الفيلم (هيبنوتيك) عُرِض سنة 2023، من إخراج روبرت رودريغيز وبطولة بن أفليك، يُعدُّ فيلمًا مثيرًا وشائقًا يمزج بين الخيال العلمي وعالم الإثارة النفسية. يؤدي بن أفليك دور "داني روك"، وهو محقق ينطلق في رحلة يائسة للبحث عن ابنته المفقودة "ميني". تقوده هذه الرحلة إلى عالم غامض محفوف بالخطر مملوء بالمؤامرات التي تشمل برنامجًا حكوميًّا سريًّا وسلسلة من السرقات الكبرى التي تُنفذ باستخدام التحكم بالعقول.
يتصدر دور الخصم شخصية لعبها ويليام فيشتنر الذي يستخدم التنويم المغناطيسي أداة للتحكم والسيطرة، ما يصنع حبكة مملوءة بالغموض حيث تختلط الحدود بين الواقع والخيال. يستكشف الفيلم موضوعات عميقة مثل الفقدان، والتلاعب، وحدود الوعي البشري، مقدمًا تجربة سينمائية تفيض بالمفاجآت. وعلى الرغم من تلقيه آراء متباينة من النُقَّاد، أشاد البعض بطموحه في تقديم قصة معقدة، في حين أشار آخرون إلى تفاوت في مستوى التنفيذ.
اقرأ أيضاً الطب والتنويم المغناطيسي..وعجائب
فيلم التنويم المغناطيسي بطولة جيسون أومارا
عُرِض الفيلم سنة 2021 وهو من بطولة جيسون أومارا وكايت سيجيل. في قلب هذه القصة المشوّقة، نجد طبيبًا نفسيًّا يستخدم التنويم المغناطيسي وسيلة لعلاج مرضاه. لكن خلف قناع المعالج الهادئ يكمن سر مظلم؛ فبينما يبدو أنه يساعد مريضاته، يكشف السرد عن أنه يُدخل في عقولهن ذكريات مصطنعة وتفاصيل خادعة ليتمكن من السيطرة عليهن وتنفيذ مخططاته.
لم تكن المريضات مجرد صدفة؛ فقد اختارهن بعناية، كلهن يشبهن زوجته الراحلة. غير أن هذا التشابه لم يكن إلا مدخلًا إلى سلسلة مأساوية انتهت بموت ثلاث من ضحاياه. ومع ذلك، هناك من كسرت هذه السلسلة: جين التي تجسدها الممثلة الرائعة كايت سيجيل، في صراع أخير للبقاء وكشف الحقيقة. قصة تجمع بين الغموض، الإثارة، ونفسية الإنسان، لتأخذنا في رحلة مملوءة بالمفاجآت.
اقرأ أيضاً سيغموند فرويد وكيف عمل على إثراء علم النفس بتجاربه ونظرياته
ما المقصود بالتنويم المغناطيسي؟
التنويم المغناطيسي هو حالة من الوعي المُعدَّل تتميز بتركيز عالٍ واندماج ذهني عميق مع تقليل الوعي بالمحيط الخارجي. يُعدُّ وسيلة تُستخدم لإحداث تغييرات في الأفكار أو المشاعر أو السلوك عن طريق التوجيه الكلامي. هذه الحالة ليست فقدانًا للوعي، بل تعزز الاستجابة للإيحاءات والتوجيهات بشكل أكبر من المعتاد.
متى بدأ استخدام التنويم المغناطيسي؟ ومن اخترعه؟
تعود جذور التنويم المغناطيسي إلى القرن الثامن عشر، ويُنسب إلى الطبيب النمساوي فرانز أنطون ميسمر (1734-1815) الذي طور مفهوم "المغناطيسية الحيوانية". ادعى ميسمر أن الطاقة المغناطيسية غير المرئية تؤثر على صحة الإنسان، واستخدم هذه الفكرة لإحداث حالات شبيهة بالتنويم المغناطيسي. ومع أنَّ ممارساته تعرضت للانتقاد، لكنها وضعت الأساس لما أصبح لاحقًا مجال التنويم المغناطيسي الحديث.
في القرن التاسع عشر، طور الطبيب الاسكتلندي جيمس بريد (1795-1860) هذا المفهوم وأطلق عليه اسم "التنويم المغناطيسي". قدم بريد تفسيرًا علميًّا للحالة، مشيرًا إلى أنها ليست نتيجة قوة مغناطيسية، بل حالة ذهنية ناتجة عن التركيز والاسترخاء.
كيفية عملية التنويم المغناطيسي؟
عملية التنويم المغناطيسي تتضمن مراحل عدة:
- التحضير: يبدأ المعالج النفسي بتهيئة البيئة لتكون هادئة ومريحة.
- الاسترخاء: يوجه المعالج الشخص إلى التركيز على صوته أو على نقطة معينة لتشتيت الانتباه عن المحيط.
- الدخول إلى الحالة المغناطيسية: يُستخدم التوجيه الكلامي لجعل الشخص يدخل في حالة استرخاء عميق ووعي مركز.
- الإيحاءات: في هذه المرحلة، يوجه المعالج اقتراحات أو تعليمات لتحقيق تغييرات مرغوبة في السلوك أو التفكير.
- الإيقاظ: يعيد المعالج الشخص إلى حالته الطبيعية بطريقة تدريجية وآمنة.
استخدامات التنويم المغناطيسي في العلاج النفسي
يُستخدم التنويم المغناطيسي أداة علاجية في مجالات عدة، منها:
- علاج القلق والتوتر: للمساعدة في التحكم في المشاعر السلبية وتقليل الإجهاد.
- الإقلاع عن التدخين أو عادات غير مرغوبة: بإعادة برمجة الأفكار المتعلقة بتلك العادات.
- إدارة الألم: كعلاج للألم المزمن أو في أثناء العمليات الجراحية في بعض الحالات.
- علاج الصدمات النفسية: لمعالجة الذكريات المؤلمة وإعادة صياغة طريقة التعامل معها.
- تحسين النوم: لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الأرق أو اضطرابات النوم.
على قناة "ميد سيركل" على يوتيوب، جرت مقابلة ثرية مع الطبيبة النفسية د. راماني والمعالجة بالتنويم الإيحائي جريس سميث، فشاركت الأخيرة تجربتها في مساعدة مريض مصاب بالشلل لاستعادة القدرة على تحريك أطرافه عن طريق التنويم الإيحائي. من جانبها، أوضحت د. راماني أنها تعتمد التنويم المغناطيسي أداة رئيسة في علاج مرضاها للإقلاع عن التدخين، نظرًا لفعاليته المثبتة.
كما تناولت طبيعة أساليب العلاج النفسي التي استخدمها سيغموند فرويد، مشيرة إلى تأثير الاسترخاء العميق والتحدث الحر في العلاج النفسي، مقارنة بأسلوبه الشهير المتعلق بتحليل اضطرابات الطفولة، الذي أسهم في تأسيس منهجيات التحليل النفسي الحديثة.
الجانب المظلم للتنويم المغناطيسي
التنويم المغناطيسي، كما يوضحه أحد الفيديوهات من إنتاج "عربي AJ+" (إحدى منصات قناة الجزيرة)، يقدم تصورًا دقيقًا حول ماهيته وآليات عمله.
يشير الفيديو إلى أن التنويم المغناطيسي ليس مجرد أداة علاجية، بل قد يصبح سلاحًا شديد الخطر إذا أسيء استخدامه. خلال هذه الحالة، يتم "تعطيل" العقل الواعي، ما يتيح للعقل الباطن أن يتفاعل بشكل كامل مع الإيحاءات والتصورات التي يقدمها المعالج.
من المثير أن التنويم المغناطيسي، مع أنه بدأ في العصر الحديث قبل مئة عام، فإن جذوره تمتد إلى عصور الفراعنة، كما يوضح فيديو "عربي AJ+". تكمن قوته في قدرته على الوصول إلى العقل الباطن خلال مرحلة الوعي التي تُسمى "ثيتا"، فيصبح الأشخاص أكثر انفتاحًا للإيحاءات والأفكار، ما يعزز تأثيره في التأثير على العقل وتحفيز التغيير.
كل ما سبق يفتح المجال أمام إمكانات واسعة، سواء في مساعدة المرضى على معالجة مشكلاتهم النفسية أو، في حالات نادرة، استغلال هذه الحالة بطريقة غير أخلاقية. يتم استعراض هذا المفهوم دراميًّا في فيلمي (هيبنوتيك) اللذين تحدثنا عنهما سابقًا. هذه الأفلام تسلط الضوء على الصراع بين التلاعب العقلي وإرادة الإنسان.
من المهم الإشارة إلى أن فعالية التنويم المغناطيسي لا تزال موضع نقاش بين العلماء والمتخصصين، فلا يوجد دليل قاطع يثبت نجاح هذه التقنية في جميع الحالات. مع أنَّ لها تأثيرًا نفسيًّا قد يساعد في تحسين المزاج والاسترخاء، لكنها ليست علاجًا مستقلًا للأمراض النفسية أو الجسدية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.