هل تعرف أن التوحد ينتشر بمعدل 4 ذكور مقابل كل فتاة، هناك بشر يحتاجون شهراً كاملاً للتدرب على شرب كأس من الماء، وربما شهور ليتعلّم كيف يلبس قميصه أو بنطاله، أو حتى يتعرّف على أسرته والعالم من حوله.
ربما يحملق عشر ساعات في مكان واحد، أو يتجول بنظره دون إدراك للمكان أو الوجوه، لا يعرف عالمنا ولغة الجسد، فلا يفرق بين صح وخطأ، نعم ولا، غضب وسعادة، والسبب وجود اضطراب في جزء من الدماغ يعيق نمو القدرات العقلية والذهنية، يتميّز التوحديون بالانغلاق على ذاتهم وعدم الانفتاح على المحيط الخارجي من حولهم، وحبهم الشديد للوحدة والانعزال حتى من أقرب أفراد العائلة، ورغبة بتكرار أنماط سلوكية دون ملل.
أكبر معاناة لعائلات التوحديين، أن أطفالهم لا يعرفوا أن عليهم الذهاب إلى الحمام لقضاء الحاجة، كما لا يعرفون أن عليهم تنظيف المكان..
يواجه الأطفال صعوبات في التواصل الكلامي وغير الكلامي، غالباً بعمر أقل من خمسة أعوام، بعضهم يثرثر بموضوع واحد لا يهمّ الآخرين، كما لا ينصت ولا يهتم لأحاديث الآخرين، لا يعرف أوقات النوم أو الاستيقاظ مثل بقية الناس، لا يعرف عمره فالطفل بالنسبة له مثل المسن.
أحياناً يضحك التوحدي في أشدّ اللحظات حزناً، وأحيانًا العكس، ربما يتعلّق بلعبه وهو بعمر الخمسين، ربما يتخيّل لمبة المنزل، كرة قدم أو بطيخة مدورة، يتوحد ويتقوقع حول نفسه، أطلق العلم على هذه الأعراض "التوحد".
التغيّرات الهرمونية في جسد التوحديين، تعزلهم عن المحيط، وتحبسهم في عالم الاكتئاب والإحباط، فربما يتحوّل إلى إنسان عدوانيّ مشبع بالغضب، أو يتطرّق لمواضيع تافهة يظنها مهمّة، وأثبت العلم أن التوحد سببه الوراثة بنسبة 80 في المئة.
كثير من التوحديين في عالمنا العربيّ، لا يلتحقون بالمدارس، ولا تراعى ظروفهم في المستشفيات، وحتى تخجل أسرهم الإفصاح عن حالهم، إلّا أن الدول المتقدّمة تصرف لهم رواتب، وتلحقهم بمدارس متخصّصة، وتمنحهم حصانة إنسانية لمجابهة تحديات المجتمع؟
وما يصعب المشكلة أن التوحدي، أحياناً بحاجة لطبيب أعصاب، وآخر متخصص في السلوك، وربما ثالث لتنمية مهارات الإحساس، إضافة إلى أن العلم لم يجد حتى الآن دواء أو علاجاً للتوحدين، باستثناء بعض الأدوية والحقن المخففة للاكتئاب، فمنذ اكتشاف المرض مطلع الأربعينات وحتى اليوم، والأبحاث عاجزة عن التوصل لعلاج لـ "التوحديين".
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.