السيارة من وسائل النقل التي تختصر المسافات على الأرض، وتنقلنا من مكان لآخر، والتي تعتبر من النعم التي أنعم الله بها على البشر، فالله رزقهم العلم لصناعتها، والله "عَلَّمَ ٱلْإِنسَٰنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" العلق (5)، والله رزقهم المال اللازم لشرائها، والصحة والمعرفة والقدرة على قيادتها.
من أشكال النصب كذلك نصابين الفيس وشياطين إبليس
احذر من النصابين
وعلى كل من يملك سيارة كسائق الأجرة أو الحمل أو سائق السيارة الخصوصي يخرج كل صباح أن يتوكل على الله ليكفيه شر النصابين والأشرار "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" عمران (159)، وأن يسال الله أن يرزقه خير ما في اليوم ويبعد عنه شره، وأن يكفيه شر بني آدم.
لكنه ليس هنالك من الناس من يتصور أن يكون ضحية لعصابات منظمة تحوك في الظلام نسيجاً من جرائم النصب والاحتيال التي لا تُتصور في العقل ولا تخطر على البال، يكون كل شيء مرتباً حيث لا يقبل الشك مطلقاً.
إنهم يبتزون الناس، ويجعلون من عمليات النصب والاحتيال على الناس وسيلة لكسب الأموال لصرفها على ملذاتهم، معتبريها مهنة تدر عليهم مالاً وفيراً، وذلك بدلاً عن الكسب الحلال الذي أوصى به الله تعالى.
إن أصحاب الأيدي المكسورة هم: مجموعة من النصابين الذين ينصبون على الأشخاص الأبرياء من سواقي السيارات إذ يقوم أحدهم بافتعال اصطدامه بسيارة السائق بعد خطة محكمة، ثم يفتعلون إصابتهم ويهاجمون السائق طلباً للتعويض وأخذ المال لغرض العلاج أو الفصل العشائري.
اقرأ أيضاً لمواجهة"النصب العقاري" أول منصة إلكترونية تهتم بسوق العقارات
صفات الضحايا التي تختارها العصابات
تختار العصابة الأشخاص الذين تتوفر فيهم الصفات الآتية:
- رجل كبير في السن.
- أن يكون بمفرده.
- أن تظهر عليه مظاهر الثراء.
- أن تكون سيارته حديثة أو غالية الثمن.
- من الممكن أن تكون الضحية امرأة مع بعض الصفات السابقة.
أساليب النصابين التي يتبعونها
مضايقة الضحية بسيارة أخرى وشريكهم ينتظره في مكان تنفيذ الجريمة، حيث تقوم الجريمة على أساس أن مجموعات من المجرمين تتألف كل مجموعة من 3-4 أشخاص وربما أكثر من ذلك، يقومون بكسر يد أحدهم مسبقاً؛ أي مع سبق الإصرار على ارتكاب الجريمة، ويستخدمونه كضحية لجرائمهم، ويقومون بتركه قرب أحد المطبات.
والثلاثة أو الاثنان الباقيان يستقلون سيارة أجرة، وعندما يقررون الإيقاع بأحد الأشخاص، وهو سائق سيارة خصوصي يقررون أن يبتزوه، تكون خطتهم بمضايقته بسيارة الأجرة، حتى إذا انفعل وأخذ يقود سيارته دون تركيز ووصل إلى المطب، يكفي أن يلقي ذلك الشخصُ الضحيةُ الذي ينتظره عند المطب بنفسه على السيارة أو يصطدم بالمرآة الجانبية لها، ويسقط نفسه أرضاً مع صراخ عالٍ، فإن وقف سائق السيارة وإلا توقفه جماعته في سيارة الأجرة بسبب صدمه ودهسه لقريبهم، ثم يطلبون نقله في سيارة الضحية إلى أقرب مستشفى، إما بقناعته أو تحت تهديد السلاح مدّعين أنهم أقرباؤه.
وهناك تؤخذ له أشعة، ويخرج ويده مجبسة، وستكون اليد في صورة الأشعة مكسورة؛ لأنها مكسورة مسبقاً، ويجري التفاوض مع قائد السيارة بواحدة من ثلاث: إما مركز الشرطة، أو حسم الموضوع عشائرياً، أو حل الموضوع بالتفاهم بينهم، وأغلب الضحايا في هذه الجريمة يقبل بحل الموضوع بالتفاهم ويبدأ التفاوض على المبلغ الذي يكون في حدود 4 أو 5 ملايين حتى يستقروا، ربما مليون ونصف أو أكثر.
تعرَّف الآن كيف تتجنب الاحتيال عبر الإنترنت لبطاقات الائتمان
عقوبة جريمة النصب والاحتيال في القانون العراقي
عاقب قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969م في المادة 456 على جريمة النصب والاحتيال بالحبس، والحبس لا تقل مدته عن 3 أشهر، ولا تزيد على 5 سنوات، وأدناه نص المادة:
مادة 456 – 1 يعاقب بالحبس كل من توصل إلى تسلم أو نقل حيازة مال منقول مملوك للغير لنفسه أو إلى شخص آخر، وذلك بإحدى الوسائل الآتية:
أ. باستعمال طرق احتيالية.
ب. باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة أو تقرير أمر كاذب عن واقعة معينة متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم.
مادة 456 - 2 يعاقب بالعقوبة ذاتها كل من توصل بإحدى الطرق السابقة إلى حمل آخر على تسليم أو نقل حيازة سند موجود لدين أو تصرف في مال أو إبراء أو على أي سند آخر يمكن استعماله لإثبات حقوق الملكية أو أي حق عيني آخر، أو توصل بإحدى الطرق السابقة إلى حمل آخر على توقيع مثل هذا السند أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله.
5 قصص حقيقية عن النصب
فيما يأتي عددٌ من الوقائع الحقيقية التي قام بها عدد من العصابات الإجرامية التي تمارس هذا الأسلوب الإجرامي كما سردها من تعرضوا لحوادث النصب:
- النصب على سائق سيارة نوع سورينتو موديل (2015):
في أحد أيام شهر تموز اللاهبة وفي مدينة بغداد منطقة اليرموك الشارع العام، كان سائق السيارة السورينتو يسير بسرعة لا تتجاوز (40) كم في الساعة لخروجه من شارع فرعي للوصول إلى الشارع العام، وفجأة رأى سيارة أجرة نوع سايبا تتقدم بالقرب منه، وتحاول مضايقته مما شرد ذهنه عن الانتباه للجهة الأخرى من السيارة، عندها صرخ شاب في العقد الثاني صيحة تجعل كل من في الشارع يلتفت ويهرع ليرى ما حدث، هذا الشاب كان قد رمى جسده على السيارة من الجهة الأخرى التي لم يكن السائق منتبهاً إليها رمية مفتعلة، إذ إن السائق منشغل بمضايقة صاحب السيارة الصفراء له، وفي هذه اللحظة ينزل 3 أشخاص من السيارة ويباشرون بحمل الشاب، بعد أن صرخوا بوجه صاحب السيارة الحديثة، ويفتح أحدهم باب سيارته والاثنان الآخران يحملان الشاب، ثم قاموا بوضعه في المقعد الخلفي للسيارة الحديثة، ثم شهر أحدهم مسدسه خلف رأس السائق وقام بتهديده قائلاً: (الشاب تكسر ولازم نودي مستشفى وإذا مات أنت تتحمل المسؤولية؟)، يقف السائق مع الشاب المصاب والأشخاص الثلاثة وسيارة التكسي عند باب إحدى المستشفيات الأهلية، ويُحمل الشاب مفتعل الإصابة من قبل الشخصين، ويبقى أحد هؤلاء الأشخاص الثلاثة يقود السيارة الصفراء، والآخران مع السائق المبتلى، وهما يمثلان أدوارهم بإتقان، يخرج أحدهم بعد وقت لا يتجاوز ربع ساعة ويخبر صاحبه وأمام المتهم بأن قريبهم يحتاج إلى إجراء ثلاث عمليات نتيجة الكسور التي حطمت نصف عظام جسده، وهذا ما يظهر في الأشعة وتقرير الأطباء، ثم تبدأ المرحلة الثانية بعدما جعلوا السائق يصدق اللعبة التي وقع ضحيتها، فيفاصلون السائق على ثلاثة خيارات: إما دفع مبلغ (20) مليون مصاريف العمليات والإعاقة وحل الموضوع ودياً خارج مركز الشرطة، أو تسليمه إلى أقرب مركز شرطة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، أو إجراء الفصل العشائري، ولما كان السائق يعرف أنه سوف يتحمل المعاملة السيئة والمسؤولية القانونية والفضائح ويدفع أضعاف هذا المبلغ، فيوافق على الدفع وحل الموضوع ودياً، وبعد عقد مفاوضات واتفاقية اختصرت بخمسة ملايين دينار عراقي تستلم من قبل أحدهم عداً ونقداً بعد أن يتصل بأحد أفراد عائلته ليحضرها له.
- صاحب سيارة نوع النترا وفي منطقة المحمودية على الطريق السريع:
كان يقف مجموعة من الشباب يتجاوز عددهم (4) بانتظار مرور الصيد، يبدو أنهم وقفوا أمام مطب للسيارات لعلمهم أن السيارة سوف تبطئ من سرعتها لتجتاز المطب، وعندما لاحت في الأفق سيارة موديل (2014) نوع النترا، ويسرد صاحب السيارة ما حصل معه قائلا: "كنت أسير بالسيارة ونتيجة وجود مطب صناعي في الشارع خففت من سرعة السيارة وما هي إلا دقائق حتى سمعت صوت ارتطام من الجهة اليمنى ولا أعلم ما هو، حاولت الوقوف على جانب الشارع وقبل أن أتوقف فوجئت بأشخاص يلتفون حول السيارة ويطلبون الثأر لشقيقهم الذي صدمته، السلاح يوضع في رأسي والآخرون يصعدون السيارة ويحملون من يدعون أنني صدمته بالسيارة، ويطلبون الذهاب إلى المستشفى، ولكن أحدهم يقول: (ادفع فلوس العلاج وعوفه علينا، اتصل يجيبولك فلوس وخلّص نفسك، وبكيفك المركز موجود والمستشفى موجود)، وعندما وافقت طلبوا مني إجراء الاتصال وأن يأتي شخص قريب مني حاملاً معه (10) ملايين دينار، وإذا لم تتوفر ليأتي بمصوغات ذهبية.
