الفنان عبد الفتاح القصري من أشهر ممثلي الكوميديا في مصر، فلا أحد ينكر قدراته الفنية المذهلة في إدخال البسمة على وجوه المشاهدين، فبمجرد ظهوره في الأفلام تحدث حالة من البهجة والسرور عند الجمهور.
وعلى الرغم من كل هذا لكنه عانى في حياته. في هذا المقال سنستعرض الجزء المأساوي من حياة الفنان عبد الفتاح القصري.
قد يعجبك أيضًا في ذكرى رحيله.. السيرة الذاتية للفنان إسماعيل ياسين
نشأته في الحسين
ولد عبد الفتاح فؤاد حافظ محمد القصري في 18 إبريل في حي الحسين بالقاهرة عام 1905 لعائلة ميسورة الحال تمتلك محلات ذهب في منطقة الجمالية.
وأقام جده حفلًا مدة أسبوع بمناسبة ولادته، وحضر في هذا الحفل أشهر فرق الإنشاد والغناء الشعبي، ودعا إليه جميع العائلات في الجمالية.
ووزع اللحوم على الفقراء مدة أسبوع احتفالًا بقدوم الحفيد؛ وذلك لأن هذا الحفيد جاء بعد انتظار طويل من الأسرة، بعد فقدان والده فؤاد القصري الأمل في الإنجاب.
كان عبد الفتاح القصري الطفل المدلل في أسرته، فقد كان يرتدى أفضل الثياب، وذهب إلى أفضل المدارس، وكان حلم حياة الأسرة هو أن يكبر الحفيد حتى يدير محلات الذهب، ويكمل الامتداد الطبيعي للأسرة، ويصبح من أشهر صانعي الجواهر.
كان يعشق جده بشدة، فقد كان الجد طيبًا سخيًا معه، لا يرفض له أي طلب مهما كان، فقد كان الجد دائمًا يصحب الحفيد معه في كل مكان يذهب إليه منذ أن كان عمره خمس سنين، فكان يأخذه إلى المقهى والعمل.
وكان يفصل للحفيد ثيابًا من قماشه نفسه وتفصيله نفسه؛ ولذلك تعلق بالجد بشدة، ولكن والده كان يرفض ذلك، وأراد أن يكمل تعليمه ويحصل على شهادة عالية.
أصر والده على دخوله المدارس، وقدمه إلى أشهر وأعلى مدرسة في مصر وهي مدرسة الفرير التي كان يقدم إليها طبقات المجتمع الأرستقراطي، ودفع مبلغًا كبيرًا في المدرسة مقابل أن يلتحق بها.
لكن عبد الفتاح كان طالبًا مهملًا لا يحب التعليم، ورفض إكمال تعليمه، وفي أثناء هذا كان يذهب مع جده إلى المقاهي، وتعلَّق بحب الفن.
قد يعجبك أيضًا قراءة هادئة لكتاب «أحسن مائة فيلم كوميدي»
بداية عمله بالفن
تعلَّق القصري بحب الفن، ورفض والده بشدة هذا المجال، لكن القصري أصر عليه. حتى يمنعه والده من هذا هدَّده بالحرمان من الميراث، ولكن هذا لم يمنع القصري من تحقيق حلمه، ودخل الفن، وقدم كثيرًا من الأعمال، وترك بصمة كبيرة في هذا المجال.
امتلك عبد الفتاح القصري بفضل الفن قصرًا في مصر الجديدة، وسيارة وأموالًا، ولكنه كان يرفض الزواج، وتبنى طفلًا، وظل يعيشان سويًّا، حتى تعرف على شابة صغيرة وقع في غرامها، وطلب منها الزواج، وكان يكبرها بأكثر من أربعين عامًا، فقبلت الزواج منه بشرط أن يحرر لها توكيلًا بكل ممتلكاته.
بدأت الحياة تأخذ جانبًا مأساويًا معه. ففي أثناء تقديم إحدى المسرحيات مع إسماعيل ياسين أُصيب بالعمى، وظن الجمهور أنه كان يمثل دور أعمى فانفجر من الضحك، وبعد ذلك جلس في المنزل.
وعندما علمت زوجته بذلك باعت كل ممتلكاته، وأجبرته على طلاقها، ولم تكتفي بهذا فقط بل تزوجت ابنه بالتبني، وعاشت معه في القصر نفسه، وبعد مدة باعت القصر، وانتقلت إلى منزل صغير، وكانت تسكن هي وابنه بالتبني في الشقة العلوية وهو يسكن بمفرده في غرفة صغيرة أسفل البيت.
أصيب عبد الفتاح القصري بمرض ألزهايمر، وكان يقف على باب الغرفة ينادي على المارة، ويطلب منهم الطعام والدخان، وكانوا عندما يرونه يطلبون منه أن يقول لهم جملًا من فيلم "ابن حميدو" فكان يقول هذه الجمل مقابل الحصول على حاجاته.
وفي أثناء هذا رآه أحد الصحفيين، فصوره ونشر عنه في الصحف، وعندما انتشرت صورته في الصحف، زارته الفنانة ماري منيب والفنانة نجوى سالم، ولكن طليقته رفضت زيارتهما له.
وبعد مدة من انتشار صورته شعرت طليقته بالملل والضغط من الفنانين والصحفيين، ولكي تتخلص من هذا طردته إلى الشارع، وعندما علمت أخته بهذا، أخذته إلى منزلها، وظل عند أخته أسابيع عدة حتى توفي، بعد أن ترك بصمة كبيرة في السينما المصرية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.