التمسك بالأخلاق في عالم مليء بالفوضى

كلما سعينا للارتقاء بألفاظنا، وتحليقنا بعيدًا عن الألفاظ الرخيصة التي تعج بها الأحاديث العابرة، ورفعنا راية الأمانة والصدق في تعاملنا مع الآخرين، وجدنا أنفسنا عالقين في شبكة من الضعف المحيط، يدفعنا المحيط بقوة إلى عالمهم المظلم، حيث يغيب الاحترام، وتذبل معاني التقدير، ويضيع الطيب بين صرخات اللامبالاة.

في هذا العالم، نحاول أن نسمو في سماء الكلمات والنيات، لكنهم يجرُّوننا نحو الأرض التي لا تجد فيها إلا الخواء. وعلى الرغم من أنَّ قلوبنا تصدح بالرفض لهذه الأنماط، فإنهم يحاولون فرض أنفسهم علينا، ويريدوننا أن نُطوِّع ألفاظنا وطبائعنا لتتماشى مع فوضاهم.

وفي هذا المشهد، نجد أنفسنا نُصارع بكل قوتنا لنحافظ على نقاء فكرنا، ساعين لكي نبقى كما نحن، بعيدين عن التلوث الذي يحيط بنا. نعم، على الرغْم من أنَّ غربتنا عن هذا العالم تكاد تكون أكبر من أن تُحتمل، وعلى الرغم من شعورنا العميق بأننا لا ننتسب إلى هذا المكان، يبقى خوفنا الأكبر أن نفقد هويتنا وسط هذا الصراع العميق. قد تكون المعركة طويلة ومُرهقة لدرجة أننا ننسى هدفنا الأساسي، لكنَّ الحقيقة أننا لم نُخلق لنسير مع القطيع، بل لنبقى أصواتًا مميزة في زحام الحياة.

أحيانًا يكون من يتمسك بالأخلاق غريبًا في الوسط المحيط

الاختلاف طبيعة بشرية، إنه سنة من سنن الحياة، ولكن أن تكون الغريب في وطنك هو نوع من الهلاك الروحي. هذا الصراع الداخلي الذي نعيشه هو أقسى أنواع الألم، إذ نصارع مع أنفسنا ومع محيطنا في آنٍ واحد. وجوههم تبتسم، ولكن خلف تلك الابتسامات يكمن خبثٌ وسوء، يختبئون وراء أقنعة تتراشق على وجوههم كالمطر، يسرقون منا صفاء النية ووضوح الرؤية شيئًا فشيئًا.

للأسف، أصبحنا نعيش في زمن يُنظر فيه إلى النبل والأخلاق على أنهما عبء ثقيل على صاحبهما، إذ إنَّ تمسكنا بمبادئنا أصبح غير مقبول في عالم يحيا على القيم الزائفة. ومع ذلك، نواصل الصراع في صمت، نُكمل المسير، ونتشبث بأنفسنا على الرغم من العواصف التي تهب من كل اتجاه. نبقى نحن، كما نريد لأنفسنا، فلا نريد إلا أن نكون أنفسنا دون أن نُجبر على الانحراف عن الطريق. وعلى الرغم من الألم وما نواجهه من قسوة الأشخاص والمواقف، وغربة انتمائنا؛ نأمل أن نعيش بسلام داخلي، بعيدين عن هذا الزخم الذي يلاحقنا في كل زاوية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

ابدعتي صديقتي .. مقال رائع وحساس جدا
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.