التربية الجمالية سر من أسرار نجاح عمليتي التعليم والتكوين

لطالما اقترنت التربية بالتعليم والتربية بالتكوين، لكن ما إن ارتبطت بالجمال تحت ما يسمى اليوم بالتربية الجمالية حتى صارت سرًّا من أسرار نجاح هاته التربية في علاقتها ببقية المفاهيم.

التربية في علاقتها بالتعليم والتكوين

مفهوم التربية (Education)

التربية لغة كما جاء في معجم لسان العرب من (ربا - يربو)؛ أي نما وزاد، واصطلاحًا هي تلك العملية التي يبنى بها عقل الإنسان وجسمه وخلقه، وينمو إلى أن تكتمل وظائفه بتثقيفه وتهذيب سلوكه، وعلى هذا إعداده ليكون شخصًا جيدًا في الحياة الدنيا والآخرة.

مفهوم التعليم (Enseignement)

شأنه شأن التربية، فالعمليتان معًا تنفذهما مؤسسات أنشئت لهذا الغرض؛ كالمدارس والجامعات والمعاهد، غير أنه يركز فقط على الجانب العقلي للفرد، وذلك بزيادة تحصيل الفرد وإكسابه المعارف والمعلومات وإعداده لمهنة ما في المستقبل.

مفهوم التكوين (Formation)

التكوين هو العملية التطبيقية للمعارف والمعلومات التي يُزوّد الناشئ بها داخل المؤسسات التعليمية.. إذن فهو إسقاط التعليم على أرض الواقع لإحداث صلة وصل بين النظري والتطبيقي باللجوء إلى معاهد التكوين في مجالات عدة كالصناعة والهندسة والبناء والاقتصاد وبعض الحرف الأخرى كالطبخ والحلاقة والنجارة.

التربية في علاقتها بالجمالية

التربية في مفهومها الواسع تشمل جانب التعليم وجانب التكوين، وبهذا يمكننا القول إن نجاح التعليم والتكوين يقف عند نجاح التربية. ولتحقيق ذلك كان لا بد من أن تقترن التربية نفسها بمفهوم ثالث غير التعليم والتكوين، إنه مفهوم الجمالية (Aesthetica) التي هي خاصية بشرية فريدة، وهي من عجائب النفس التي لا يمكن تفسيرها ولا رصدها، بل يمكن فقط تذوقها والإحساس بسلطان تأثيرها ونفوذها الواسع.

فالإنسان بطبعه يميل إلى استشعار الجمال بلذة ورضا، فتجده مثلًا يحب الصور الحسنة والمُتْقنة ساعيًا بذلك إلى البحث عن كل ما هو جميل، وإذا وجده انتقل إلى ما هو أجمل منه في سلم الجمال إلى ما لا نهاية.

فهذا هو الإنسان حريص دائمًا على أن يرى الأشياء الجميلة، ويسمع الأشياء الجميلة، ويلمس كل ما هو جميل، ويظهر بالمظهر الجميل، ويبدو الأمر أكثر وضوحًا عندما يقف أمام المرآة مدة طويلة يصلح شعره ويتأمل ملابسه.

ما التربية الجمالية؟

بعدما تعرفنا إلى الجمالية أو فلسفة الفن، سنتحدث عن اقترانها بالتربية لتعطيا معًا ما أصبح يعرف اليوم بالتربية الجمالية، وهذه الأخيرة قادرة على أن تجعل التربية عملية هادفة وإبداعية أكثر.

وتتجلى هذه التربية الجمالية في تلقين التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية أسس الجمال ومقوماته، بدءًا من النظافة والتنظيم والترتيب وحسن التعامل مع الواجبات، وصولًا إلى تربيتهم على حسن اختيار الأدوات واقتناء الأشياء الجميلة؛ ليصبحوا مبدعين في كل شيء.

إن تربية الطفل بالمدارس الابتدائية على الاهتمام بنظافة جسمه وملابسه وشعره، إضافة إلى تربيته على إنجاز تمارينه وواجباته بكل عناية معناه تكوين هدايا موجهة إلى المدارس الإعدادية والثانوية. وعلى هذا تعليم جيل يعرف الاختيار ويؤمن بالاختلاف وخلق أفكار جديدة ومبتكرة، ويعطي التكوين الأولوية لا للنجاح للمضي قدمًا بالبلاد.

وكما جاء على لسان أحد أساتذة المدرسة العليا للتربية والتكوين لمادة اللغة الفرنسية بجامعة شعيب الدكالي في مدينة الجديدة بالمغرب قائلًا: «إن درسْتَ لِتَتَكوَّن فحتمًا ستنجح، لكن إن درسْتَ لتنجح فهناك شك بألا تَتَكَوَّنَ أَبدًا».

وفضلًا على كل  ذلك، لم يقولوا أساتذة التعليم الابتدائي عبثا "أن الدفتر وجه التلميذ" وأكدوا عليها لأنه وبكل بساطة ما تصنعه أنامل هؤلاء الصغار وتقدمه من كتابات، مخطوطات، رسوم وسلوكات أيضًا، توحي من الدرجة الأولى على مستوى تربيته الجمالية، وكذا مدى قدرة المعلم على جعل هاته الأخيرة تأخذ اتجاهها الصحيح لتعطي النتائج المنتظرة على المدى المتوسط ثم البعيد.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة