التحليل النفسي لسلوكيات المجرمين وفهم دوافع الجريمة

لماذا تُرتكب الجريمة، ما الدوافع لهذه الجريمة؟ هل توجد ظروف محيطة أدت إلى هذه الجريمة؟ فإن كنت تبحث عن إجابات عن هذه الأسئلة يجب أن تسبر أغوار عالم الجريمة؛ فهو ذلك العلم المختص بدراسة الجريمة وشخصية المجرمين. فما الذي يدفع الإنسان ويحوله من شخص صالح إلى مجرم؟

توجد كثير من العوامل التي تحوِّل الشخص من شخص صالح مفيد لنفسه وللمجتمع إلى شخص يرتكب الجرائم ولا يكف عن هذا الأمر، ويوجد كثير من الأشخاص الذين لديهم استعداد للدخول في عالم الجريمة ويكونون جزءًا منه ولا ينفكون عنه أبدًا، وآخرون يدخلون هذا العالم بمحض الصدفة. 

أساسيات التحليل النفسي لسلوكيات المجرمين

عندما تكثر ظاهرة إجرامية معينة، فيجب استخدام التحليل النفسي من أجل دراسة الجريمة المتعلقة بهذه الظاهرة. إذ يجب دراسة الحالة النفسية لمرتكبي هذه الجريمة للوقوف على الأسباب، ومن ثم الوصول للحل. لذلك، توجد أصول وأساسيات للتحليل النفسي لسلوكيات المجرمين. فهل تسهم في حل مشكلات الجريمة؟

تتكون أساسيات التحليل النفسي من مجموعة من النظريات. وهي تدرس الجريمة بناءً على النظرية المناسبة لها، أو النظرية التي ترى أنها أفضل من النظريات الأخرى على العموم.

ولكن في البداية يجب أن تتعرف على النظريات التي على أساسها يتم التحليل النفسي لسلوكيات المجرمين. فهيا نتعرف عليها في العناوين التالية:

نظرية فرويد

تقسم هذه النظرية عقل الإنسان إلى ثلاثة مستويات، وهي مستويات الهو، والأنا، والأنا العليا. 

مستويات عقل الإنسان

مرحلة الهو

مرحلة الهو هي أدنى المراحل، وهي المرحلة التي تبحث عن اللذة والمتعة دون ألم، فهي أشبه بالغرائز الحيوانية التي توجد في الحيوانات المتوحشة. فهي لا تبحث عن أي قيم اجتماعية أو أخلاقية، وكل ما يهمها هو إشباع الغرائز بغض النظر عن العواقب. 

مرحلة الأنا

نأتي بعد ذلك إلى المرحلة الأكثر رقيًا من المرحلة السابقة وهي مرحلة الأنا. وتبحث هذه المرحلة هي الأخرى عن إشباع الرغبات والغرائز، ولكن تراعي هذه المرحلة القوانين والأعراف الاجتماعية، فهي تسعى لإشباع الرغبات والغرائز التي لا تتنافى مع القواعد المجتمعية. 

مرحلة الأنا العليا

أما المرحلة الأكثر رقيًا من المرحلتين السابقتين فهي مرحلة الأنا العليا، وهي تلك المرحلة التي لا تتصرف إلا بناءً على القيم الاجتماعية للمجتمع المحيط بها، وأيضًا تراعي القيم الأخلاقية العامة ولا تنفك عنها. 

لذلك، ومن وجهة نظر نظرية فرويد، فالشخص الذي يتمتع بسلوك إجرامي يمتلك عقلًا به صراع دائم بين المراحل الثلاث، وهذا الصراع هو السبب الأساسي في السلوك الإجرامي لديه. 

نظرية الصدمات الطفولية

تقول هذه النظرية إن التجارب في الطفولة تمثل سلوكيات الشخص في المستقبل. فعند تعرض الطفل للإهمال من الأبوين أو الإساءة أو الاعتداءات الجنسية أو أي صدمة في الطفولة من هذا القبيل، فقد يؤثر ذلك فيه ويؤدي إلى تكوين السلوك الإجرامي. 

نظرية الاضطراب النفسي

تقول هذه النظرية إن الاضطرابات النفسية هي المكون الأساسي لسلوكيات المجرمين. فتعتمد سلوكيات المجرمين على وجود اضطراب نفسي معين داخل نفسية المجرم مثل الاكتئاب أو القلق المرضي، أو غيرها من الاضطرابات. 

دور التحليل النفسي لسلوكيات المجرمين

يعمل التحليل النفسي لسلوكيات المجرمين على محاولة فهم دوافع هذه الجريمة. فعند النظر إلى فيلم "رد فعل" بطولة الفنان محمود عبد المغني، نجد أنه مارس جرائمه بسبب صدمة في طفولته جاءت من الأشخاص الذين قام بالجرائم ضدهم؛ فهذا يمكن أن يكون دافعًا من دوافع الجريمة.

فيلم رد فعل

ويمكن أن يكون الدافع هو الاضطراب النفسي، وتوجد كثير من الدوافع التي تختفي وراء الجريمة ويعمل التحليل النفسي على كشفها. 

يستخدم التحليل النفسي لسلوكيات المجرمين الأدوات النفسية من أجل توقع السلوك الإجرامي. ومن هنا يتم التدخل المبكر لمنع استمرار هذا السلوك، فقد يؤدي إلى وقوع جريمة؛ فالتحليل النفسي بذلك يساعد في منع الجريمة قبل حدوثها. 

عند دراسة الجريمة من منظور نفسي، وعند النظر إلى ما هو مكتوب في السجون، نجد عبارة "مركز الإصلاح والتأهيل" وحينئذ لا يعاقب المجرم وحسب، بل يُوضع برنامج إصلاحي وتأهيلي لكي يتم إعداده نفسيًّا للمجتمع بعد أن ينهي مدة العقوبة.

لذلك، نجد أن التحليل النفسي لسلوكيات المجرمين يكشف لنا كثيرًا من الدوافع وراء الجريمة. وحينئذ يجب التنويه إلى أنواع الجرائم التي يتدخل فيها التحليل النفسي، ويكشف الأسباب وراءها. 

أمثلة على السلوكيات الإجرامية

يشير التحليل النفسي إلى الدوافع نحو الجريمة الجنسية. حيث يكشف التحليل النفسي عن الصراعات الداخلية عند المجرم الذي قام بارتكاب هذه الجريمة. ولا يشترط أن تكون ناتجة عن اعتداء جنسي تعرض له في مرحلة الطفولة، ولكن يمكن أن يكون الدافع هنا القسوة في التربية، والإهمال، وغيرها من الأمور التي تؤثر في الإنسان وتحول سلوكياته إلى سلوكيات المجرمين. 

فهم دوافع الجريمة

يكشف التحليل النفسي عن الحركات التي أدت إلى الجريمة العنيفة مثل الاعتداء على الغير أو القتل أو غيرها من أشكال الجريمة العنيفة؛ لذا يجب دراسة الجريمة من منظور نفسي لكي يتم تقدير العقوبة المناسبة للجريمة.  

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.