- في حي الجهاد وبمنطقة البياع قرب شقق حي السلام
يضطر صاحب سيارة التريث في سواقته بسبب وجود مطب صناعي، ليتفاجأ بشخص كبير بالسن يرمي جسده على السيارة ويصرخ بصوت عالٍ جداً، يجذب رجال القوات الأمنية الواقفين في سيطرة أمنية قريبة، لكن الرجل الأمني الذي كان مرابطاً في برج المراقبة ينقذ السائق هذه المرة عندما يخبر الناس المتجمهرة لتنظر ما حدث، والشرطة بأن الرجل كاذب والسائق لم يقم بدهسه.
- (ل.ي) موظفة في وزارة الزراعة
تستقل سيارتها يومياً عند الذهاب والعودة إلى العمل تروي: "ذات نهار وأنا عائدة إلى بيتي، وعلى مقربة من الإشارة امرأة وثلاثة أطفال أحدهم شاهدته متأهباً للقفز إلى الشارع تمهلت قليلاً، لكن السائق الذي خلفي أزعجني بالمنبه، وما إن ضغطت على دواسة الوقود حتى قفز الطفل على مقدمة السيارة وتدحرج على الأرض" ثم تتابع مستطردة: "ارتبكت كثيراً، ولم أعرف كيف أتصرف لدقائق وإذ بمجموعة من الرجال يطوقونني والسيارة وسط صراخهم وتهديدهم، أخذنا الطفل إلى المستشفى، أحدهم أخذ أوراق السيارة وهويتي وتركوني بالسيارة، وسط ذلك اقترب أحدهم مني وقال: (هؤلاء ناس لا يخافون الله أعطيهم كم فلس، وهسا يتركونك أحسن من بهدلة الشرطة)، وهذا ما حصل في النهاية بعد الاتصال بزوجي إذ دفعنا مبلغ (4) ملايين دينار دون ذنب".
- النصب والاحتيال على المواطن (أ.ل) حيث يقول: "بالقرب من الإشارة الضوئية في تقاطع سينما بغداد الجديدة، وقبل توقف الإشارة بلحظات وإذا بسيارة تصدمني، وبعد أن فتحت الباب كي أرى ماذا حدث وإذ بشخص يرمي "سويج" السيارة على مقدمة سيارتي قائلاً: "أريد سيارة بدلاً منها"، لم أستوعب الأمر في البداية، ومع تدخل رجال الشرطة ورجال المرور وبعض الخيرين إلا أن الشخص مصرٌ على موقفه، واتّصل بأهله الذين حضروا في دقائق، وبعد حديث من هنا ومن هناك، دفعت (3) ملايين دينار على ضرر بسيط بمقدمة سيارته يكلف إذ تم إصلاحه أكثر من (100) ألف دينار إن لم يكن أقل من ذلك".
الخاتمة
تلك الحوادث تتكرر كثيراً، وقد أصبحت واضحة وجلية لرجال الأمن، والكثير من مثل هذه العمليات تحدث دون أن يتم الإخبار عنها لأسباب مختلفة وكثيرة، ولا بد من وعي إعلامي لتحصين أفراد المجتمع الأبرياء من الوقوع ضحايا في أيدي هؤلاء النصابين، والهدف من هذه المقالة هو التعريف بعمليات النصب والاحتيال تلك، لتجنب الوقوع ضحايا وبالتالي سيشجع هذا العصابات على القيام بالمزيد من العمليات المماثلة ما دامت تدر الملايين من الدنانير خلال دقائق، ولا تتطلب كثيراً من الجهد، ولا بد من الالتجاء لمراكز الشرطة فهذه العمليات من النصب والاحتيال أصبحت أسلوباً إجرامياً متعارفاً عليه ومحفوظاً لدى أدبيات الشرطة ولدى القضاة، وعدم الاستجابة والرضوخ لتهديدات النصابين، كما أنها رسالة لرجال الشرطة وهم ينشرون هذا الأسلوب على وسائل التواصل الاجتماعي لحماية المواطنين من هؤلاء النصابين والمحتالين وقطع دابر هذه الفئة المارقة، وعليهم تعميمه لكافة مراكز الشرطة في العراق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.