حالات اجتماعية فتاكة؛ قد تجتمعُ فنجدُها في حيٍ شعبيٍ واحد، إنْ لَمْ نَقُلْ في وَطَنٍ واحدْ، بين فقرٌ وعيشٌ تحت خَطِّ الصِّفر وبطالة وتَسَرٌّبِ مدرسي ويُتْمٌ وطُفولةٍ مُسعَفة.
عُنوسةٌ، طلاقٌ، إجرامٌ، إدمانٌ، دعارة، شذوذٌ، شيخوخة مُهْمَلةٌ في بيوتِ العَجَزة، إبحارٌ وهِجْرةٌ غير شرعية، وآخرها حالات جنون وانتحارْ، وكلها مظاهر تدل على اليأسِ و الخَوفِ مِنْ مُستقْبَلُ أُمَّةٍ مُهَدَّدَةٌ بالتَّفَكُّكِ؛ قد تُصْبِحُ يَوْماً مُهَيَّأَة لِعَوْدَةِ الاستعمارِ.
المستقبل والتنمية المستدامة
وكيفَ نتَحَدَّثُ عَنِ المُسْتَقْبَلِ بِأَمَلٍ، ونَخْشَى الامْتِداد الاستعماري، وهاته الآفاتُ تَنْخُرُ أَجِسادَ أوطانِنا.
نَتَكَلَّمُ عنِ التنمية المستدامة في شَتَّى القِطاعاتِ، و نحن لمْ نَنْمو بِفِكْرِنا، ومُجْتَمَعاتُنا غَيْرُ مُتَماسِكة، تُشَتِتُها الآفاتُ الاجتماعية.
كَيفَ نَنْمو بِأفكارِنا، ونحن في أَحْوَجِ الحاجة إلى تَنْمِيَةٍ بَشَرِيَّةٍ، راشِدة بِفِكْرٍ يَصْنَعُ مِنَ الفَرْدِ الواحِدِ جماعةٌ مُوَّحْدة، ومِنَ الجماعةُ فَرْداً يَقودُ مُجْتَمَعاً مُتلاحِماً، نحن بحاجةٍ لِفِكْرٍ يجْعَلُ مِنَ الفَرْدِ آلَةً اجتماعية مُنْتِجَة.
إنَّ الآلَة الَّتي نَسُوقُها في حَديثَنا، هي الإنسانُ بِحَدِّ ذاتهِ، الله سُبْحانَه عَزَّ وجَلَّ، خَلَقَ في ذاتِ كُلُّ واحِدٍ مِنَّا آلَةُ تَخْتَلِفُ عَنْ الآخرين، مِنْ حَيْثُ القُدُرات والمَواهِبْ، هيض أَوْلى بالاسْتِثمارِ فيها؛ حَيْثُ أنَّهُ باستِطاعةِ هذا(الآلة)أَنْ يُحْدِثَ طَفْرةٌ اجتماعيةً حضاريَّة، تُغَيِّرُ المكانَ؛ إذا ما كَيَّفنَأ عُقولَنا والتَّغَيُّرِ الزمكاني.
الاستثمار في العقول
إنَّنا اليومَ مُجْبَرونَ بالفِعْلِ لا بالقَولِ، على الاستِثْمارِ في عُقولنا لِتَتَماشى مع التَّطوُّرات و التَّحَوُّلات العالمِيَّة، الاقتصادية و الاجتماعية العسكرية، هاته التَّغَيُّرات الحاصلة مِنْ حينٍ لآخر، الَّتي جَعَلَتْ من الكائِنْ البشَري مُجَرَّدْ روبوت (إنسان آلي) يُتَحَكَّمُ فيه عن طريقْ الذكاء الاصطناعي سُرعانَ ما تَتَوَقَّفُ حَرَكِيَّتُهُ وحَرَكاتُهُ عنِ العَمل، بِمُجرَّد أنْ يَتِمُ القيامَ بعمليات التَّحديث والتَّحيين، على الذَّاكِرة المُتَحَكَّمِ فيها.
ولكن هذا لَنْ يَتَأَتَى إلَّا بِتَوْفير جِهازْ مَناعي، يَحْمي أفْكارنا وأَفْكارِ أبْنائِنا مِنْ فيروسات؛ قد تظهرُ بينَ فَيِّنَةِ وأُخْرى، تماماً مِثْلَما يَتِمُّ حماية أنْظِمةُ الحاسوب من الفيروسات المضادة.
الفكر ومستقبل الشباب
إنَّنا إنْ لَمْ نُؤَمنهُ مِنْ كُلِّ ذلكَ، فَإِنَّهُ لَنْ يُعَمِّرَ طَويلاً، ولن يكونَ للأُمَّةِ شأناً بينَ الأُمَمِ، وإنَّ ما ذَكرْناه مِنْ آفات اجتماعيةٍ، ماهو إلَّا نِتاجُ تَبَعِيَّةُ فِكْرِيَّة، وتَبَنِّي ثَقافَةٍ غَرْبِيَّةٍ دَخيلة، وتَقْليدٍ أعْمَى وحِيادٍ عَنِ الأصلِ.
ولَنْ نُفْلِحَ إذاً أبدا في مُداواةِ هذا المجتمعِ، سِوى بِإدخالهِ إسْتِعجاليا في غُرْفَةِ الانعاش الفكري، وإعطائه مِنْ لِقاحِ الأصالة والدِّينِ في ذاتِ الأوان، وقَبْلَ فواتِ الأوانِ، وإنْ أرَدْنا أَنْ نَقْتدي بهم، فعلينا بِلُبِّ ما نَهَلُو منهُ، ألاَ وهوَ الاسلام.
المناهج التربوية بيننا وبين الغرب
إنَّ كُلُّ ما يَأْتينا مِنْ بِلادِ العَجَمِ مِنْ مناهجٍ تَرْبَويَّة، ماهو إلَّا حُثالةُ تَجارِبهم الفاشلة، الَّتي أَثْبَتَتْ فَشَلِها في مدارسهم ومعاهدهم؛ وقد استغلُّوها لغرضٍ دنيئٍ، فاسْتعملوها كأسلحةٍ فِكرية و تربوية، لهدمِ عقول أبنائنا، فقاموا بتصديرها لنا.
يُصَدِّرونَ لنا فَشَلُهُمْ، لِنَزداد نحن فشلاً على فشلْ، و بالضَّبْطِ في الجانب الاجتماعي الأُسري والتربوي والديني والثقافي، وإنْ هي إلَّا حربٌ و امتدادٌ استعماري، يَقْضي إلى إضعاف عقول و تكسير سواعد أبنائنا.
الأسس الشرعية للتربية
لِهذا فإنَّهُ بات لزامًا علينا أنْ نَهْتَمَّ بالتَّنمية لأبنائنا، المبنيةِ على أُسُسٍ دينية شرعية قويمة، وتعزيز حرية الفرد وقيمته في المجتمعِ، باعتبار الفردُ هو اللَّبَنَة الأساسية، في بِناء صَرْحَ مُجتمعٍ متراصٍ مرصوص.
بقلم: رمضان بوشارب
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.