لماذا غالبًا ما يتزامن اضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟ ما الفرق بين اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واضطراب طيف التوحد؟ لماذا يصعب تشخيص البالغين المصابين باضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟ كيف يُشخَّص البالغ المصاب باضطراب طيف التوحد/ اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟ نجيب عن هذه التساؤلات وغيرها في هذه المقالة.
التوحد وفرط الحركة عند البالغين
يُعدُّ التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه حالتين شائعتين بين البالغين. ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن أكثر من 5 ملايين بالغ -أي نحو 2.2% من إجمالي سكان الولايات المتحدة البالغين- مصابون باضطراب طيف التوحد، ويعاني 4.4% آخرون اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD).
ولكن ما قد لا تدركه هو أنه يمكن أن تُصاب بكليهما معًا، إذ تشير البحوث إلى أن ما بين 28% و44% من جميع البالغين المُشخَّصين باضطراب طيف التوحد قد يُصابون أيضًا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
قبل عقدين فقط، لم يكن معظم الأطباء يُفكِّرون في فحص المرضى البالغين بحثًا عن أيٍّ من الحالتين، ما يعني أن كثيرًا من المرضى كانوا يتلقون علاجًا نفسيًا سنوات قبل تشخيصهم رسميًّا. أما اليوم، فقد أصبح كثير من مُقدِّمي الرعاية الصحية أكثر وعيًا بهذه الاضطرابات النمائية، وكيف يُمكن لها أن تُؤثِّر في البالغين، ونتيجةً لذلك، يتلقى مزيد من الأشخاص هذا التشخيص المزدوج.
قد يبدو الأمر صعبًا للغاية إذا شُخِّصتَ أنت أو أحد أحبائك باضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه معًا. لكن عندما تعرف ذلك، ستتمكن من الوصول إلى علاجات واستراتيجيات اندماج مناسبة لكليهما.
لماذا غالبًا ما يتزامن اضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟
طيف التوحد وفرط الحركة ونقص الانتباه كلاهما اضطرابان عصبيان نمائيان، هذا يعني أنهما يؤثران في نمو الدماغ؛ لذا، ليس من المستغرب أن يؤثر كلاهما في الحركة واللغة والذاكرة والمهارات الاجتماعية والقدرة على التركيز، والأهم من ذلك، أن كليهما يؤثر في الوظائف التنفيذية للدماغ، من حيث القدرة على اتخاذ القرارات، والتحكم في الانفعالات، وإدارة الوقت، والتركيز، والتنظيم، والمهارات الاجتماعية.
غير أن الدراسات الحديثة تشير إلى وجود عوامل أخرى تُفسر حدوث كليهما في الوقت نفسه، وتشمل هذه العوامل:
- التغيرات الجينية: توجد اختلافات جينية معينة قد تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بكل من اضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بأحد المرضين أو كليهما.
- الذكورة: كلتا الحالتين أكثر شيوعًا لدى الأولاد دون الإناث.
ما الفرق بين اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واضطراب طيف التوحد؟
للوهلة الأولى، قد يبدو الاضطرابان متشابهين إلى تشابهًا كبيرًا، إذ قد يعاني الشخص المصاب بأي منهما صعوبة في التركيز، وصعوبة في قراءة الإشارات الاجتماعية، مع التعرض لنوبات غضب، والحركة المستمرة.
تشمل أعراض اضطراب طيف التوحد لدى البالغين، صعوبة التواصل البصري، وعدم القدرة على التعبير عن المشاعر، وضعف مهارات المحادثة، كأن يلجأ الشخص إلى تغيير الموضوع، أو الإطالة، أو إعطاء إجابات من كلمة واحدة، إضافة إلى استخدام كلمات وجمل رسمية ومعقدة، مع الاحتفاظ بذاكرة قوية للتفاصيل مثل الحقائق والأسماء والإحصائيات.
من المشكلات التي يعانيها الشخص عدم فهم المجاز وأخذ الأمور حرفيًا، مع سلوكيات متكررة مثل فرك اليدين أو التأرجح ذهابًا وإيابًا، والالتزام بالروتين والانزعاج من التغييرات، مع سهولة تشتيت الانتباه ببعض المشاهد أو الأصوات.
في المقابل، يمكن أن يسبب اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أعراضًا مختلفة تمامًا، بما في ذلك، ارتكاب أخطاء، تبدو غير مبالٍ، وعدم القدرة على التركيز في المهام الطويلة، وصعوبة اتباع التعليمات، وعدم القدرة على تنظيم الأشياء أو المهام، مع فقدان أشياء مثل المفاتيح والمحافظ والهواتف، والنسيان، وصعوبة الجلوس والانتظار، والإفراط في الكلام ومقاطعة الآخرين.
لماذا يصعب تشخيص شخص بالغ مصاب باضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟
قد يكون الأمر صعبًا، فإذا ظهرت على الشخص أعراض خفيفة لأيٍّ من الحالتين أو كلتيهما، فقد يكون قد توصل بالفعل إلى طرق للتعويض عنها. على سبيل المثال، قد يكون الشخص المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ودودًا مع الآخرين، ولكنه قد يبدو غريب الأطوار قليلًا.
قد يصعب ملاحظة صعوبات التركيز إذا كان الشخص منخرطًا في نشاط يثير اهتمامه حقًا. وقد يبدو الأشخاص المصابون بالحالتين كلتيهما أقل تشتتًا من الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه «التقليدي»، لأنهم قد ينشغلون بمهمة ما بسهولة أكبر، أو يقاومون التوقف.
يصعب أيضًا تشخيص الأشخاص الذين يعانون إعاقات ذهنية؛ لأن أعراض اضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قد تطغى عليهم، وفي هذا السياق تشير بعض البحوث إلى أن 70% من الأشخاص المصابين بإعاقة ذهنية واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مصابون أيضًا باضطراب طيف التوحد، ولكن قد لا يكون هذا هو الحال دائمًا.
إذا كان الشخص يعاني ضعف ذهني شديد، على سبيل المثال، ولا يتكلم، فقد ينزعج عندما لا يستطيع التواصل، وهو ما يبدو كأنه فرط نشاط، لكنه في الحقيقة ليس كذلك.
كيف يُشخَّص البالغ المصاب باضطراب طيف التوحد/ اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟
لأن الحالتين كلتيهما معقدتان للغاية وقد تتشابهان، فمن المهم إجراء تقييم شامل، غير أن كثيرًا من الأطباء يوصون الآن بإجراء فحص للكشف عن الحالة الأخرى في حال تشخيصك بإحدى هاتين الحالتين. على سبيل المثال، قد لا يتم تشخيص بعض البالغين الذين يعانون أعراضًا خفيفة لاضطراب طيف التوحد في طفولتهم لأن أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه كانت شديدة. ولكن بمجرد بلوغهم سن الرشد، وتحسن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لديهم، أصبح اضطراب طيف التوحد لديهم أكثر وضوحًا.
من المفترض أن يلجأ الطبيب المعالج إلى مراجعة التاريخ الشخصي والطبي والنفسي من الطفولة إلى الوقت الحاضر، مع طرح عليك أيضًا أسئلة حول كيفية إدارة حياتك اليومية، مثل:
هل توجد أشياء معينة، مثل الإضاءة الساطعة، أو بعض الروائح، أو الضوضاء، تُصعِّب عليك أداء مهامك؟
هل تفكر يومًا في إيذاء نفسك أو الآخرين؟
هل تقضي وقتًا طويلًا على الإنترنت؟
هل لاحظتَ يومًا أنك لا تُبالي بالأمور التي تُزعج الآخرين، مثل الألم أو تغيرات درجة الحرارة؟
سيرغب الطبيب المعالج أيضًا في التحدث مع الآخرين، مثل أحد والديك، لمعرفة انطباعاتهم أيضًا من خلال مراقبتهم لسلوك الطفل داخل البيت وخارجه.
الفحص الطبي، خيار آخر، فعادةً ما يُوصي الأطباء بإجراء فحص من أجل استبعاد الحالات الطبية مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو النوبات التي تُشبه أعراض اضطراب طيف التوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
ما التوقعات لشخص بالغ مُصاب باضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟
عمومًا، يكون الطريق أصعب من أولئك الذين تم تشخيصهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه فقط. فإذا كنت تعاني الحالتين كلتيهما، فأنت أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية أخرى مثل الاكتئاب والقلق، حتى لو لم تُشخَّص بحالة أخرى، فقد تعاني تقلبات مزاجية حادة خلال اليوم؛ ما قد يكون مرهقًا لك ولمن حولك.
ولأن تشخيص اضطراب طيف التوحد/ اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أصعب من تشخيص أي منهما بمفرده، فمن المهم العثور على مقدم علاج متخصص في الحالتين كلتيهما. بهذه الطريقة، يمكنك المساعدة في ضمان حصولك أو حصول أحد أحبائك على الرعاية اللازمة.
وأنتم أعزائي القراء شاركونا آراءكم بالتعليقات أسفل هذه المقالة في الأسئلة التي تدور في أذهانكم بشأن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والتوحد في مرحلة البلوغ.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.