الانبعاثات الكربونية.. منتج ثانوي للرفاهية البشرية

تتزايدت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في جميع أنحاء العالم؛ ويُعزى هذا إلى الأنشطة البشرية، فالبشر يحرقون الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز الطبيعي) للاستخدامات المُختلفة في جميع القطاعات الاقتصادية. وما لا شك فيه أن الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون له آثار عميقة علينا الآن وعلى الأجيال القادمة.

اقرأ أيضًا ظاهرة الاحتباس الحراري.. هل هي حقيقة أم لا؟

أهمية ثاني أكسيد الكربون 

ثاني أكسيد الكربون هو أحد الغازات الدفيئة التي تحبس الحرارة من الشمس وبذلك تجعل الأرض أكثر دفئًا.

ويمثل الاحتباس الحراري العالمي التحدي الأعظم الذي يواجه البشرية؛ حيثُ يعمل الاحتباس الحراري العالمي على تضخيم ومضاعفة تهديدات القضايا الرئيسة الأخرى في مجتمعنا، على سبيلِ المثال (الفيضانات والعواصف والأراضي الصالحة للزراعة من أجل الغذاء والمساحات الصالحة للسكن... إلخ) ومن المُمكن أن يُؤدي ذلك إلى تَفاقم الصراعات القائمة وخلق تَحديات جديدة في العقودِ المقبلة.

ومع ذلك فإن معالجة مشكلات المناخ يمكن أن يُبرز أفضل ما في البشرية، عن طريق التضامن والتعاون والابتكار وتبادل المعرفة؛ ما يُمهد الطريق للصحة والازدهار في المستقبل لأجيال عدّة قادمة.

اقرأ أيضًا كيف يمكن حل مشكلة الاحتباس الحراري؟

تركيزات غاز ثاني أكسيد الكربون في تزايد مطرد

عند 429 جزءًا في المليون تُعد مُستويات ثاني أكسيد الكربون على الأرض هي الأعلى منذ مئات الآلاف من السنين، وزادَ تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي العالمي بنسبة 50% منذ عصور ما قبل الثورة الصناعة، فقد ارتفع من 277 جزءًا في المليون في عام 1750 إلى 429 جزءًا في المليون في نوفمبر 2023.

وإذا استمر الوضع على ما عليه (Business as usual scenario) فقد تتجاوز تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي العالمي 550 جزءًا في المليون بحلول عام 2050.

حتى نستوعب خطورة الموقف الحالي لزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فلنا أن نتصور أنه إذا كان يوجد 429 جزءًا في المليون من أول أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وليس ثاني أكسيد الكربون فسنفقد الوعي ونقترب بسرعة من الموت، فالحقيقة أن ثاني أكسيد الكربون ليس سامًّا كأول أكسيد الكربون ولكنه فعال جدًّا في حبس الحرارة.

ومن ثم نستطيع القول بكلِ بساطةِ إن الزيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ما هي إلا منتج ثانوي للحياة الحديثة والرفاهية التي تعيشها البشرية منذ فجر العصر الصناعي.

تَمتص المحيطات نحو 25% من إجمالي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في العالم، ما يؤدي إلى زيادة حمض الكربونيك الذي يسبب زيادة حمضية النظم البيئية البحرية، ويلحق الضرر بالشعاب المرجانية.

وما يجعل الأمر يزداد سوءًا أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الوقود الأحفوري البشري أكبر من صافي الامتصاص لجميع الغابات وجميع المحاصيل وجميع الأراضي العشبية وجميع الأراضي الرطبة وجميع النظم البيئية المختلفة كالتندرا... إلخ خلال موسم النمو في نصف الكرة الشمالي.

اقرأ أيضًا لماذا ثنائي أكسيد الكربون ليس مادة عضوية

انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030

من المتوقع بحلول عام 2030 أن تزداد معدلات انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بصورةٍ ملحوظة، وتشير التقارير إلى أنه من المُتوقع أن تستحوذ الصين على نحو 34% من جملة الانبعاثات الكربونية، وأن تظل الولايات المتحدة الأمريكية ثانيًا بنحو 14% من جملة الانبعاثات الكربونية، وأن تصل الهند إلى نحو 9% من جملة الانبعاثات لتأتي في المركز الثالث.

وفي الختام كانت الحياة قبل الوقود الأحفوري باردة ومظلمة وقصيرة. وتدين البشرية للوقود الأحفوري بكثير من المنافع في أسلوب حياتنا الحديثة، ومع ذلك فالحقيقة مؤلمة وهي أن ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري يُمثل تهديدًا شديد الْخَطَر لرفاهية سكان كوكب الأرض، وفي حال لم نتخذ خطوات حاسمة لتبني مسارات مختلفة وأكثر ملاءمة للمناخ فإن الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لقاطني كوكب الأرض ستكون في خطر داهم.

فليس علينا أن نجلس مكتوفي الأيدي ونقبل بهذا المصير. لقد صنعنا المشكلة ولدينا القدرة على تغييرها، ومن الآن فصاعدًا فلا بد من تَكاتف جميع الأيدي لانتشال البشرية من هذا الحاضر المرير الممتد للماضي المُظلم والمُستقبل الغَامض المَجهول. 

المصدر

The World’s Littlest Book on Climate, 2023, USA.

IPCC, AR6, Physical science basis, 2021.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة