يقال إن المواجهة تحل كثيرًا من المشكلات، لكن ليس في كل الحالات، فالتجاهل في كثير من الأحيان يختصر كثيرًا من الحوارات مع أشخاص ليس لديهم أي رغبة في الوصول إلى الحل، لكنهم معنيون بأن يفتحوا الموضوعات لتبقى عالقة بلا إجابة لكي ينسجوا بقيتها حسب أهوائهم، فلا ينفع معهم نقاش ولا حوار؛ لأن الحياة من وجهة نظرهم فقط، أما الآخرون فهم موافقون دون سؤال.
اقرأ أيضاً التجاهل
لماذا يعد التجاهل مهمًا في بعض المشكلات؟
تختلف ردود فعل الأشخاص في حالات كهذه، فالبعض يقبل بأي شيء ويبقى صامتًا؛ لكيلا يلتفت أحد لفظاظة الطرف الثاني، والبعض لا يقبل إلا أن يبين ويوضح ويصل لجواب يقنع الجميع دون كذب وتحايل في إقناع الآخرين بأنه لا يخطئ، فعدم الاعتراف بالخطأ نية مبطنة بالرغبة في الاستمرار وتكراره وعدم إنهائه.
متعبٌ جدًا أن تحاول تعديل وإصلاح وتوضيح وجهات نظر مختلفة، كل من فيها يرى أنه المحق، بل من أسوأ الخيارات الاستمرار بهذه الطريقة؛ لأنها ستؤدي إلى طريق مسدودة لا فائدة منها إلا الخصام والبغض والاعتداد بالرأي دون احتمال الخطأ فيه رغم اعتيادية الأمر.
ومن هذه النقطة يأتي دور التجاهل بألا نوافق ولا نعارض، بأن نتجاهل أي تساؤلات أو استفسارات بخصوص أمر نعرف جيدً ما نتيجة البدء فيه قبل أن نبدأ.
علينا أن نعرف من نحاور وعقلية أصحاب الحوار، وذلك لوجود عوامل تؤثر في مسار الحوار منها الأعمار والاتجاهات والتحصيل العلمي والاهتمامات والقدوة والتنشئة والدوافع، فالبعض لا دوافعَ لديه، فمهما مالت الريح مال معها، والبعض له دوافع شخصية، والبعض دينية، والبعض اجتماعية، والبعض سياسية، وتحديدًا هذه النقطة الأكثر أهمية في هذا الموضوع.
اقرأ أيضاً تعلم فن التجاهل عند التخلي
التجاهل دواء لمن لا يجد فائدة من الحوار
كل البرامج تدور حول طرفين متلقٍ ومتحدث، وبين هذين الطرفين ثمة حدود يجب رسمها جيدًا وتحديدها قبل أي ارتطام أو خلاف، فللإنسان حرية الرأي والاعتقاد بما يشاء، لكن ثمة معايير ينبغي الاطلاع عليها، والتمعن فيها؛ لكي تكون النتيجة نافعة، فليس الهدف من أي حوار أن نحدد الصواب والخطأ، المحق والمذنب؛ لأن الحوار ينقلب حينها إلى سجن ومتهم.
وكل الاختلافات أصلها الجدال، فهدف الحوار هو وجود منفعة وهدف للجميع، وفائدة لكل الأطراف؛ لذلك تعلَّمَ أصول الكلام وكيف ومع من تتكلم، فحفظ المقامات أمر في غاية الأهمية، فهو يكسب الاحترام، والتطاولُ يُفقد الاحترام ويقلل من شأن أهل النقد والاعتراض، وعلى الإنسان أن يتجاهل ليحقق راحته، وأن يتجنب كل ما يزعجه، فالخوض في ما يؤلم الرأس سيزيد الألم إن لم نختر من يملك الدواء.
فالدواء إن لم يكن من مختص فلا فائدة منه، لأنه هو القادر على أن يحدد لنا الخلاصة واسم الدواء الأكثر فعالية لإنهاء هذا الألم، ومع كل هذا فإن الاختيار يعود لكل شخص منا في اختيار طريقة تفكيره الخاصة، وتحديد جوانبها وزواياها المتعددة لكي نعرف من أين نبدأ وأين نقف؟
وعلى العموم لا شيء ولا شخص يستحق أن يستهلك طاقتنا أكثر من اللازم، ستعلمك الحياة أننا عابرون، والفطن من تاجر مع الله فتجارته هي الرابحة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.