الثامن من مارس.. حين تزهرُ المرأة كقصيدةٍ لا تنتهي

الثامن من مارس ليس مجرد يومٍ في التقويم، بل هو لحظةٌ يتذكر فيها العالم أن المرأة كانت دائمًا القوة التي تحرك الحياة بجمالها وثباتها، وهي ليست نصف المجتمع فحسب، بل نبضه وروحه، والحلم الذي لا ينكسر، والقصيدة التي لا تنتهي.

في هذا اليوم لا تُمنح حقوقها، بل يُعاد الاعتراف بما هو لها أصلٌ، فهي التي تعرف كيف تكون ناعمةً كنسمة، وعاصفةً متى شاءت، جميلةً بحضورها لا بمظهرها فقط، وقويةً لأنها اختارت أن تكون كذلك، المرأة ليست يومًا يُحتفى به، بل هي الحياة التي تستحق الاحتفاء كل يوم.

في الثامن من مارس لا يُمنح للمرأة ما ليس لها، ولا يُضاف إليها ما لم يكن موجودًا أصلًا، وهذا اليوم ليس مجرّد مناسبةٍ تُضاف إلى تقويم الاحتفالات، بل هو شاهدٌ على أن المرأة كانت من الأزل قوةً تتجلّى بألف صورة، وسحرًا لا يُشبه إلا نفسه.

المرأة ليست فقط تلك التي تتحمّل وتصبر، فالصبر ليس مقياسًا للقوة دائمًا، والقوة ليست في أن تسكت عن حقوقها، أو تذوب في أدوارٍ فرضها عليها الآخرون.

المرأة في حقيقتها أوسعُ من كل وصف، وأعمقُ من أن تُختصر في تعريفٍ واحد، هي الريحُ التي تهزّ الأشجار عندما تعصف، وهي المطرُ الذي يروي الأرض حين تجود السماء، وهي الصمت حين يكون للكلمات ثقلٌ لا يُحتمل، وهي الصوت حين يحتاج العالم إلى من يتكلم.

حين تقف أمام مرآتها لا تفعل ذلك لتبحث عن القبول في أعين الآخرين، بل لترى انعكاس ما في داخلها، تسرّح شعرها كأنها ترتّب أفكارها، وتضع عطرها كأنها تترك أثرها في العالم قبل أن تخرج إليه، وتختار ملابسها كما يختار الكاتب كلماته الأولى، وتعرف أن الانطباع الأول ليس مجرد مظهر، بل رسالةٌ غير منطوقة، تقول بها: أنا هنا، وهذا عالمي.

هي التي تعرف كيف تكون دفئًا في ليالي الوحدة، وكتفًا يُستند إليه في الأوقات الصعبة، لكنها أيضًا تعرف متى تكون جدارًا لا يُخترق، متى ترفع رأسها في وجه العاصفة، ومتى تسير وحدها حتى لو كانت الطريق طويلةً ومظلمة، هي ليست دائمًا تلك التي تحتمل دون شكوى، فقد تبكي، لكنها تبكي كما تمطر السماء: لا ضعفًا، بل ليولد بعدها ربيعٌ جديد.

وهي ليست جميلةً لأنها تضع مساحيق التجميل أو تتبع أحدث صيحات الموضة، بل لأنها تفهم أن الجمال ليس مجرد تفاصيل خارجية، بل هو امتدادٌ لحضورها، لطريقتها في المشي، لنبرة صوتها حين تتحدث، للمعاني التي تحملها في عينيها، بعض النساء يشبهن الفجر، ناعمات لكنّهن يملكن القدرة على تبديل الليل بالضياء، وبعضهن يشبهن البحر، هادئات على السطح، لكنّهن عميقاتٌ لا تُقاس أغوارهن.

المرأة ليست نصف المجتمع، بل نبضُه وروحه والفكرةُ الأولى التي لولاها لما كان للحياة معنى، هي ليست يومًا في السنة، بل هي السنة كلها، ليست قصيدةً تُقرأ، بل كتابٌ مفتوحٌ لا ينتهي.

في الثامن من مارس لا نحتفل بها لأنّها تحتاج إلى الاحتفاء، بل لأن العالم يحتاج إلى أن يتذكّر أنه دونها كان سيكون ناقصًا، وكان سيكون أقلّ حياة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة