إن خطط التنويع الاقتصادي الطموحة في المملكة العربية السعودية، بصفتها جزءًا من برنامج التحول الوطني، تدفع حتمية تحول الصناعات رقميًّا.
إن سكان المملكة الشباب المتمرسين في مجال التكنولوجيا، ومعدلات انتشار الإنترنت والأجهزة المحمولة العالية، ومبادرات الحكومة الإلكترونية، والاستثمار في البنية التحتية للتكنولوجيا واللوجستيات، والتزامها بتعزيز ثقافة الابتكار، كل هذا يواصل تعزيز جاذبيتها مركزًا إقليميًّا للتكنولوجيا، وتحفيز النمو في جميع القطاعات.
في منتصف الطريق نحو رؤية 2030، أحرزت المملكة العربية السعودية تقدمًا كبيرًا، ولا سيما في القطاعات غير النفطية، فقد عملت على تعزيز التحول الرقمي وتعزيز بيئة الأعمال التنافسية.
ويكشف تقرير مراقبة الاقتصاد السعودي الافتتاحي لشركة PwC أن الناتج المحلي الإجمالي السعودي تجاوز تريليون دولار أول مرة في عام 2022، وكان القطاع الخاص غير النفطي في المملكة رائدًا في النمو عام 2023، إذ تسارع إلى 5.8% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2023، وبلغ أعلى بنسبة 13.9% مقارنة بعام 2019.
اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن المملكة العربية السعودية؟
التنوع الاقتصادي يغذي التحول الرقمي
وفي بيئة الأعمال الجديدة في المملكة العربية السعودية، تعمل التكنولوجيا على تمكين التطور، وقد ترجم هذا إلى تعليم أفضل، وخدمات جديدة عبر الإنترنت، وفرص أفضل للشركات للنمو، وسوق رقمية أوسع لبيع المنتجات والخدمات، وتعزيز الإبداع والتعاون خارج الحدود.
وفي مجال الرعاية الصحية والتعليم، على وجه الخصوص، نرى دفعة نحو الرقمنة وتحسين الخدمات الذكية وخلقها، على سبيل المثال، حددت المملكة العربية السعودية هدفًا لرقمنة 70% من أنشطة المرضى بحلول عام 2030 للحد من الاعتماد البشري وأتمتة عدد من خدمات الرعاية الصحية.
ويوجد التزام هائل في المملكة العربية السعودية بدعم الابتكار التكنولوجي بواسطة مبادرات مختلفة، بما في ذلك الإصلاحات التنظيمية، وحوافز الاستثمار، وإنشاء مناطق اقتصادية تركز على التكنولوجيا مثل نيوم ومنطقة الملك عبد الله المالية.
وتعمل مثل هذه التدابير على خلق بيئة مواتية للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا والشركات متعددة الجنسيات في جميع أنحاء المنطقة والعالم، وقد أدى النجاح المستمر لهذه المبادرات الاقتصادية إلى ارتفاع المملكة العربية السعودية إلى المرتبة 17 في تصنيف الاقتصاد العالمي في عام 2022، وتوقع صندوق النقد الدولي أن تتمكن المملكة من الوصول إلى 1.3 تريليون دولار من الإيرادات المالية بحلول نهاية عام 2028.
اقرأ أيضًا: النهضة التكنولوجية في المملكة العربية السعودية: نظرة ثاقبة
التقنيات الرئيسة التي تعزز التحول الرقمي
وفي المملكة العربية السعودية، تستثمر الشركات في تقنيات جديدة مثل الجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، وإنترنت الأشياء، يليها التصنيع المتقدم والروبوتات، والواقع الافتراضي والمعزز، والعلوم البيولوجية المتقدمة.
كما نشهد استثمارات كبيرة في استخراج البيانات والحوسبة السحابية للتنقل في الاقتصاد الرقمي الحديث، ويتجلى هذا خاص في تطوير المدن الذكية والإدراكية حيث يُستفاد من تقنية الحوسبة السحابية لدعم إنشاء البنية التحتية الذكية، مثل إدارة حركة المرور الذكية وتعزيز الاتصال المحسن.
اقرأ أيضًا: رؤية السعودية 2030 تتكشف بمشروعات عملاقة
الصعود السريع والفوضوي تقريبًا للذكاء الاصطناعي المولد "GenAI"
وتشهد المنطقة أيضًا تكيفًا سريعًا مع الذكاء الاصطناعي عبر مختلف المجالات، بما في ذلك التسويق وخدمة العملاء والبحث والتطوير، وهذا يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى تحقيق توازن دقيق بين تعزيز الابتكار وضمان الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي.
ويكتسب أولئك الذين يستطيعون التعامل مع هذه التحديات بمهارة ميزة تنافسية، ما يضع معايير جديدة للتحول الرقمي في المنطقة.
كما كشفت النتائج الرئيسة في استطلاع للرؤساء التنفيذيين أن 66% من الرؤساء التنفيذيين في المملكة العربية السعودية يعتقدون أن الـGenAI ستغير نماذج أعمالهم بدرجة كبيرة في السنوات الثلاث المقبلة، وتوقع ما يقرب من ثلاثة أرباع (74%) تأثيرًا كبيرًا في الميزة التنافسية لشركتهم في صناعاتهم نتيجة لاعتماد الـGenAI، وهو ما يزيد على المتوسط العالمي البالغ 68%.
واتفقت غالية أكبر قادة الأعمال في المملكة العربية السعودية (71%) على أن الـGenAI سيزيد كفاءتهم في العمل، وهو ما يزيد على 59% من أقرانهم على مستوى العالم، في حين شعر عدد مماثل أنه سيزيد من كفاءة الموظفين أيضًا، وهو ما يزيد بدرجة كبيرة على المتوسط العالمي البالغ 64%.
مع الارتفاع السريع لـGenAI، من المتوقع أيضًا أن يكون تأثيره في القوى العاملة كبيرًا، فقد أظهر استطلاع أن 71% من القادة السعوديين يشعرون أن الـGenAI يتطلب من معظم القوى العاملة تطوير مهارات جديدة.
يعني تحول القوى العاملة أن القادة يجب أن يرفعوا مهارات الموظفين لاستخدام أدوات مختلفة ونماذج لغوية كبيرة للاستفادة بفاعلية كبيرة من فوائد الـGenAI.
اقرأ أيضًا: أهم إنجازات الملك سلمان بن عبد العزيز
هل تفشل الشركات في تنفيذ خطط التحول الرقمي الخاصة بها؟
وعلى الرغم من الحرص على تبني التقنيات الناشئة، يواجه قادة الأعمال في المملكة تحديات تتعلق بالمخاطر السيبرانية.
في الواقع، شعر أكثر من نصف (63%) من الرؤساء التنفيذيين أن الـGenAI من شأنه أن يزيد مخاطر الأمن السيبراني في الأشهر الـ12 المقبلة.
وفي أحدث تقرير من Digital Trust Insights 2024، منظور المملكة العربية السعودية، أبدى 57% من المشاركين في المملكة العربية السعودية قلقهم بشأن خسارة الإيرادات، مثل العقود المفقودة وفرص العمل، وهو قلق يشترك فيه 48% على مستوى العالم.
إضافة إلى ذلك، أعرب 43% من المشاركين في المملكة العربية السعودية عن مخاوفهم بشأن الضرر الذي قد يلحق بجودة المنتج والخدمة.
ولكن يوجد وعي متزايد في المنظمات بضرورة تعزيز دفاعاتها والتصرف بسرعة وتحويل التهديدات إلى فرص.
وفي هذا الصدد، أشار 33% من المشاركين السعوديين إلى زيادة متوقعة تراوح بين 6% و10% في ميزانية الأمن السيبراني في منظماتهم، وهو ما يسلط الضوء على إمكانية تحديث وتحسين البنية الأساسية للتكنولوجيا داخل منظماتهم.
اقرأ أيضًا: الدور المتنامي للمملكة العربية السعودية في التقنيات المتقدمة
الطريق إلى الأمام.. روح التعاون
إن التعاون بين مجتمعات التقنية المحلية والدولية أمر محوري في دفع المملكة العربية السعودية نحو تحقيق أجندتها الطموحة للتحول.
إذ تعمل التعاونات الدولية على جلب تقنيات جديدة وممارسات مبتكرة، ما يعزز منظومة الابتكار المحلية القوية، وتمكن هذه التعاونات الكيانات التقنية السعودية من الوصول إلى الأسواق العالمية، والتواصل مع المستثمرين والموجهين، وعلى هذا تسريع طموحات المملكة العربية السعودية لتصبح اقتصادًا رقميًّا رائدًا وتعزيز قدرتها التنافسية على الساحة العالمية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.