في عصر الإنترنت، أصبح التعليم الذاتي طريقًا واعدًا لتطوير المهارات وتوسيع المعرفة بطرائق جديدة ومبتكرة.
وعلى الرغم من انتشار الموارد المتاحة، يبقى التعليم الذاتي تحديًا حقيقيًا لكثيرين، خصوصًا في ظل غياب ثقافة التعليم الذاتي في مجتمعاتنا.
هذه المهارة ليست مجرد جمع للمعلومات أو تصفح سريع للمحتوى عبر الإنترنت؛ إنها عملية تتطلب تدريبًا، وتطويرًا عقليًا متواصلًا، وصقلًا للقدرة على تحليل المعلومات واستنباطها.
اقرأ أيضًا أثر التعليم الإلكتروني وطرق التعليم الحديث
الفرق بين التعليم الذاتي والتعليم التقليدي
التعليم الذاتي يتطلب قبل كل شيء إلمامًا بمهارات البحث والتحليل، فالحصول على المعلومة ليس بالأمر السهل كما قد يبدو.
هو رحلة تتطلب جهدًا في التمييز بين الحقائق والآراء المتداولة، خاصة في زمننا الذي أصبح فيه كل شيء متشابهًا ومتشابكًا، فتختلط المصادر وتتنافس المعلومات في تقديم ما قد يكون مفيدًا، أو مجرد تكرار للمعلومات.
حينئذ تأتي ضرورة أن يكون المتعلم ذاتيًا متمتعًا بعقلية مرنة وناقدة، قادرة على المقارنة والموازنة بين مختلف المصادر والآراء.
لكن هنا يبرز تحدٍ كبير، وهو أننا في مجتمعاتنا العربية نفتقر إلى أساس متين لبناء هذه المهارات منذ الصغر.
التعليم التقليدي في المدارس ما زال يعتمد على نحو كبير على الحفظ والتلقين، ما يضعف روح الإبداع ويثبط القدرة على التحليل والنقد لدى الأجيال.
هذا النظام التقليدي يسهم في إخراج عقول متحجرة، تستقبل المعلومات دون أن تتمكن من تحليلها أو التفكير فيها بعمق.
وبدلًا من أن نغرس في الأجيال طرائق التفكير المستقل، نزرع فيها فقط قدرة على ترديد ما يتم تلقينه.
اقرأ أيضًا تمكين العقول.. أهمية التعليم في عالم اليوم
تطوير التعليم الذاتي
ولتعزيز التعليم الذاتي وتطويره، يجب أن يشمل النظام التعليمي مواد تُعنى بتعليم كيفية التفكير، مثل "التفكير النقدي" أو "طرائق التحليل والاستدلال"؛ لأن هذه المواد ليست مجرد رفاهية، بل هي ضرورة أساسية لبناء جيل قادر على التعامل مع متطلبات العصر.
هذه المواد من شأنها أن تمنح الشباب القدرة على تحليل الأفكار بعمق، وفهم المعطيات، واختيار المصادر الموثوقة للوصول إلى استنتاجات قائمة على الفهم والنقد.
إضافة إلى ذلك، يجب أن نمنح الشباب حرية إبداء الرأي وطرح الأسئلة؛، لأن النقد وإبداء الرأي بحرية هما السبيل لتطوير عقول مستقلة ومرنة، قادرة على الابتكار والإبداع.
عندما نغرس في الطلاب ثقافة التحليل بدلًا من الحفظ، ونعلمهم أن البحث عن المعلومة وتحليلها هو جزء من رحلة التعلم، نهيئهم للتعامل مع عالم مملوء بالتحديات المعرفية والمتطلبات المتغيرة.
إن التعليم الذاتي في عصر الإنترنت هو فرصة حقيقية لتجاوز العقبات التقليدية والوصول إلى مستويات أعلى من التطور الشخصي والمهني، ولكنه يحتاج إلى ثقافة تعليمية جديدة، تدمج التفكير النقدي، والتعلم المستمر، والإبداع، لتساعد الأجيال في بناء مستقبل يعتمد على الفهم والتحليل، وليس على التلقين فقط.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.