التحديات السلوكية في الوسط المدرسي بين الأزمة وأفق الإصلاح

شهدت المدارس في السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في مظاهر سوء السلوك بين التلاميذ، ما أدى إلى تأثيرات سلبية في بيئة التعلم وجودة العملية التربوية. فلم يعد الأمر يقتصر على المشاحنات الطفيفة، بل امتد إلى العنف الجسدي واللفظي، والتعدي على ممتلكات المدرسة، حتى التهاون في أداء الواجبات الدراسية. فما أسباب هذه الظاهرة؟ وما أثرها على المجتمع؟ والأهم، كيف يمكن معالجتها لضمان بيئة تعليمية أكثر توازنًا؟  

مظاهر سوء السلوك المدرسي 

يتخذ التدهور السلوكي داخل المدرسة عدة أشكال، أبرزها:  

  • العنف بين التلاميذ: تزايد حالات الاعتداءات الجسدية واللفظية، إضافة إلى تفشي ظاهرة التنمر وتأثيراتها النفسية والاجتماعية.  
  • التعدي على الإطار التربوي: لم يعد المدرسون في مأمن من التصرفات العدوانية، فقد شهدت بلادنا عشرات حالات الاعتداء الجسدي واللفظي على المربين؛ ما يضعف العلاقة التعليمية ويقلل هيبة المؤسسة التربوية.  
  • الإضرار بالممتلكات المدرسية: تخريب الطاولات، الكتابة على الجدران، إتلاف المرافق الصحية، وهي سلوكيات باتت مألوفة؛ ما يزيد تآكل البنية التحتية للمدارس، وهي ظاهرة ألاحظ تفاقمها بحكم تجربتي في التعليم.
  • عرقلة العملية التعليمية: إثارة الفوضى داخل الأقسام، التراخي في أداء الواجبات وهي سلوكيات تظهر مقاومة سلبية تجاه التعلم.  

تزايدت حالات الاعتداءات الجسدية واللفظية  في المدارس إضافة إلى تفشي ظاهرة التنمر وتأثيراتها النفسية والاجتماعية

الأسباب الجوهرية وراء الظاهرة 

يرتبط التدهور السلوكي بعدة عوامل تربوية واجتماعية ونفسية، منها:  

  • تراجع المنظومة الأخلاقية: ضعف دور الأسرة في غرس القيم لمصلحة تأثيرات خارجية تفتقر إلى الضوابط التربوية.  
  • غياب البيئة المدرسية المحفزة: افتقار المدرسة إلى أساليب تعليمية تفاعلية تجذب انتباه التلاميذ وتعزز حسهم الجماعي.  
  • ضعف استيعاب المناهج الدراسية: صعوبة المحتوى أو افتقار الأساليب التربوية إلى الابتكار قد تؤدي إلى نفور التلاميذ من التعلم. 
  • عدم توافق توجهات التعليم مع ميول التلاميذ: فرض مسارات دراسية دون مراعاة اهتماماتهم يؤدي إلى مشاعر الإحباط والسلوكيات السلبية لدى المتعلمين.  
  • تأثير وسائل الإعلام والمجتمع الافتراضي: التعرض لمحتوى يعزز العنف أو التمرد، مثل الألعاب الإلكترونية التي تروج للسلوك العدواني (Free fire على سبيل المثال).

الأثار السلبية على المجتمع

إذا لم تُعالج هذه الظاهرة بفاعلية، فقد تتسبب في تداعيات محفوفة بالخطر، أبرزها:  

  • توتر العلاقة بين المعلم والمتعلم واهتزاز سقف الثقة بينهما؛ ما يؤدي إلى ضعف مستوى التحصيل الدراسي.  
  • تفشي العدوانية والإحباط؛ ما ينعكس سلبًا على الحياة الاجتماعية خارج المدرسة.  
  • انتشار السلوك غير المسؤول؛ ما يؤثر في  مستقبل الأجيال القادمة، ويقلل فرصهم في بناء مجتمع متوازن.

يؤدي سوء السلوك المدرسي إلى توتر العلاقة بين المعلم والمتعلم واهتزاز الثقة بينهما بالتالي ضعف مستوى التحصيل الدراسي

سبل الوقاية والعلاج 

لحل هذه الأزمة، ينبغي اعتماد نهج شامل يجمع بين التربية، الدعم النفسي، والتفاعل بين عناصر المجتمع:  

  • تهيئة بيئة مدرسية محفزة: اعتماد أساليب تدريس تفاعلية مثل التعلم بالألعاب، التكنولوجيا الحديثة، أو الدمج بينها وبين الأساليب الاعتيادية. 
  • مزيد دمج الفنون والأنشطة الحركية في برامج التعليم: الأولى تهذِّب السلوك، والثانية تفرغ شحنة الطاقة الزائدة لدى الأطفال.   
  • تعزيز الدعم النفسي والتربوي: توفير مختصين في المرافقة التربوية والنفسية داخل المدارس، إضافة إلى برامج للتوجيه والإرشاد تساعد التلاميذ في تنمية مهارة التعامل مع الضغوط الدراسية والاجتماعية.  
  • إشراك العائلة والمجتمع: توعية العائلات بأهمية دعم اختيارات أبنائهم الدراسية، وتعزيز العلاقة بين المدرسة والمجتمع.  

إن سوء السلوك في مؤسساتنا التربوية ليس مجرد مشكلة تعليمية، بل نتيجة لتفاعل عوامل اجتماعية وتربوية تحتاج إلى حلول متكاملة، كما أن فهم الأسباب الجوهرية وتطبيق استراتيجيات وقائية فعالة، سيُسهم في تحسين بيئة التعلم وضمان مستقبل تعليمي أكثر استقرارًا لأبنائنا.  

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة