مرحلة هي بمثابة خطوة من خطوات الحياة، لا بد لها من تغيرات جذرية، وتتمثل في النضوج الفكري.
أهم طابع يميزها عن غيرها من المراحل العمرية، تعبر عن جودة الحياة والوقت والتفكير، وهي مثل رحلة فاخرة راقية تمتد بك إلي نهاية العمر.
العشرينات.... الفترة المجنونة والأكثر احتفاءً بالإنسان، كأنها قطر مسرع ليس له محطات توقف، لكنه يرسو عند المحطة التاسعة والعشرين.
اقرأ أيضًا: لننظر للعالم بطريقة مختلفة
عندها فقط يمكنك التوقف وأنت تلهث من فرط السرعة، تجمع شتات نفسك وتحاول ما بين شهيق وزفير لتهدأ من هذا الماراثون.
عندها فقط تقف وتنظر وراءك لترى ما فات بك وعليك، كيف مر بك هذا وذاك وأنت لم تره؟
كيف فعلت هذا ولم لم تفعل ذاك؟
لِم سنحت لك تلك الفرص ولم تقتنصها؟
كيف مرت تلك السنوات وأنت لا تدري ماذا حدث فيها؟
كيف مرت بتلك السرعة؟
تساؤلات كثيرة تجوب هنا وهناك، لا تعرف هل هي ضريبة العشرين من العمر، أم هي ضريبة عمى البصيرة، أم هي ضريبة الطيش وقلة الخبرة، أم هي غرور الصغر؟
أنت في المحطة الأخيرة قبل الثلاثين، ستمر بالكثير بداخلك، أولها لقد كبرت، كيف هذا مع أن مرحلة الكبر لما تأتِ بعد؟
ولكن عقلك يُهيئ لك من صدمة الموقف ذلك، والمفروض أنك مُدرك أنك بعد الطفولة تبدأ بمراحل مختلفة، ولا يمكن لمرحلة أن تستمر للأبد، ولكن جموحك واستمتاعك يمنعك من إدارك طبيعة الموقف، أو ربما أنك لا تريد إدراك هذا.
ثم تأتي لما بعدها من التساؤلات، هي.. فِيم مرت تلك السنوات الماضية؟
كيف لم أستثمر هذا الوقت؟
ويبدأ الشعور بالندم والخذلان من نفسك، مع أن هذا لن يجعلك ترجع إلى ما فات من الوقت، كل ما في الأمر أنك بشكل غير واعٍ تواصل ما فات، ولكنك لا تدرك ذلك، ولن تدرك حتى تجعل تركيزك كله على الوقت الحالي.
وتواصل هذه التساؤلات والتخبطات إلى أن تصل إلى نهاية المطاف ألا وهو مواجهة واقع أنك على عتبة الثلاثين أخيراً، ماذا سأفعل؟
اقرأ أيضًا: الآن الآن.. أو.. أبداً أبداً..!!!
إلى أين أنا ذاهب؟
ماذا هناك وراء الثلاثين؟
بعد المواجهة يأتي التحدث مع النفس ثم الهدوء النسبي، البدء في حب الخلوات بالذات، التفكير والتأمل، الميل للعمل والكثير من العمل.
يبدأ يظهر حب الذات تدريجياً، وحب التطور وبناء عالم داخلي خاص وخارجي أيضاً، والوقوف على مبادئ حياتية.
الثقة بالنفس والثقة بالأحكام الشخصية التي في الغالب يعمل الثلاثيني على تنقيحها والارتقاء بالجانب العقلي والنفسي، والعمل على البوح بالمشاعر، والتعلم من الذي مضى، ورؤية الإشارات التي تضيء الطريق.
حتى ميل الفرد في العاطفة يقل بعد الهدوء والتأني، وتبدأ الرغبة بالاستقرار، والبعد عن صخب الحياة، والميل لِما هو صحي ونظيف.
النضوج الفكري أهم طابع في هذه المرحلة؛ لأنه يترتب عليه الباقي من تغيرات تواكب هذا العمر.
هذا لا يعني التغير الكلي والبحت للثلاثيني؛ لأنه سيظل متمسكاً بالجانب الطفولي والعشريني بجانب كل هذه التغيرات العمرية.
هي مرحلة مثل سفينة ترسو على الشاطئ بعد عواصف هوجاء امتدت طيلة تسع سنوات أو عشر، حيث يقال إن الثلاثين هي مرحلة الاكتمال الجسدي والعقلي.
كما يمكن أن يمثل الثلاثون بقبطان سفينة قرر أخيراً التحكم بها وإدارتها كما يجب ليكمل الباقي من رحلته على أنها رحلة فاخرة فخمة وراقية.
ويمكن أن يمثل أيضاً بمن كان يركب مهراً أخذ يعيث بالمضمار فساداً إلى أن وصل للكبر فمشي بإباء وفخر معلناً وصوله بكبرياء وثقة خيلٍ عربيٍ أصيل.
اقرأ أيضًا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.