الجبال المسحورة (الحلقة الثالثة-العالم السفلي)

وقف الجميع أمام الجسم الغريب يحدقون فيه-في صمت-دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب ثم لمحوا كريس وأنتوني يأتون من مطبخ الفندق ومعهم قفازات ويقتربون بحماس من الجسم الغريب، فصرخ فيهم ديفيد: ماذا تفعلون؟؟ فأجابه كريس وهو يتفحص الجسم الغريب: لا داعي للذعر؛ لقد اصطدم جزء صغير من أحد الكويكبات بالأرض، ونحن الآن نفحص المواد الصخرية بالكويكب بعد اصطدامه بالأرض، انظروا كيف تحولت ألوان الصخور.. وقبل أن يكمل كريس جملته قاطعه هونغ يوشياو: لكن كيف أتي هذا الجسم الغريب لمكتب الاستقبال؟؟ نحن تركناه خلفنا في الحديقة منذ لحظات، من الذي جاء به إلى هنا؟؟

في ذلك الحين انتبه كريس وأنتوني لجملة يوشياو ونظروا للجميع وسألوهم: هل هناك جسم أخر من الكويكب في الحديقة؟؟ وقبل أن يجيبهم أحد ركضوا للحديقة لاستكشاف الجسم الأخر، فوجدوا ألوان صخوره تحولت للون الأخضر-كلون الشجر-والزيتي الفاتح، وفي تلك اللحظة نظر كريس لأنتوني وصاحوا معاً: مولدافيت..تسافوريت!!، وأثناء إعجابهم بالصخور اقترب منهم جايلز، وقال: ماذا قلتم؟؟ هل تلك الأحجار هي أحجار المولدافيت والتسافوريت؟؟؟

لم يجيبه كلاهما، واستمروا في فحص جسم الكويكب وكأنهم وجدوا كنز؛ فذهب ديفيد لجايلز وأخذه بعيداً عن الحشد، وقال له بهمس: لو استطعنا حقاً الحصول على تلك الأحجار ستنتهي اللعنة، أليس كذلك؟؟ نظر جايلز إليه وكأنه يريد صفعه: ألم تنسى شيئاً؟؟ فرد ديفيد: أتقصد أن اللعنة لن تنتهي بحجرين فقط؟؟ فأومأ جايلز برأسه، وقال: بلي؛ لذا ينبغي علينا الحصول على الآميترين أيضاً لكسر اللعنة، والآن يجب أن نخبر  الجميع بكل تلك التفاصيل لعل كريس وأنتوني لديهم طريقة للحصول علي الآميترين.

بعدما شرح ديفيد وجايلز قانون كسر اللعنة بتجميع الأحجار الثلاثة، قامت ريس بغضب، وقالت: كيف يعني كسر اللعنة بتجميع الأحجار الثلاثة، هل تكتبون سيناريو الجزء الرابع من جومانجي؟؟ وكانت تلك الجملة بداية الجدل؛ فعلت الأصوات وكادوا أن يتشاجروا؛ لكن فجأة عم الصمت بعدما أطلق سافاش عيار ناري من مسدسه، وقتها نظر إليه الجميع في تعجب، وكأنهم يقولون: ها هو صغير المافيا قد ظهر على حقيقته أخيراً، وأعلن عن تمرده، وبعد أن هدأ الجميع قال سافاش: أعذروني لم أقصد إخافتكم؛ لكن دعونا ننظر للموضوع من منظور مختلف، أنا عن نفسي اكتشفت أن ما نحن فيه الآن أشبه بقصة الرجال الثلاث الذين اُحتجزوا في الكهف؛ لذا دعونا نتحدث عن أخطأنا ونكفر عنها ونتحدث عن أعمالنا الصالحة لعل الله يفك كربنا ويخرجنا من تلك المحنة.. لم يفهم كلامه أحد سوى أسر وزوجته فريدة، ومريم وهايدي؛ لأن هؤلاء الخمسة هم فقط المسلمون بين المجموعة؛ لذا بدءوا في شرح القصة ومغزاها، وشرع الخمسة في الإفصاح عن أعمالهم الصالحة وذنوبهم التي كفروا عنها؛ لكن البقية لم يقتنعوا، وقرروا أن يبحثوا عن الآميترين عن طريق تقسيم أنفسهم لمجموعتين، الأولى تنتظر في الفندق لمراقبة توابع اللعنة، والمجموعة الأخرى بقيادة كريس وأنتوني سيذهبون للبحث عن الآميترين.

في الصباح(ثاني أيام اللعنة)جلست المجموعة على طاولة الطعام يتناقشون حول من سيذهب مع كريس وأنتوني للبحث عن الحجر الناقص، ومن سيجلس بالفندق، وبعد ساعة من النقاش انقسموا لفريقين-برضا الجميع-فالفريق الأول، والذي سيبقى في الفندق مع ديفيد هم جروب(مصر، والصين، وتركيا، وكندا، واليابان، وروسيا)، أما الفريق الذاهب للبحث عن الآميترين مع جايلز فسيضم جروب(أمريكا، وكوريا، والأرجنتين، والإمارات، وبريطانيا)، وبذلك سيبقى في الفندق 12 شخص، وسيرحل 12 آخرون للبحث عن الآميترين.

وقبل أن ينطلق جايلز في رحلته قامت مجموعة ديفيد بإعطاء الرحالة كل إمداداتهم من الطعام والشراب والإسعافات الأولية؛ وكأنهم ذاهبون في رحلة لأدغال أفريقيا، وأثناء رحيل جايلز ومجموعته سمعوا صوت حركة غريبة في الخارج؛ فنظروا وإذا بهم 10 خيول بيضاء تشبه الأحصنة الملكية، كانت الخيول تنظر إليهم وكأنها تنتظرهم لبدء الرحلة؛ لكن ديفيد وجايلز لم يَسعدوا برؤية الأحصنة كما فعل الجميع؛ لكنهم أخفوا ملامح القلق كي لا يلفتوا انتباههم، وقبل أن يتحمس أحداً للذهاب بالأحصنة في رحلة البحث بادر جايلز بإخبار مجموعته أن رحلتهم ستكون أأمن بسيارة الفندق الكبيرة، على الأقل ستحمل الأمتعة والمعدات والطعام.

وأثناء مشاهدتهم لجمال الخيول نظر ديفيد حوله فلم يجد سافاش وآسر وفريدة؛ فصعد للأعلى مسرعاً للبحث عنهم في غرفهم فلم يجد أحداً، وكانت أشيائهم كما هي؛ فذهب مسرعاً للأسفل لعله يجدهم هناك؛ لكن عندما ذهب لمجموعته لم يجد هايدي ومريم أيضاً؛ فصاح في الجميع: أين اختفى هؤلاء؟؟ سافاش وأسر وهايدي وفريدة ومريم اختفوا...نظر الجميع حولهم فلم يجدوا أحداً، خرجوا للحديقة وبحثوا في كل شبر في الفندق فلم يجدوا أي شيء؛ وعندما رجعوا وجدوا ديفيد وجايلز جالسون وكأنهم عائدون من مقبرة بعد دفن صديقهم العزيز..لم ينطق أحد بشيء وجلسوا بجوار الصديقين يشاركوهم حزن لا يعرفون مصدره ويهيئون أنفسهم لسماع خبر لا يسرهم عن أصدقائهم المفقودون، مرت الدقائق وكأنها ساعات، ولم يكسر حدة الصمت سوى أليكسندر حينما وجه حديثه للصديقين: ألن تخبرونا ماذا حل بأصدقائنا؟؟ ألتفت ديفيد لجايلز كأنه يرجوه أن يبدأ هو في التوضيح؛ لكن جايلز أشاح بوجهه بعيداً ولم ينبس ببنت شفة؛ فلم يجد ديفيد مفر سوى إخبارهم بنفسه عن المأساة التي حدثت، فتنهد وأخذ نفس عميق وكأنه يستعد للغوص تحت الماء: هل يتذكر أحدكم أخر مكان ذهب إليه أصدقائنا؟؟ ردت ريس على الفور: أنا رأيتهم قبل توجهنا لرؤية الأحصنة، وحينها-على ما أتذكر-كان سافاش وآسر وفريدة ذاهبون لقبو الفندق للبحث عن الأطعمة والمشروبات المُخزنة هناك؛ لكن هايدي ومريم.. وقبل أن تكمل قال إليكسندر: آه تذكرت، هايدي ومريم ذهبوا معهم؛ لأني سمعت مريم أثناء حديثها مع فريدة، كانت تخبرها أن هايدي ستأتي معها لمساعدتهم في البحث عن الطعام، حتى وقتها استغربت وكنت على وشك سؤالهن؛ لكن حينما سمعت حركة غريبة في الخارج ركضت إليكم، وتخيلت أنهم سبقوني لمعرفة مصدر الضجيج.

لم يتمالك ديفيد نفسه، ووجه حديثه للمجموعة بعصبية مبالغ فيها: إلى متى ستستمرون في أفعالكم الطائشة، آلم يكن بوسعهم إخباري عن مخططاتهم الفاشلة، قاطعه يوشياو: أهدئ أولاً، وأخبرنا لماذا غضبت من تصرف أصدقائنا، آلا يجب عليك شكرهم على مراعاتهم لنا وتفكيرهم في مصلحتنا.. أجابه ديفيد: مصلحتنا!! هل تعلم أن مصلحتنا تلك قد تتسبب في قتلنا جميعاً!! يوشياو، وقد نسي للحظة أن لغة التواصل بينهم الإنجليزية؛ فقال بلغته الأم: 你什么意思? ؛ فأسرع صديقه فان ون، ووجه السؤال بالإنجليزية لديفيد: ماذا تعني؟؟ فرد ديفيد: أعني أن أصدقائنا ذهبوا للعالم السفلي.. وبعدما فرغ ديفيد من جملته نظر للجميع وكأنه مستعد لإجابة أي سؤال أخر منهم بالضبط كالملاكم المهزوم، المنتظر للكمة الأخيرة التي ستنهي المباراة لصالح خصمه؛ لكن-على غير المتوقع-لم يحقق أحد أمنيته، واكتفوا فقط بالنظر إليه، منتظرين أي جملة توضيح أو حتى أي كلمة تطمئنهم أن كل هذا محض مقلب سخيف أو كابوس مرير سيستيقظون منه قريباً؛ لكن ديفيد لم يفعل لا هذا ولا ذاك؛ لكنه كرر نفس الجملة مجدداً: أصدقائنا لم يختفوا لكنهم ذهبوا للعالم السفلي، وفي تلك الأثناء وقف كييتشي وسأله: ماذا تعني بالعالم السفلي؟؟ فرد عليه جايلز: العالم السفلي هو أسوأ كابوس على الأرض، هو الجحيم بذاته.

نهاية الحلقة الثالثة