الترندات وتأثيرها في المجتمع.. هل نحن في أزمة فكرية؟

في عصر تطور التكنولوجيا الهائل، حين أصبحت منصات التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ظهرت ظاهرة الترندات سلاحًا ذا حدين. ففي حين يمكن أن توافر هذه الترندات المتعة والتسلية، لكنها تحمل أيضًا مخاطر وإمكانية إحداث ضرر كبير على الأفراد والمجتمعات على حد سواء.

قبل أن أتعمق في الموضوع، أودُّ إخباركم بأنَّ الانسياق وراء الترند  سلاح ذو حدَّين، له كثير من الإيجابيات إذا وُظِّف في المجال المراد، مع عدم الانسياق وراء الآخرين، والانسياق وراء الشائعات والترندات غير الهادفة التي تظهر أمامنا جميعًا في ثوب الترفيه لا أكثر؛ ولكنَّها تسبِّب أضرارًا كثيرة على المجتمع والفرد على حدٍّ سواء، وتظهر هذه الأضرار على المدى البعيد.

تطور التكنولوجيا والفراغ 

وبسبب التطور الهائل في التكنولوجيا، أصبح الشباب يعملون من المنزل، ما أدَّى إلى ظهور فراغ، وفي ذلك تكمن الكارثة؛ إذ يضيعون وقت فراغهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتفاعلون مع الترندات المنتشرة غير الهادفة التي تكون في معظم الأحيان هدامة، وتروِّج لأشياء دون النظر في ماهيتها.

اقرأ أيضًا: الترندات وتأثيرها السلبي في المجتمع وتغيير الثقافات

الآثار السلبية للترند

نحن يا سادة في معركة كبيرة لا تقلُّ أهمية عن معارك القتال؛ لأنَّ العبث في العقول غير الناضجة يعدُّ أخطر ما يواجه المجتمع؛ لأنَّه يتسبَّب في هدم القيم والمبادئ، فنغرق في القضايا الجدلية على حساب القضايا المهمة.

صدق العلامة الكبير عبد الرحمن بن خلدون حين قال في كتابه "مقدمة في التاريخ": "العمران البشري (من الأسباب المقتضية للكذب الثقة بالناقلين. وتمحيص ذلك يرجع إلى التعديل والتجريح، ومنها الذهول عن المقاصد؛ فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه ويقع في الكذب)".

وأيضًا حثَّنا الله تعالى على أهمية هذا الموضوع حين قال في الآية الكريمة: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ}.

هل يُعقل أن نتبع التفاهات ونترك ما يستحق الاهتمام؟!

هل يعقل أن نتبع أمورًا لا تليق بمجتمعاتنا ولا ديننا؟!

وهل يعقل اتباع أصحاب العقول الفاسدة، وترك الأخيار من القوم وأصحاب العقول النيرة؟!

وهل يصحُّ لنا أن نشتغل بأمور خاصة لشخص مشهور، ونجلس بالساعات لنسمع قصصًا وتفاصيل وخناقات مبتذلة على المنصات؟!

اقرأ أيضًا: كيف تحقق التريند؟!

كيف نتغلب على هذه الظاهرة السلبية؟

نحن بحاجة إلى وعي حقيقي حتى لا ننجرف في هذه التفاهات، ونحن بحاجة إلى وعي حقيقي لكي نرتقي بأفكارنا ونحافظ على هويتنا الحقيقية وتقاليدنا.

لا لتدمير الهوية

ومن وجهة نظري، إنَّها أمور متعمَّدة ومقصودة، والهدف منها تدمير الهوية، وأيضًا هدفهم إبعادنا عن كلِّ ما هو مفيد ونافع وجادٌّ، وإغراقنا في القضايا السطحية والتفاهات التي ليس لها جدوى.

البعد عن اتخاذ السفهاء قدوة

والكارثة الأكبر والأكثر إثارة للجدل هو اتِّخاذ هؤلاء السفهاء قدوة، وتقليدهم فيما يفعلون.

التحقق من الأخبار

إنَّ النفس البشرية إن كانت في حال من الاعتدال سواء في الصحة أو الوعي الكافي أعطت الخبر حقه في التمحيص والنظر فيه.

اقرأ أيضًا: لا تكن ترنداً.. واحذر التقليد الأعمى

كيفية تنمية الوعي

الأشخاص الذين يرغبون في تثقيف ذاتهم، عليهم  باللجوء إلى مجال التنمية البشرية وعلم النفس التنموي، وتوسيع معارفهم أيضًا في كتب تنمية الذات بجميع موضوعاتها.

ختامًا.. إن إدراك الآثار السلبية للترندات غير الهادفة أمر بالغ الأهمية. ولتجنب الوقوع فريسة لهذه الظاهرة، يجب أن نسعى إلى تطوير وعي نقدي، والتفكير خارج الصندوق، وتجنب الانسياق وراء التفاهات. فضلًا على ذلك، يجب أن نستثمر في تنمية الذات وتوسيع معرفتنا؛ حتى نتمكن من التمييز بين ما هو مفيد ونافع وما هو ضار وغير ذي قيمة.

وتذكَّر، فإن مسؤولية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على نحو مسؤول ودعم الترندات التي تعزز القيم الإيجابية والوعي المجتمعي تقع على عاتقنا جميعًا.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة