وقف الجميع في صمت يستمعون لكريس وأنتوني وهم يسردون قصة قبيلة الأغوريين، وبعدما فرغوا من سرد القصة نظر إليهم ديفيد، وقال: معنى ذلك أن هؤلاء الذين يتلصصون علينا من الخارج هم قبيلة تتغذي على لحوم البشر، وتتزاوج وسط الجثث المحترقة، ويستخدمون الجماجم كأكواب للشرب ولا يخرجون من عزلتهم سوى مرة واحدة كل أربع سنوات للاحتفال بمهرجان "كمبه ميلا"، والمعروف بالحج الهندوسي، من أجل تطهير أرواحهم وأجسادهم من الأمراض والخطايا عند ملتقى نهر الغانج ويامونا مع نهر ساراسواتي الأسطوري، أليس كذلك؟!!
أجابه كريس: نعم هذا صحيح؛ لذا رجاءاً لا تقتربوا منهم، ولا تأخذكم بهم شفقة ولا رحمة.
لكن وسط نقاش المجموعة رأى فهد شيئاً يلمع بحوزتهم؛ فصاح فيهم: أنظروا!! هؤلاء يحملون أحجار الجمشت، أنظر يا سليمان.. هذا هو الحجر الذي رأيته في مزاد دبي للأحجار الكريمة وكنت على وشك شرائه؛ لكن الأمير خالد أخذه وضمه لمجموعته، وقبل أن يُعقب سليمان على حديث فهد انتبه كريس لكلمة "الجمشت"، وقال: أين تلك الأحجار التي رأيتها؟؟
أجابه فهد: في مزاد دبي للأحجار الكريمة في منتصف العام الماضي؛ لكن كريس قاطعه بعصبية: أنا لا أتحدث عن دبي، أنا أتحدث عن هؤلاء، هل حقاً بحوزتهم حجر الجمشت؟؟ وكيف كان شكل ولون الحجر بالتحديد؟؟ وقبل أن يجيب فهد ذهب جايلز وديفيد بجوار كريس وأنتوني، وسألهم جايلز بتفاؤل: هل تعتقدوا أن الآميترين بحوزتهم؟!!
نظر كريس لأنتوني وتركوا الجميع وتوجهوا للدور العلوي في الفندق، وأثناء ذهابهم سمع الجميع همسهم، وهم يتجادلون؛ فالأول كان مُصر على البرازيل والأخر كان يعارضه، ويؤكد له أن الأحجار توجد في الهند وبوليفيا أيضاً، وبعد صعود الصديقان للدور العلوي قال جوني: لماذا تتحدثون وتتهامسون فيما بينكم، لماذا لا تشركونا معكم، ألسنا جميعاً في القارب ذاته؟؟
نظر ديفيد للمجموعة، وأشار لهم بالجلوس، ثم أخبرهم أن الحجر الذي رآه فهد وظن أنه حجر الجمشت قد يكون حجر الآميترين، سكت الجميع ولم يُعقبوا على كلام ديفيد، ونظروا لكريس وأنتوني، اللذين أقبلوا عليهم بوجوه تحمل لهم البشرى، وأخبروهم أنهم رأوا القبيلة وبحوزتهم الآميترين بالفعل؛ لكن فهد قاطعهم، وقال: كيف يعني؟؟ أنا أتذكر جيداً أن هذا الحجر عُرض في المزاد باسم حجر الجمشت وليس الآميترين؟؟
فأجاب أنتوني: لا يوجد فرق كبير بينهم؛ لأن الآميترين، والمعروف أيضاً باسم ترستين يصنف من ضمن أحجار الكوارتز، والآميترين عبارة عن مزيج من حجر الجمشت والسترين، وله تدريجات لونية من الأرجواني والأصفر أو البرتقالي، وتستخرج أغلب أحجار الآميترين من بوليفيا، وتوجد أيضاً في البرازيل والهند.
وبعدما أوضح أنتوني وجهة نظره للمجموعة قال جايلز: إذن افتراضات كريس وأنتوني صحيحة من البداية، وتلك القبيلة تنتمي إلى الأغوريين حقاً؛ لآن بناء على كلامهم تلك الأحجار لا توجد سوى في الهند والبرازيل وبوليفيا؛ لكن كيف سنحصل على الآميترين منهم؟؟ رد ديفيد: السؤال الأهم الآن هو كيف سنحصل على الآميترين قبل غروب الشمس؛ لأنهم قد يختفون بعد غروب الشمس كما اختفى قطيع الثايلسين...
