الاستاد ممنوع

ممنوع يا أستاذ... ممنوع... ممنوع

لقطة كوميدية من فيلم جواز بقرار جمهوريّ كان بطلها عسكري يردّد تلك الجملة دون وعي لمن يقولها، ولكن أصبحت واقعاً نراه في مدرجات الاستاد في وقتنا الحاضر.

ما أعقب حادثة بورسعيد والدفاع الجويّ ليس فقط خلو مدرجاتنا من الشيء الذي هو بمثابة الرّوح للجسد، ولكن تعنت الجهات المسؤولة عن تنظيم المباريات ضد الجمهور ولا ندري أهي محاولة لتطفيش المشجعين من دخول المدرجات أم محاولة لفرض السيطرة وإحكام القبضة الأمنيّة لتجنب تكرار الكوارث الحزينة السّابقة.

الحفاظ على أرواح الجماهير هي مهمّة كبيرة ومسؤولية تثقل من كاهل القائمين على ذلك، ولكن أولاً وجب توعية الجمهور بالضوابط القانونية والأشياء المحظورة في المدرجات توعية كاملة لكي يدرك كل شخص ما له وما عليه دون أن يتفاجأ المشجع عند دخوله وأثناء تواجده من أشياء لم يكن يعلم بقانونيتها أو عدم قانونيتها، وتسهيلاً من مهمة الأمن والتنظيم حتى تخرج المباريات بالصورة الأمثل.

ما حدث خلال سنوات الجفاف الجماهيريّ أحدث فجوة كبيرة أثّرت بالسلب على جودة كرة القدم التي نقدّمها، صحيح أن خلال تلك الفترة ظهرت أفكار على أرض الواقع نظّمت عملية حصول المشجع على التذكرة والوصول للمدرجات ولكن ما هي إلا أفكار غير مكتملة تصطدم دوماً بالممنوع غير المعلن أو غير المعروف سوى للمنظمين، فهم فقط من يعلمون بقائمة المحظورات التي لا يجب على المشجع أن يفعلها ويفاجأ المشجع عند عودته للمدرجات بأشياء لا تحمل سوى إجابة واحدة.... ممنوع.

وحين يسأل إيه الممنوع يتعجب لما يسمعه وعندما يستعلم لماذا لا يجد سوى إجابة تعليمات وبنفذها.

الوقوف بجوار تلك النقطة... ممنوع

الجلوس في تلك المنطقة... ممنوع.

وهنا يحدث أمراً من ثلاثة، الصدام الذي ينتج عن مشادة كلامية بين المنظم والمشجع، أو الإصابة بحالة من الملل والتعجب والاندهاش والخروج عن التركيز في المباراة أو التشجيع، أو الانصياع مع اتخاذ قرار بعد العودة للمدرجات بعد انتهاء المباراة والاكتفاء بمشاهدة المباريات من خلال التلفزيون.

الكورة للجماهير هي مقولة وشعار ومبدأ أساسيّ في عالم كرة القدم والمدرجات صنعت للمشجعين فكيف يكون هناك مدرج بلا جمهور.

معضلة كبيرة تحتاج إلى ترك الخلافات القديمة التي أحدثت صدعاً في العلاقة بين الجمهور والمنظمين كنقطة انطلاق لكتابة صفحة جديدة والعمل على توعية جميع من في منظومة الاستاد من منظمين، وأمن وجمهور، ليدرك كل فرد دوره المنوط به تنفيذه بما لا يتعارض مع الضوابط القانونية والإنسانية.

الاستاد ليس ممنوعاً طالما كان المشجع ملتزماً منضبطاً مؤدياً دوره في تشجيع فريقه فقط، والحرص كل الحرص على عدم وجود مشاكل لا للمشجع ولا للمنظم.

الاستاد أصبح ممنوعاً في زمن الخوف غير المبرر وكأن المشجعين هم قنابل موقوتة، وبأن الأمن هم خصوم للمشجعين لا يجب التعاون معهم، وبأن كل خطوة قد تنذر بخطر كبير، ولكن الحقيقة أنه إنذار كاذب، لا بدّ من العمل الجاد للارتقاء بمنظومة التشجيع كاملة والتعاون الكامل بين جميع الأطراف لإظهار الصورة بشكل راقٍ يليق بنا ولنبعث برسالة بأننا قادرون على تطوير المنتج الكرويّ المصريّ والقضاء على تكرار ممنوع يا أستاذ.... ممنوع.

صيدلى إكلينيكى وأخصائى ميكروبيولوجى

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

نبذة عن الكاتب

صيدلى إكلينيكى وأخصائى ميكروبيولوجى