كلّنا لدينا عادات سيئة نُحاول التخلّص منها، بعض هذه العادات نستطيع التخلّص منها سريعاً، والبعض الآخر يدوم سنوات ونحن نصارعها..
فنغلبها أحياناً وتغلبنا أحياناً كثيرة، مثل عادة التدخين، أو تصفح السوشل ميديا، أو أكل الوجبات السريعة، أو المُماطلة...
في هذا المقال ستتعلّم الطريقة الصحيّة والفعّالة للتخلُّص من العادات السيئة.
اقرأ من هنا: الذكاء العاطفي وآثاره الإيجابية على المجتمع
أولاً يجب أن نلاحظ أن العادة تمرّ بأربع مراحل رئيسية:
- مرحلة الإشارة.
- مرحلة الرغبة.
- مرحلة الفعل أو الاستجابة.
- مرحلة المكافأة.
هذا النمط ذو الأربع مراحل هو العمود الفقري لكلّ عادة، ويمرّ دماغك بهذه المراحل بالترتيب ذاته في كل مرّة.
لنأخذ عادة التدخين كمثال على ذلك، لتوضيح عملية المرور بهذه المراحل الأربعة..
أولاً هناك إشارة، والإشارة تنبه الدماغ كي يبدأ سلوكاً ما، الإشارة في عادة التدخين تأتي على أشكال مختلفة وتختلف من شخص لآخر..
مثلاً قد تكون الإشارة (بصرية) مثل رؤية شخص أمامك يدخن، هذه إشارة تحفزك على إشعال سيجارة أنت أيضاً، أو رؤية علبة السجائر على الطاولة أو رؤية صحن السجائر، أو شم رائحة التدخين (إشارة عن طريق حاسة الشم)..
وإذا كنت معتاداً أن تشعل سيجارة في الوقت الذي تكون فيه في حالة انفعال وعصبية، أو ضغط نفسي، فستكون حالة العصبية هي الإشارة التي تحثك على التدخين.
اقرأ أيضا: كيف نفهم طاقتنا الإيجابية والسلبية ونتحكم بها؟
إذن كيف أتعامل مع الإشارات (المرحلة الأولى للعادة):
الحلّ هو جعل الإشارات خفيّة، مثلاً في حالة التدخين لا تضع أمام مجال رؤيتك أي شيء يتعلق بالتدخين (علبة سجائر- صحن سجائر).
حاول أن تبتعد عن الأشخاص المدخنين -على الأقل في الفترات الأولى- والأمكنة التي يسمح فيها بالتدخين، (وإذا أخذنا عادة إدمان السوشل ميديا كمثال سنجد أن الإشارات هي: الملل - الفضول - الوحدة - الرغبة في التجديد البصري، الخ...
هذه كلها إشارات يجب جعلها خفية، مثلاً ملء الجدول اليومي بأشياء مفيدة بحيث لا يدخل الملل ليومك، إيجاد عمل، جعل عملية التواصل مع الناس حقيقية، الخ...
ثانياً: (مرحلة الرغبة أو التحفيز)
إذا أخذنا عادة أكل الطعام السريع كمثال نجد أن الإشارة (المرحلة الأولى) تأتي على شكل إعلان مبالغ فيه يعرض لك الوجبة وكأنها أطيب شيء سوف تتناوله في حياتك، مما يعطيك دفعة دوبامين عالية تحفزك لشراء تلك الوجبة..
وهذا التحفيز هو (المرحلة الثانية) من العادة، فتصبح في كل مرّة تمرّ بجانب محل للوجبات السريعة أو تشاهد إعلان تأتيك رغبة قوية في الشراء والتجربة.
الحلّ هنا أن تجعل الرغبة غير جذّابة بالنسبة لك، فإذا قرأت عن مضارّ الوجبات السريعة كل يوم تشاهد فيه إعلاناً، وبحثت عن تجارب أناس خضعوا لعمليات خطيرة بسبب إفراطهم في تناول مثل هذا النوع من الطعام..
فستجد أن رغبتك ستقلّ جداً، بالمقابل قم بإبراز منافع تجنبك لتلك العادة من صحة وصفاء في الذهن ونشاط.
اقرأ من هنا: لديك أكثر من 5 حواس ..حقائق أخرى عن الجسم لا تصدق
ثالثاً: مرحلة الفعل (سلوك العادة)
إذا أخذنا عادة تصفح الفيسبوك كمثال لعادة سيئة، وحسب ما ذكرنا من مراحل حتى الآن فهي تكون على النحو الآتي:
تأتيك إشارة (وجود الهاتف أمامك -أو رنين صوت الإشعار-أو الملل..)، يفرز دماغك دفعة دوبامين "يحفزك" لفتح الفيسبوك ومشاهدة المنشورات والتفاعلات..
فما يبقى عليك إلّا التقاط هاتفك، والبدء في التصفح (الفعل) وهذه هي (المرحلة الثالثة) من العادة.
الحلّ في هذه المرحلة يكمن في جعل السلوك صعب التنفيذ مثلاً في عادة التصفح كيف يمكن جعل السلوك صعب..
عليك أولاً جعل الوصول لهاتفك يحتاج لخطوات لفعل ذلك مثلاً أن تتركه في غرفة بعيدة عنك وتمنع الإشعارات عنه، ولا تخبرني أنك من الممكن أن تفوت رسائل مهمة ومكالمات حياة أو موت إذا كان هاتفك بعيداً عنك..
إن هذا النوع من المكالمات يمكن أن تخصص له هاتف نوكيا من نوع قديم تعطي رقمه للجهات المهمة فقط..
الإنسان بطبعه يتجنب تكرار السلوك الصعب ويمله بسرعة أكبر ممّا تتخيّل، فإذا كان عليّ قطع مسافة عشرين متراً ذهاباً وإياباً لالتقاط هاتفي في كل مرة، فإنني لن ألتقطه كثيراً، وقس على ذلك بقية العادات.
رابعاً: (مرحلة المكافأة)
وهي المرحلة الأخيرة وهي التي من أجلها ندمن على العادة أياً كانت، فالمتعة تعلم الدماغ أن ثمة سلوكاً ما يستحق التذكر والتكرار، ومن طبيعة العادات السيئة أنها تعطينا متعة وإشباعاً فورياً.
الحلّ في هذه المرحلة هي أن تجعل المكافأة غير ممتعة وغير مشبعة، كيف ذلك؟
إذا أخذنا عادة الأكل السريع كمثال، أن المكافأة التي تحصل عليها من هذه العادة هي الإحساس بالطعم اللذيذ المبالغ فيه إذا قارنته بالطعام الطبيعي، أخبر نفسك وعائلتك أنك إذا تناولت اليوم أية وجبة سريعة فتصوم بعدها يومين متتاليين، والتزم بهذا الوعد أمام نفسك وصديقك أو فرد من عائلتك..
مع مرور الوقت وأنت تأكل وتصوم، وتأكل وتصوم، وتعاني صعوبة الصيام، فستجد نفسك تملّ الطعام السريع؛ لأن من طبيعة الدماغ أنه يكرّر السلوك الذي يحصل منه على مكافأة ويتجنب السلوك الذي يحصل منه على عقاب..
فإذا تغلَّبت صعوبة العقاب على مكافأة العادة، أصبحت المكافأة تافهة وغير جديرة بالاهتمام..
من خلال اتباع هذه الاستراتيجية في التعامل مع العادة يمكنك التحكم بأيّ عادة تؤرقك والتخلُّص منها، مع بعض الصبر والتعلم ستنجح..
ملاحظة: لمزيد من الاستفادة اقرأ كتاب "العادات الذرية " للكاتب جيمس كلير- وكتاب "قوة العادة" للكاتب تشارلز دوهيجز.
اقرأ أيضاً: لماذا لا يستمر شعر الجسم بالنمو طويلًا كشعر الرأس والوجه؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.