ينتشر الاقتصاد الأسود وأنشطته المشروعة والغير مشروعة، في المجتمعات الفقيرة والغنية لأنه يعتبر الوسيلة الأكثر سهولة لمصدر دخل الكثير من الأسر الفقيرة، ومصدر للثروة للأوساط الغنية، لأنه يمر في قنوات غير مشروعة، بعيدا عن السلطات الرقابية.
ما هو الاقتصاد الأسود ؟
هو نشاط تجاري أو خدمي، مشروع أوغير مشروع، يعمل خارج نطاق الرقابة الحكومية، ولا يخضع للسلطات الضريبية، كما يطلق عليه أيضاً الاقتصاد غير الرسمي أو اقتصاد الظل أو الاقتصاد السري، وتتميز أنشطة الاقتصاد الأسود بأنها أنشطة غير مرئية وتجري بعيداً عن أعين الدولة.
الاقتصاد الأسود يطلق عليه أيضا الاقتصاد الموازي، والاقتصاد غير المحدود، وتم وصف هذه الظاهرة على أنها النمو السرطاني في اقتصاد الدولة.
مظاهر وأنشطة الاقتصاد الأسود
أنشطة الاقتصاد الأسود غير مرئية، وتتم بعيداً عن سلطات وأعين الدولة، ولكن قد تكون بعض من هذه الأنشطة مشروع، ويلبى الاحتياجات الأساسية للمواطنين، ولكنها بعيدة عن رقابة وحصر الأجهزة الرقابية مثل السلطات الضريبية، مثل الورش والمصانع والتجار والوسطاء البعدين عن أنظار السلطة الضريبية للدولة، والباعة الجائلين إلخ..... .
وطالما أن مثل هذه الأنشطة بعيدة عن أعين الدولة ورقابتها فلن تخضع للضرائب ولا تراقب من قبل الحكومة ولا تدخل ضمن الناتج القومي الإجمالي، على العكس من الاقتصادي النظامي أو الرسمي.
وقد يكون غير مشروع كليا مثل تجارة العملة والتهريب وتجارة السلاح وما تقوم به المؤسسات الإجرامية أو الإرهابية، والأفراد الذين يقومون بأعمال السرقة، وتهريب الأعضاء، وزراعة وتجارة المخدرات، وخطف الأطفال لسرقة أعضائهم والمتاجرة بالرقيق الأبيض وغيرها من الأنشطة الإجرامية غير المشروعة.
- وهناك ارتباط كبير بين الاقتصاد الأسود وانشطة القطاع غير الرسمي والمناطق المحرومة من الخدمات والعشوائيات التي تعاني من الفقر.
- وينتشر الاقتصاد الأسود أو الخفي في مؤسسات القطاع العام والجهاز الإداري للدولة، حيث تنتشر الرشوة والفساد بأشكال مختلفة.
خصائص الاقتصاد الأسود
هناك خصائص للاقتصاد الأسود يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- البعض غير قانونى مثل التجارة في السلع أو الخدمات التي يحظرها القانون، أو التجارة في السلع والخدمات بصورة قانونية، ولكن هناك تهرب من سداد الضرائب المستحقة للدولة، أو فعل الأمرين معاً.
- الاقتصاد الأسود يفضل التعامل النقدي فى التعامل، وبهذه الوسيلة يصعب الكشف عن هذه التعاملات من خلال السلطات الرقابية، ومثال على ذلك "وجدت دراسة أسترالية أجريت عام 2018، أن 72 مليار دولار تقريباً من الأنشطة غير القانونية استخدمت عملة البيتكوين".
- غسيل الأموال لتحويل المدفوعات غير القانونية إلى شكل قانوني، وذلك من خلال:
- إنشاء شركات خارج البلاد على أن يتم استخدامها فقط في غسيل الأموال وتكون الوظيفة الأساسية لها هي إخفاء مصدر الأموال.
- دمج أموال الاقتصاد الأسود في المجتمع وذلك من خلال شراء الأراضي والعقارات وغيرها من السلع الرأسمالية وبالتالي تتحول الأموال غير الشرعية إلى أموال شرعية في صورة ثروة شرعية.
وتوجد طرق أخرى لغسل الأموال لتحويلها عبر معاملات متعددة لإخفاء مصدرها وآثارها إلى الشكل الشرعي القانوني، بحيث يصعب على السلطات الرقابية التعرف على أصل هذه المعاملات.
على سبيل المثال: ووفقاً للتقارير الدولية بلغت الأرباح الناتجة عن العمل بالسخرة حوالي 150 مليار دولار في عام 2012.
وتقدر إحصاءات الأمم المتحدة أن هناك الملايين من النساء والأطفال يتم تسويقهم واستغلالهم في أسواق الرقيق الأبيض، والعمل وأشكال أخرى مختلفة من الاستغلال في العالم، ينتجون ثروة تقدر قيمتها 7 بلايين دولار تقريبا.
- و قدرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أن التجارة في الجنس تجنى تقريباً 250,000 دولار سنوياً عن كل ضحية.
الاقتصاد الأسود الرقمي والجرائم السيبرانية
قيمة الأموال التي تم تحقيقها من خلال التجارة غير القانونية
وفقاً لتقديرات GFI في 10 قطاعات كالتالي:
القطاع |
قيمة التعاملات |
الأموال المزورة |
1.13 تريليون دولار |
الاتجار بالمخدرات |
652 مليار دولار |
تجارة الممتلكات الثقافية (سرقة الملكية الفكرية) |
1.6 مليار دولار |
التعدين غير القانوني |
48 مليار دولار
|
الصيد غير القانوني |
36.4 مليار دولار |
قطع الأخشاب غير القانوني |
157 مليار دولار |
الاتجار بالأنواع المهددة بالانقراض(الحيوانات والطيور) |
23 مليار دولار |
سرقة البترول |
11.9 مليار دولار
|
الاتجار بالأسلحة الخفيفة |
3.5 مليار دولار |
تجارة الأعضاء |
1.7 مليار دولار
|
بعض مخاطر الاقتصاد الأسود
مخاطر الاقتصاد الأسود كثيرة منها ما يمثل خطراً محلى على اقتصاد الدولة، ومنها ما يمثل خطراً على العالم كلة، بالإضافة إلى أخطار تهدد أمن واستقرار المجتمع، ويمكن ذكر بعض هذه الاخطار في النقاط التالية:
1- لا تدخل أنشطة الاقتصاد الخفي ضمن موازنة الدولة ، وبالتالي فهو لا يشكل جزءًا من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن اقتصاد الظل يمكنه إضافة ما بين 14% و16% للناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، فيما يمكنه إضافة ما بين 35% و44% للاقتصادات الناشئة.
2- فقد جزء كبير من الإيرادات على الخزانة العامة للدولة المرتبطة بالتهرب الضريبي أو برسوم التراخيص وتقديم الخدمات الحكومية.
3- الصناعات الشرعية لا تستطيع المنافسة مع الصناعات غير القانونية لأنها منخفضة التكلفة لأنها غير محملة بالضرائب ولا بتكاليف الخدمات الحكومية الأخرى، ومثال على ذلك الصناعات التي يطلق عليها (بير السلم) وعادة ما يعتمد الاقتصاد غير الرسمي على السلع المهربة من الداخل أو الخارج، فيتم عرضها بسعر أقل من مثيلتها المنتجة في الاقتصاد الرسمي؛ ما يقلل من فرص المنافسة في السوق، وبما أن هذه السلع مهربة فتكون غير خاضعة للرسوم الجمركية، وبالتالي تضر بحصيلة الإيرادات العامة للدولة.
4- تقدر دائرة الإيرادات الداخلية الأمريكية الضرائب المستحقة غير المدفوعة في البلاد بنحو 18.3% من إجمالي الضرائب المستحقة، ونتيجة لذلك فإن التهرب الضريبي يكلف الحكومة الفيدرالية 458 مليار دولار سنويًا .
5- لا تتوفر الشروط الصحية لدى العاملين بالقطاع الاقتصادي غير الرسمي، ولا تخضع مستلزمات الإنتاج للشروط الصحية، ولا تشرف عليها الجهات الرسمية من قبل الحكومة؛ ما يسبب خطورة بالغة على صحة المواطنين، وتتكبد الدولة تكاليف العلاج ومواجهة العديد من الأمراض، ما يشكل عبئاً إضافياً على ميزانية الدولة.
6- ومن أبرز مخاطر مؤسسات الاقتصاد غير الرسمي، هو ضياع حقوق العاملين فيها من حيث التأمين الصحى وعدم توافر مواصفات الأمن الصناعي، حيث يخضع العاملين لظروف عمل غير مناسبة مما يعرضهم لكثير من الأمراض يخضعون أيضاً لساعات عمل أطول، وبأجور متدنية.
7- ولا يمكن أن نتجاهل خطورة الاقتصاد الأسود على الأمن القومي بل وأمن واستقرار دول العالم، وذلك فيما يخص ما تقوم به المؤسسات الإجرامية أو الإرهابية، والأفراد الذين يقومون بأعمال السرقة، وتهريب الأعضاء، وزراعة وتجارة المخدرات ، وخطف الأطفال لسرقة اعضائهم, والمتاجرة بالرقيق الأبيض، وانتشار الرشوة والفساد فى المؤسسات الحكومية وغيرها من الأنشطة الإجرامية غير المشروعة، التي تهدد أمن واستقرار المجتمعات على مستوى العالم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.