قبل 15 مليون سنة اصطدم كويكب الدورمالين بالأرض، وأحدث دماراً شديدا؛ لكنه خلف ورائه مواد صخرية، منها من تصلب وأخذ شكل زجاجي، ومنها من حافظ على هيئته البلورية بعد اندثاره في باطن الأرض على مدار قرون عديدة، ومع مرور الزمن تحولت تلك الصخور لأحجار كريمة نادرة، أغلبها يوجد في أستراليا، وتحديداً في مدينة نيوساوث ويلز.
(أستراليا - نيوساوث ويلز)
} المشهد الأول{نهار خارجي- أمام مركز تزلج ديجرز كريك في كوسيياسكو .. المرشد السياحي باسيل جايلز ينظر لشاشة هاتفه المحمول، وقد أشارت الأرقام للعاشرة والنصف صباحاً، صبيحة الاثنين 25 أغسطس2025، بدأ جايلز ينظر للسياح من حوله ويتفقد عددهم، ثم وقف قليلاً وسأل الحشد عن أليكسندر كوزاييف، ويوري أرتيم، وماريو سمولوف.
جايلز: هل رأى أحدكم أليكسندر ويوري وماريو؟؟
كريس: نعم، لقد أخبروني أنهم سيذهبون مع ديفيد لمركز سيمجن هولز للتزلج؛ لأنهم تزلجوا هنا العام الماضي.
جايلز(بعصبية): كيف يتصرف ديفيد هكذا من تلقاء نفسه.. (وعلى الفور أتصل بديفيد، وحدثه بنفاذ صبر): ديفيد.. ما هذا التهور، ألم أخبرك آلا تذهب لآي مكان بمفردك، آلا تعلم أن توابع فعلتك تلك قد تتسبب في أذيتنا جميعاً؟؟
ديفيد (رد بهدوء؛ وكأنه لم يتأثر بعصبية جايلز): أعرف تماماً ما الذي يقلقك؛ لكن آلا زلت تؤمن بتلك الخرافات يا صديقي.
جايلز (يتمالك أعصابه بصعوبة): أنها ليست خرافات، على كل حال لا أريد أن أطيل الجدل معك، سأعطيك 15 دقيقة فقط، ألغي كل مخططاتكم وتعال على الفور.
هايدى: عن أي خرافات تتحدث يا جايلز؟؟
جايلز (في ارتباك شديد): آه، أنها كلمة سر بيني وبين ديفيد، معناها أن النقاش ممنوع.
هايدى (تنظر إليه بتعجب، وارتابت في أمره أكثر): ربما الأمر يتعدي كونه شفرة سرية بينكم؛ لكني لن أجبرك على التحدث؛ فحدسي يخبرني أنك ستسرد لنا قصة تلك الخرافات عاجلاً أو آجلاً.
(بعد دقائق.. جاء ديفيد ومعه أليكسندر ويوري وماريو، وعلى الفور أسرع جايلز لديفيد وكان يبدو عليه أنه سيعنفه أمام الحشد؛ لكن ديفيد تدارك الأمر وتصرف قبله، وذهب للجميع وأخبرهم أنهم سينظمون حفلة شواء قبل ذهابهم غداً للمطار)
جيانغ: حفلة ماذا؟؟ كيف سنحتفل في حين أن موعد طائرتنا ستكون في الصباح الباكر؟؟
ديفيد: لا تقلق، الحفلة ستبدأ في السادسة مساءا وستنتهي على الثامنة ليلاً.
هونغ: لا أعتقد أن بإمكاني حضور تلك الحفلة؛ فأنا أشعر بصداع شديد؛ لذا سأتناول الغداء وسأمضي الليلة في غرفتي كي أستريح قليلاً.
ديفيد (يوجه حديثه لهونغ): أمامك 7 ساعات قبل موعد الحفلة؛ لذا أسرع وتناول غدائك، واسترح قليلاً وستصبح أفضل؛ لكن أعلم أننا سننتظرك، ولن نبدأ الحفلة من دونك.
هونغ: حسناً.
}المشهد الثاني{ ليل خارجي- حديقة فندق سولاري داخل منتزه كوسيياسكو.
ديفيد: آلا تريدون معرفة لماذا أقمت حفلة الشواء اليوم، على الرغم من أن الحفلة غير مدرجة في خطة الرحلة؟؟
لوكاس: أنا أعرف.. لأنك فعلت نفس الحفلة في العام الماضي، ألا تقيم تلك الحفلات عادة من أجل التعارف؟؟
جايلز (يوجه حديثه لديفيد مبتسماً): لقد كشف لوكاس خدعتك، الآن أخبرنا متى ستطلق سراحنا من قبضتك؟؟
ديفيد (متصنع الاستياء، يخاطب لوكاس وجايلز): لا تقلقوا، سأطلق سراحكم قريباً؛ لكن آلا تخجلون من أنفسكم؟!! كيف تمضون أكثر من 10 أيام سوياً، وحتى الآن لا تعرفون أي شيء عن بعضكم البعض، أين روح الإنسانية، أين الأخلاق الحضارية!!
جايلز(بابتسامة): دعونا ننفذ له طلبه، وإلا سيقلب الجلسة لمناقشة بنود حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
ديفيد: لن أخذلك يا صديقي العزيز، وعد مني إذا وجدنا وقت بعد التعارف سأخبركم حتماً عن بنود حقوق الإنسان؛ لكن الآن خبروني من سيحدثنا عن نفسه أولاً؟؟
آسر (يرفع يده اليسرى، ويمسك بيد زوجته بيديه الأخرى): أنا سأعرفكم بنفسي وبزوجتي أولاً.. أنا آسر سالم من مصر، وزوجتي فريدة قاسم، كلانا نعمل في البورصة المصرية، وجئنا لتمضية شهر العسل في الجبال الزرقاء.
جاك: وأنا جاك من أمريكا، وهؤلاء أصدقائي، ريس وليزي وجوني، وجميعنا أصدقاء في السنة الأخيرة بكلية هارفارد للأعمال.
هايدى: وأنا هايدى، وتلك صديقتي مريم، وجئنا من كندا؛ لكن كندا ليست وطننا الأم؛ لأننا مع الأسف اضطررنا للهجرة من فلسطين، بلدنا الحبيبة، بعدما استشهد أخواتنا وكل أحبائنا في غزة والقدس علي يد العدو الصهيوني.
سافاش (يبدو عليه الحزن): Başın sağ olsun , Allah rahmet eylesin
(وبعد إنهاء جملته تذكر أن الجميع يتحدثون الإنجليزية فقط-كلغة مشتركة-فترجم كلامه، ثم عرّف نفسه): أنا سافاش باريش، اسمي معناه الحرب والسلام، وهو اسمي الجديد الذي اخترته بنفسي ليعبر عن حياتي، التي بدأت منذ الطفولة بحروب وصراعات، وعلى الرغم من أني قاومت كثيراً-من أجل أمي-وأجبرت نفسي على تحمل تلك الحياة البائسة، إلا أني لم أقوَ على الاستمرار؛ لذا قررت تغيير هويتي والعيش بسلام في أي مكان بعيداً عن تركيا، أما بالنسبة لاسمي الحقيقي فهو "يافوز شوكور".. مع الأسف، أنا أصغر ابن في سلالة شوكور، أكبر مافيا في تركيا.
سونغ هان (يحاول تخفيف حدة الحزن فيوجه نظره لسافاش، ويخاطبه): لا تحزن كثيراً يا صديقي، أستمع أولاً لقصتي أنا و "جيو ري"، وحينها لن تشعر أن الظلم يحيطك وحدك؛ فأنا وعلى الرغم من كوني المالك الوحيد لأكبر شركة طيران في كوريا الشمالية إلا أني لا أستطيع أن أري حبيبتي وقتما شئت، لأن الانقسام بين الكوريتين لا يسمح بوجودي معها في سيول.. أعرفكم بنفسي، أنا "تشو سونغ هان"، صاحب شركة يانغ سكاي في بيونغ يانغ، وتلك هي حبيبتي "لي جيو ري"، عازفة كمان في مركز سيول للفنون، يعني قصة حبنا أشبه بالحب المستحيل؛ فلا هي تستطيع زيارتي في بيونغ يانغ، ولا أنا مسموح لي بزيارتها في سيول.
فهد: وأنا فهد من الإمارات وهذا صديقي سليمان، ونحن نعمل في شركتنا الخاصة، المتخصصة في الإلكترونيات.
كريس: وأنا كريس من بريطانيا، وهذا صديقي أنتوني من إيطاليا؛ لكنه يقطن حالياً في بريطانيا، وكلانا متخصص في دراسة علم الجيولوجيا بجامعة مانشستر، وتبقي لنا عام واحد فقط على التخرج.
هونغ: طبعاً أغلبكم يعرفني، أنا هونغ يوشياو من شنغهاي، أتيت مع صديقاي جيانغ لياو، وفان ون لاستكشاف المنطقة قبل أن نبدأ مشروعنا الجديد فيها.
