واعٍ يسهل التخلص منها والتعافي من أثرها.

تأثير الفكرة السلبية

أما لو كانت تلك الفكرة السلبية تقبع في أعماق نفس الإنسان دون وعي منه فهنا يحتاج إلى شخص متخصص يساعده في الغوص في أعماق نفسه لاكتشاف قناعاته السلبية واستبدال بها أخرى إيجابية؛ حتى يستطيع التعافي من آثارها السلبية التي تنعكس على جسده، وهذا هو الدور الذي يؤديه كوتش الصحة أو الـHealth Coach.

فهو شخص متخصص يساعدك في اكتشاف أفكارك وقناعاتك التي تنعكس سلبًا على صحتك، ويقودك لإعادة صياغتها لتصبح داعمة لصحتك، وهذا كفيل بإزالة العائق النفسي الذي يحول دون استجابة جسدك للخطة العلاجية التي وضعها الأطباء.

لذلك علينا أن نتبنى نظرة أكثر وعيًا عند تقييم الحالة الصحية للأشخاص وعدم الاكتفاء بالنظر للشق العضوي فقط، بل علينا أيضًا عدم إغفال الجانب النفسي والشعوري لهم، ويتوجب علينا الاستفادة من العلوم والتطبيقات الحديثة ودمجها في الخطة العلاجية لضمان الحصول على أفضل نتائج ممكنة دون هدر الجهد سدى.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة