التصوير وأهميته في حياتنا وتكوين الذكريات

هل تخيل الحسن بن الهيثم يوماً أن تكون دراساته في ما يُعرف بالغرفة المظلمة ستكون محل استخدام يوميٍّ لكل البشر، وسيصبح التصوير في حياتنا موضة...

نعم، عن الكاميرا أتحدث، فبالرغم من أن (لويس داجير) هو مخترع الكاميرا الفوتوغرافيا، إلا أن دراسات الحسن ابن الهيثم كانت البداية لفكرة الكاميرا من الأساس، حتى كلمة كاميرا مأخوذة من قُمْرَّة، التي كان يجري فيها ابن الهيثم أبحاثه عن الضوء.

اقرأ ايضاً أفضل 5 قنوات يوتيوب لتعليم التصوير بسهولة

التصوير اليومي 

التصوير اليومي صار عادة، ويتحقق بأبسط الأدوات منذ ما يقرب من مئة عام كان يجب عليك الانتظار لأيام للحصول على صورة، واليوم لا تحتاج سوى ضغطة زر لترى الصورة أمام عينيك في الحال، وأصبح التصوير جزءاً يومياً من حياتنا؛ بل يمكن القول إنه أصبح هوساً أصاب سكان الكوكب، وساعد على انتشار الهوس الأكبر هوس السوشيال ميديا.

فكرة أن تكون في يدك دائماً كاميرا في هاتفك الجوال من الأساس كانت هي بداية هذا الجنون.

في عام 2000م طرحت شركة سامسونج أول هاتف محمول يحتوي علي كاميرا، ومنذ ذلك الوقت أصبحنا نستخدمها في كل شيء، وكأنها جزء أساسي من حياتنا، توثيق ذكرى سعيدة أو حزينة أو لقاء طال انتظاره، أو تجمُّع عائلي، أو احتفال بمناسبة ما، أو شيء تود الرجوع إليه فيما بعد، وأشياء لا حصر لها يمكنك استخدام الكاميرا بها، وإذا كانت الصور تعيد إلينا مشاهد من علامات حياتنا الفارقة فمن يعيد إلينا إحساسنا بها.

اقرأ ايضاً كيف تصبح مصوراً متميزاً في 3 خطوات؟

كاميرا الهاتف الجوال

ولكن هل الصورة ضرورية حقاً إلى هذا الحد الذي يجعل سعيك لتوثيق اللحظة بصورة أهم من أن تعيشها.

إذا وددت معرفة إجابة هذا السؤال حقاً تفقَّد هاتفك الجوال الآن، وألق نظرة على الصور الملتقطة بكاميرته؛ هل هي صور ذات أهمية لديك حقاً أم يمكن حذفها دون أن تتأثر بذلك، أعرف أنك ستجد في المتوسط نصف عدد الصور لديك ليست مهمة على الإطلاق؛ وتكتشف أنك أضعت أكثر من اللازم لالتقاطها.

اقرأ ايضاً قراءة في كتاب التصوير الفوتوغرافي " علم وفن" للكاتب حامد مصطفى شلبي

التصوير موضة

دعنا نعترف عزيزي أننا أحياناً ننساق وراء الموضة، حتى وإن كانت ليست ضمن أهدافنا، أصبحنا نقوم بفعل التصوير؛ لأنه أصبح واجباً، وأصبح التصوير في حياتنا موضة، فكيف نلتقي مع الأصدقاء دون أن نسجِّل هذه اللحظة بعدة صور، وكيف أرتدي هذه الملابس الجديدة دون أن ترتديها الصورة أيضاً، وقد وصل الأمر في بعض الأحيان إلى أن نقوم بالتقاط الصور عند الحزن أيضاً، فالبكاء أصبح يُدوَّن في صورة، فلا عَجَب أن ترى بعض البشر عندما يشاهد كارثةً ما يسعى لتدوينها بصورة قبل أن يفكر في حلٍ سريعٍ لها، فلقد أصبحت الصورة أهم من حياة البشر أيضاً، وأصبح الهدف الخفي لالتقاط الصور هو مشاركتها عبر السوشيال ميديا، مما جعلنا -لا إراديَّاً- نتأثر بعدد التفاعل على صورنا الشخصية عبر هذه الوسائل.

اقرأ ايضاً تطور الكاميرا عبر الزمن

ذكرياتنا في صورة

لقد اشتقت كثيراً لصوت الكاميرا القديمة وصورها المطبوعة، أتمنى أن تعود يوماً ما بدلاً من كاميرات الهاتف الجوال الخالية من أي روح.

والمؤسف أكثر أن الصور يمكن أن تعيد لك ذكريات خادعة، فكثيراً ما كنا نضحك في صورةٍ ما كنوع من المجاملة، نضحك فقط لأننا نوثِّق هذه اللحظة بصورة حتى وإن كان باطننا يبكي.

وتمر الأيام ونتفقد هذه الصور مجدداً، ونتعجب كم كنا سعداء في هذا الوقت، والحقيقة غير ذلك تماماً.

الصورة ليست أداة تنبيه

كما أننا أصبحنا نستخدم الصور كنوع من أنواع التنبيه، كثيراً ما نقوم بتصوير شيءٍ نود تذكُّره لاحقاً أو معلومات نريد حفظها بدلاً من التركيز في تذكره أو حفظه؛ رقم تود استخدامه فيما بعد، اسم أو عنوان تود تذكره، صفحة من كتاب أو جزء نصي تود قراءته فيما بعد فتقوم بتصويره.

وقد أثبتت بعض الدراسات أن اعتمادنا على هواتفنا النقالة، والسوشيال ميديا، في تذكر الأحداث المهمة تقلل من احتمالية تذكر تلك المعلومات ذاتياً، وتساعد على النسيان أكثر من الطبيعي، كما أن ذلك -في رأيي الشخصي- ليس الهدف من الصور في الأساس، ويعتبر تقليلاً من قيمتها نوعاً ما؛ فالصورة ليست أداة تنبيه.

حياتنا قديماً في الصور

مازلت أتذكر مشاهد من طفولتي، كاميرا الفوتوغرافيا ذات الفيلم الذي يسمح لك بالتقاط عدد محدد من الصور، فنخصص هذا الفيلم للرحلة، وثانٍ لعيد الميلاد، وثالثٍ لفرح شخص عزيز.

كانت الصور محددة فلا نهدرها؛ مما يؤكد أن الشيء إذا زاد عن حدٍّ معين فقد قيمته، نعم لم نعد نشعر بقيمة هذه الذكريات، واختفت لهفتنا لرؤيتها؛ لأنها أصبحت في متناول أيدينا في أي لحظة وبأي عدد.

كما تميزت طفولتنا أيضاً بالصور المطبوعة ذات الملمس والرائحة المميزين؛ هذا فارق كبير أيضاً يحسَب لصورنا القديمة.

ألم تشعروا مثلي أن تلك الصور الرقمية المخزّنة على أجهزتنا الرقمية لا قيمة لها مقارنةً بألبوم صورنا القديمة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة