التربية بالحب.. طريقك لتنشئة أبناء أسوياء

لا شكَّ أنَّ تربية أبناء أسوياء في هذا الزمان الذي نحياه باتت من الأمور الشاقة على أولياء الأمور في ظل التحديات الكثيرة التي تواجه أرباب الأسر، سواء كانوا آباء أو أمهات أو معلمين. لكن، وإن حالت الظروف دون إشباع حاجات طفلك الأساسية من المأكل والمشرب والملبس، فلا يفوتك أن تُشبِع حاجته من الحبِّ والحنان والاهتمام، لا سيما أنها أشياء لا تكلِّفك الكثير، ولا تتطلب منك مجهودًا كبيرًا.

في الماضي، كانت المؤثرات قليلة مقارنة بما هي عليه اليوم؛ فاليوم يكفي أن نقول "وسائل الإعلام" بصورها وأشكالها المختلفة، وبثوثها التي لا تتوقف على مدار الساعة، كل ذلك لا شك يسهم في تشكيل وعي الطفل وبناء شخصيته، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.. هذا في الوقت الذي يخوض فيه الآباء والأمهات كلَّ يوم غمار معارك لا تنتهي بحثًا عن لقمة العيش، يحدوهم الأمل بتوفير حياة معيشية كريمة لأبنائهم، لئلا يشعروا في أي لحظة أنهم أقل من غيرهم من الأقران، حسبما يفكر كثير من المربِّين.

هذا المقال دعوة للآباء لتقديم الدعم العاطفي لأبنائهم، حتى يصبحوا أفرادًا أكثر توازنًا وسعادة في المستقبل. 

تعرف على مفتاح الحب لدى طفلك

من الأهمية بمكانٍ وسط هذه التحديات والضغوط الهائلة، وإن قصَّرت في توفير كل ما يلزم لطفلك، على الرغم من سعيك الدؤوب على مدار الساعة، ألا تهمل العلاقة العاطفية الأبوية بطفلك. تحقق دائمًا من أنَّ خزان الحب لدى طفلك ممتلئ، بل يفيض على من حوله بالحبِّ والحنان والاهتمام. إذا جاع أبناؤك من قلة الزاد، فلا تجعلهم يجوعون من قلة العاطفة ومشاعر الحب والاهتمام.

لكل طفلٍ مفتاح، وهو ما يجب على الوالدين معرفته، حتى دون أن يتفوه طفلهم بكلمة واحدة، ليعرفوا أيَّ لغات الحب يفضِّل. هل تأسره الكلمة الطيبة والابتسامة الحانية؟ أم تجذبه الهدايا والمكافآت المادية؟ أم يشبعه حضن دافئ ولمسة حانية؟ أم أنَّ سعادته كلها عندما يشاركه أبوه أو أمه لعبته المفضلة؟

أفضل طريقة تعبر بها عن حبك لطفلك

أيًا كانت لغة الحب التي يفضِّلها طفلك، يجب أن يجيد الآباء والأمهات التعبير عنها، دون شرط أو قيد. فلا يقل أحدكم لطفله: "أنا أحبك، ولكن بشرط أن تستمع لكلامي"، أو "أنت ولد طيب شرط أن تساعد والدتك في أعمال البيت"، أو أن يربط حبَّه لطفله بحصوله على المركز الأول في المدرسة وغيرها من الأمور التي تُفسد علاقة الوالدين بأطفالهم، وتربك شخصية الطفل، وتشعره أنه غير مقبول أو غير محبوب لذاته، وإنما لتنفيذه ما يُطلب منه، وهذا أمرٌ مُدمِّر في تربية الأبناء.

ما يجب أن يصل لأطفالنا، وأن يشعروا به حقيقةً، هو أننا نحبهم دون شرط أو قيد، وأن محبتنا لهم مطلقة، لا ترتبط بكونهم مهذبين يستمعون للنصائح والتوجيهات من الوالدين، أو أنهم يساعدون الأم في أعمال البيت، أو كونهم يحصلون على المراكز المتقدمة في المدرسة.

قد يعتقد بعض الآباء أنَّ في ذلك إفسادًا للطفل، أو أنه يجعله مدللًا، وهو أمر غير صحيح؛ فالطفل الذي يشعر بالاكتفاء من مشاعر الحبِّ والحنان والاهتمام من والديه، يظهر تجاوبًا أفضل تجاه توجيهات الوالدين، مقارنةً بمن يعانون نقص هذه المشاعر الأساسية لديهم.

التربية بالحب

أحبهم على الرغم من تصرفاتهم المزعجة

تذكر دائمًا أنهم ما زالوا أطفالًا صغارًا، وأنهم سوف يميلون دومًا إلى التصرف على الأساس تصرفات طفولية قد تبدو مزعجة لمن حولهم من الكبار. إذا تقبلت هذه التصرفات والسلوكيات الطفولية المزعجة، وأظهرت لهم حبك لهم على الرغم من كل ذلك، فأنت بذلك تساعدهم على النضج والنمو نموًا لائقًا.

أما إذا أظهرت محبتك لهم فقط عندما يستمعون لتوجيهاتك ويتوقفون عن السلوكيات والتصرفات المزعجة، فأنت بذلك توصل رسالة لهم بأنهم غير محبوبين بصدق، وهو ما قد يجعلهم يكونون صورة سلبية عن أنفسهم، ويقل تقديرهم لذواتهم وثقتهم بأنفسهم. سوف يشعرون على الدوام بعدم الأمان والقلق المتزايد لأنهم يشعرون بأن والديهم غير راضين عنهم.

هل مشاعرك تصل لطفلك؟

لا يوجد أب أو أم على هذا الكوكب لا يحب طفله، لكن بعض الآباء والأمهات لا يجيدون التعبير عن هذه المشاعر الفياضة وترجمتها إلى أحاسيس صادقة يشعر بها أطفالهم. قد يقول المربون: إن أطفالنا يدركون جيدًا أنهم فلذات أكبادنا، وأن كلمة "أحبك" كافية. الحقيقة أن الأطفال يهتمون أكثر بالأفعال وليس الأقوال، فإن لم تتم ترجمة هذه الأقوال لأفعال، فلا يمكن أن تلامس قلوبهم.

ختامًا، أطفالنا كائنات عاطفية في المقام الأول، تأسرهم الكلمة الطيبة، الابتسامة الجميلة، اللمسة الحانية، الحضن الدافئ، وأيضًا الهدايا والمكافآت المادية. وما يجب على الوالدين تقديمه لأطفالهم هو الحب غير المشروط، فيشعر الطفل بالاكتفاء داخل بيته ولا يضطر للبحث عنه على النواصي والإنترنت.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة