التهاب الدماغ «Encephalitis» هو التهاب شديد الخطر يصيب أنسجة الدماغ نتيجة عدوى فيروسية أو بكتيرية أو اضطراب مناعي ذاتي، ويسمى أيضًا «التهاب السحايا»، و«التهاب الدماغ المناعي الذاتي»، وهو مرض نادر جدًّا، ومن الأمراض التي قد تؤدي إلى مضاعفات تُنذِرُ بالخطر، إذا لم يُشخص ويُعالج مبكرًا، وهنا تكمن أهمية التشخيص المبكر والعلاج الفوري.
وفقًا لدراسة منشورة في National Institute of Neurological Disorders and Stroke، فإن التهاب الدماغ الناتج عن فيروس الهربس البسيط يُعد من أخطر أنواع التهاب الدماغ، ويؤدي إلى معدل وفيات مرتفع في حال عدم تلقي العلاج الفوري.
أسباب التهاب الدماغ والعوامل المؤدية إلى الإصابة
توجد أسباب رئيسة عدة تؤدي إلى التهاب الدماغ وتشمل:
- العدوى الفيروسية: وتُعد الفيروسات أحد أكثر الأسباب شيوعًا لالتهاب الدماغ، ومن أشهر الفيروسات المسببة:
- فيروس الهربس البسيط (HSV): وهو أحد أخطر أسباب التهاب الدماغ الفيروسي.
- فيروس داء الكلب: وهو ينتقل عبر عضة الحيوانات المصابة.
- الفيروسات المنقولة عبر البعوض والقراد: مثل فيروس غرب النيل.
- الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي: مثل فيروس الإنفلونزا.
- العدوى البكتيرية والفطرية: على الرغم من ندرة الإصابة بعدوى بكتيرية أو فطرية قد تؤدي إلى التهاب الدماغ، فإن بعض الحالات مثل التهاب السحايا البكتيري قد تسبب ذلك.
- الاضطرابات المناعية الذاتية: يحدث التهاب الدماغ المناعي الذاتي عندما يهاجم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ خلايا الدماغ.
هل التهاب الدماغ معدٍ؟ وكيفية الوقاية من انتقال العدوى
التهاب الدماغ ليس معديًا، ولكن تكمن خطورة العدوى في المسبب له، لأنه قد يكون ناتجًا عن عدوى فيروسية أو بكتيرية، ما يجعل احتمالية انتقاله من شخص لآخر قائمة.
أعراض التهاب الدماغ المبكرة وتأثيرها في الجسم
تعتمد الأعراض على مدى تأثر الدماغ وشدة الالتهاب، ويمكن تقسيمها إلى نوعين من الأعراض:
أعراض ثانوية أو أولية: تشبه أعراض الإنفلونزا مثل: صداع، حمى، إرهاق، وألم في العضلات والمفاصل.
الأعراض العصبية: وتبدأ في الظهور مع تفاقم الحالة، وتتمثل في:
- تشوش ذهني.
- مشكلات في النطق.
- نوبات صرع.
- ضعف في العضلات.
- تغيرات في السلوك والشخصية مثل الهلوسة والذهان.
- في الحالات الشديدة قد تصل إلى غيبوبة.
قد تشمل أيضًا أعراض المرض التي تظهر على الرضَّع والأطفال الصغار:
- انتفاخ في البقع اللينة في جمجمة الرضيع، وتيبس يؤثر في الجسم كله.
- سوء التغذية أو عدم الاستيقاظ من أجل الرضاعة.
كيفية تشخيص التهاب الدماغ بأحدث الفحوص الطبية
يعتمد الأطباء على مجموعة فحوص لمساعدتهم في تشخيص التهاب الدماغ، وتشمل:
- تحليل الدم: ويساعد على الكشف عن الفيروسات والبكتيريا المسببة.
- تحليل السائل النخاعي «البزل القطني»: ويساعد على تحديد نوع العدوى.
- التصوير بالرنين المغناطيسي «MRI»: ويساعد على الكشف عن التغيرات في أنسجة الدماغ.
- الرسم التخطيطي لكهربية الدماغ «EEG»: وذلك لتقييم النشاط الكهربائي للدماغ، وخاصة في حالات النوبات.
- الفحص السريري: ويتم فيه تقييم الأعراض وردود الفعل العصبية.
علاج التهاب الدماغ بالأدوية والعلاجات الداعمة
يعتمد العلاج على سبب الالتهاب ومدى خطورته، ويشمل:
- الأدوية المضادة للفيروسات: مثل الأسيكلوفير لعلاج التهاب الدماغ الناتج عن فيروس الهربس.
- المضادات الحيوية أو مضادات الفطريات: في حالة التهاب الدماغ البكتيري أو الفطري.
- الأدوية المضادة للالتهابات: مثل الكورتيكوستيرويدات للحد من التورم والالتهاب.
- الأدوية المضادة للتشنجات: لمنع النوبات العصبية.
- العلاج الداعم: مثل السوائل الوريدية، الأكسجين، والعناية المركزة في الحالات الحرجة.
علامات الشفاء من التهاب الدماغ وكيفية التعافي التام
وهي العلامات التي تدل على تحسن الحالة بعد العلاج، وتعتمد سرعة الشفاء على شدة الالتهاب وسببه، لكن العلامات الشائعة التي تدل على التحسن تشمل:
تحسن الوظائف الإدراكية والعقلية: وذلك يشمل:
- استعادة الوعي والتركيز على نحو طبيعي.
- تحسن القدرة على التفكير والتذكر.
- تراجع حالات التشوش الذهني أو الهلوسة إن وجدت.
- اختفاء الأعراض العصبية: وذلك عن طريق:
- تقليل نوبات الصرع أو توقفها تمامًا.
- استعادة القدرة على التحدث بوضوح دون صعوبة.
- تحسن التوازن والحركة إذا كان المريض يعاني ضعفًا عضليًّا.
استعادة الوظائف الجسدية
- عودة النشاط الطبيعي للجسم دون إرهاق شديد.
- تحسن الشهية والنوم المنتظم.
- زوال الصداع والحمى المرتبطة بالالتهاب.
- التحسن في الفحوص الطبية: وذلك بمتابعة:
- نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي «MRI» تظهر تراجع الالتهاب.
- تحسن نتائج تحليل السائل النخاعي إذا كان قد وُجد التهاب سابق.
قد يحتاج بعض المرضى إلى إعادة تأهيل، خاصةً إذا أثَّر الالتهاب على المهارات الحركية والإدراكية. في بعض الحالات، قد تبقى آثار طويلة الأمد مثل ضعف خفيف في الذاكرة أو مشكلات بسيطة في التركيز.
هل التهاب الدماغ شديد الخطر؟ المضاعفات المحتملة وطرق الوقاية
مع أنَّ التهاب الدماغ يُعد مرضًا نادرًا، فإنه يعد من الأمراض شديدة الخطر، إذ يؤثر في مراحل متقدمة على حياة الشخص المصاب من الناحية الإدراكية والسلوكية، وإذا لم يُعَالَج بسرعة، فقد يؤدي إلى مضاعفات تنذر بالخطر مثل:
- فقدان الذاكرة ومشكلات معرفية.
- الإعاقات الحركية.
- الصرع الدائم.
- اضطرابات نفسية وسلوكية.
وللحد من خطر الإصابة بالتهاب الدماغ، يمكن اتباع بعض الخطوات لتفادي الإصابة:
- الالتزام بالتطعيم: مثل لقاحات الإنفلونزا، الحصبة، والتهاب الدماغ الياباني.
- تجنب لدغات الحشرات: باستخدام طارد الحشرات وارتداء الملابس الواقية.
- ممارسة النظافة الشخصية: مثل غسل اليدين بانتظام لتقليل خطر العدوى، وعدم مشاركة المتعلقات الشخصية مع الآخرين.
- تجنب الاتصال بالحيوانات المصابة: خاصةً في المناطق التي ينتشر فيها داء الكلب.
يُعد التهاب الدماغ من الحالات الطبية المحفوفة بالخطر التي تتطلب تشخيصًا مبكرًا وعلاجًا فوريًا للحد من المضاعفات المحتملة، مثل فقدان الذاكرة والإعاقات العصبية طويلة الأمد. ومع أن المرض قد يكون نادرًا، فإن الوقاية منه ممكنة بالالتزام بالتطعيمات، ومراعاة معايير النظافة الشخصية، وتجنب التعرض للفيروسات والبكتيريا المسببة له. إذا كنت تعاني أعراضًا غير معتادة مثل الصداع الشديد، اضطرابات الوعي، أو نوبات التشنج، فمن الضروري استشارة الطبيب فورًا للحصول على التقييم الطبي المناسب وتلقي العلاج في الوقت المناسب.
المصادر
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.