بدأ الخمسة المفقودين في النظر حولهم على أمل أن ينقضي هذا المشهد وأن يختفي هذا العملاق المدعو "جهنورش"؛ لكن العملاق لم يختفي وظل ينظر إليهم بعيونه الحمراء المخيفة، ولم يكسر حدة الصمت سوى آسر حينما بدأ حديثه مع جهنورش: أخبرنا ماذا تريد كي تطلق سراحنا وترسلنا لأصدقائنا؟؟
رد جهنورش: لا تقلق أنتم هنا في أمان، هل تريدون معرفة ماذا حدث لأصدقائكم في الأعلى؟؟
فأجابوه معاً: بلى، هل تستطيع معرفة ماذا حدث معهم؟؟ أجاب جهنورش: بالطبع، كيف تسألون مثل هذا السؤال الساذج!!.
وبعد لحظات رفع جهنورش يده، وحركها ففُتحت نافذة أشبه بدوامة البحر الكبيرة، وحينها رأى الخمسة أصدقائهم وهم يتحدثون عن كيفية الحصول على الآميترين؛ لكن جهنورش أغلق النافذة فجأة وضحك ضحكة زلزلت الأرض وبدلت ألوان السماء من فوقهم، ونظر إليهم وقال: أنتم الآن سعداء أن أصدقائكم سيحصلون على الآميترين، وستزول اللعنة وتعودون لحياتكم الطبيعية، أليس كذلك؟؟ أ
جاب سافاش: أخبرنا إذن ما السبيل للتخلص منك، والعودة لأصدقائنا؟؟
رد جهنورش: لما العجلة يا سليل المافيا، دعنا أولاً نحتفل بوجودكم في مملكة الموتى ثم سأخبركم بتوابع حصولهم على الآميترين.. قاطعت هايدي حديثهم، وقالت: هل سيصيب أصدقائنا مكروه بعد حصولهم على الآميترين؟؟
أجاب جهنورش: بالطبع يا صغيرتي، ألم تسمعي من قبل عن الحجر الملعون؟؟
ردت هايدي: ماذا تعنى؟؟
فأجابها جهنورش بابتسامة سخرية: يعنى بمجرد حصولهم على الآميترين ستصيبهم اللعنة بخمس لعنات كل يوم..
قاطعه آسر: لماذا خمس لعنات بالتحديد؟؟
نظر جهنورش لآسر بنظرة غريبة، وقال: هذا سر من أسرار مملكة الموتى، ولكني سأجيبك؛ لأن حفيد وحفيدة الفرعون لهم معاملة خاصة في مملكة الموتى، ولكن سؤالك كان خاطئ من البداية؛ فبدلاً من استفسارك عن عدد اللعنات كان يجب عليك معرفة سبب تلك اللعنات، وسبب الخمس لعنات التي ستصيب أصدقائكم هو أنتم؛ لأنهم تخلوا عنكم وأرسلوكم للعالم السفلي، وكلما انشغلوا بأحوالهم ولم يكترثوا بالبحث عنكم كلما أصابتهم اللعنة بخمس لعنات مميتة كل يوم؛ لكن لا تقلقوا لأن في مقدوركم مساعدتهم، والخروج من هنا وكسر اللعنة.. نظروا إليه في حيرة، وقالوا معاً: كيف؟!!
رد جهنورش: ستخرجون من هنا بعد ترك بصمتكم في مملكة الموتى.. هل تعلمون أنكم-حتى الآن-لم تسألوا عن سبب تسمية المملكة بمملكة الموتى؟؟
ردت فريدة: نسأل عن ماذا؟؟ عن كيف عرفت تاريخ حياتنا جميعاً، أم عن المعاملة الخاصة لحفيد وحفيدة الفرعون، أم عن علاقتك باللعنة، وعلاقة حجر الآميترين الملعون بنا وبالخمس لعنات، أو كيف سنتخلص من عالمك السخيف هذا؟؟ أو بما أنك على علم بتاريخنا وبما يدور في عقولنا؛ فهل تستطيع إجابتنا عن الأسئلة التي لم نسألها بعد؟؟
ضحك جهنورش، ثم نظر بغضب-حتى أصمتت نظراته كل الأصوات حولهم-وصمت للحظات، وأخيراً رد على فريدة: هؤلاء هم أحفاد الفراعنة لا يخشون شيئاً، ولا يزالون يحملون جينات أجدادهم في دمائهم حتى بعد مرور آلاف السنين، ولكن لا تنسوا أنكم الآن في قبضتي؛ فلا داعي لاستفزازي، وتذكروا أن وقتكم ينفذ، وباقي من الزمن ساعة واحدة فقط لتقرروا هل ستنقذون أصدقائكم وتنفذون قوانين مملكتي أم ستشاهدون معي كيف ستعذبهم اللعنة بعد حصولهم على الحجر الملعون؟؟
نهاية الحلقة الخامسة
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.