روبرتو: وأنا روبرتو نيكولاس من الأرجنتين، جئت لقضاء عطلتي السنوية هنا؛ لكن صديقي لوكاس لاونارو جاء معي هرباً من زوجته التي أظلمت حياته.
أليكسندر: وأنا أليكسندر كوزاييف من روسيا جئت لنيوساوث ويلز أنا وأصدقائي يوري أرتيم، وماريو سمولوف لإنهاء جولتنا حول العالم في أستراليا.
كييتشي: وأنا كييتشي ياماغوتش، مصور من اليابان، وجئت لالتقاط صور الجبال الزرقاء وجبال نيوساوث ويلز، من أجل معرضي الجديد الذي سأفتتحه في الشهر القادم بطوكيو.
جايلز (بابتسامة عريضة): يا لها من مصادفة رائعة، آلم تلاحظوا أن تلك الحفلة تضم مواطنين من كل الدول العظمي في القارات السبع!! الأمر أشبه بمؤتمر دولي عُقد من أجل السلام العالمي؟
ديفيد: معك حق، ياليتني أقمت تلك الحفلة في بداية الرحلة، على كل حال أن تأتي متأخراً أفضل من آلا تأتي أبداً.
جايلز (ينظر للجميع بابتسامة): على العموم تشرفنا بمعرفتكم جميعاً.. الآن لم يتبقي غيري أنا وديفيد، أنتم بالطبع تعلمون أن كلانا من أستراليا، أنا باسيل جايلز عملت في مجال الإرشاد السياحي منذ 5 سنوات، أما ديفيد مكمان فقد بدأ عمله كمرشد سياحي منذ 4 سنوات تقريباً... (وقبل أن يكمل جايلز حديثه بدأ البرق يضيء ظلمة السماء، وسرعان ما عصفت الرياح بأوراق الشجر وسعوف النخل، وفي تلك اللحظات هرع الجميع إلى غرفهم بالفندق، ثم عكف كُلاَّ منهم على ترتيب حقيبة سفره)
}المشهد الأخير{ نهار داخلي .. الجميع يتجولون في حالة صدمة داخل الفندق الشاسع، بحثوا كثيراً لكن لم يجدوا أحد، لقد اختفي كل قاطني الفندق وموظفي الخدمة، ولم يتبق سوي الأشخاص الذين حضروا الحفلة بالأمس.. خرجوا مسرعين للحديقة؛ لكنهم تفاجئوا بحالة الطقس، السماء صافية وخالية تماماً من السحب، ويكاد ضوء الشمس يقضي على أثار الجليد نهائياً، تعجبوا كثيراً وزادت دهشتهم أكثر؛ فبالأمس كان الجليد يغطي الشجر من حولهم؛ لكن اليوم أخضرت الأشجار، وأشرقت النباتات والورود؛ وكأن الربيع قد حل فجاءه على الجبال الزرقاء.. نظروا لبعضهم البعض باحثين عن إجابة؛ لكنهم لم يجدوا سوي ملامح الدهشة والحيرة فقط، وفي تلك اللحظات نظر جايلز لديفيد، وكأنه يخشى طرح السؤال الذي يدور في خلده.
جايلز: هل تفكر فيما أفكر فيه يا ديفيد؟؟
ديفيد: بلي؛ لكن لا داعي لاستباق الأحداث، فربما الأمر كله محض دعابة سخيفة من مدير الفندق كالعادة.
جايلز (ينظر لديفيد بعصبية): وهل مدير الفندق غيّر الطقس أيضاً؟؟
أليكسندر (بتوتر ملحوظ): مهلاً، عن ماذا تتحدثون فيما بينكم؟؟ اللعنة، آلا يوجد أحد هنا يخبرنا أين ذهب الجميع، وكيف تغير الطقس فجاءه؟؟
ديفيد: أهدئ.. نحن فقط نتكهن، ولا يوجد شيء نقلق بشأنه حتى الآن.
هايدي (تخاطب جايلز، بعدما تذكرت حديثه مع ديفيد عبر الهاتف): هل للأمر علاقة بالخرافات التي ذكرتها بالأمس؟؟
جايلز: يا للأسف، كل الاحتمالات بتثبت صحة شكوكي، ومن المؤكد أن كل هذا له علاقة باللعنة.
لوكاس: عن أي لعنة تتحدثون بحق الجحيم؟؟
جايلز وديفيد (ينطقون بنفس الجملة في الوقت ذاته): لعنة الجبال الزرقاء.
(نهاية الحلقة الأولى)
يتبع الحلقة الثانية...
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.