من الصعب أن تجد أمًّا في العصر الذي نعيشه قادرة على التحكم في انفعالاتها وكبح جماح غضبها على أطفالها، سواء صدر منهم ما يغضبها أم لا، فهي تشعر طوال الوقت أنها مضغوطة إن لم يكن بسبب الأبناء، فإن أعمال المنزل تستهلك طاقتها وجهدها.
اقرأ أيضًا: لماذا يصاب أبناؤنا بالتوتر مع قرب بداية العام الدراسي؟
لذلك، دائمًا ما تلجأ الأمهات من هذه النوعية إلى تفريغ هذه الشحنة الانفعالية في أطفالها، في هذه المقالة مجموعة من الإرشادات والنصائح للأمهات العصبية لكبح جماح غضبها وتعلم الصبر وضبط النفس.
أيتها الأم العصبية.. تذكَّري تلك اللحظات
لا شك في أن تربية الأبناء عمل عظيم وقربى إلى الله عز وجل، لمَ لا وهم مستقبل هذه الأمة، بهم تحيا الأوطان. فتربية الطفل الصالح اليوم أكبر تحدٍّ يواجه الآباء والأمهات، وهو المشروع الأفضل والأكثر ربحًا في الدنيا قبل الآخرة، عندما ترى ثمرة تربيتك وجهدك ووقتك أمام عينيك، في شاب صالح نافع لنفسه ومجتمعه.
وكما أن التربية عملية مرهقة ومتعبة، فهي أيضًا عملية ممتعة، عندما يكبر الأبناء وتجلس مع نفسك تتذكر تلك اللحظات الجميلة التي كان أطفالك يلعبون ويقلبون البيت رأسًا على عقب، تراك تبتسم لا شعوريًا بمجرد تذكر هذه اللحظات التي تصير لاحقًا ذكريات.
هنا على كل أب وكل أم أن تضع نصب عينيها جعل هذه الذكريات سعيدة لا ألم فيها، فهذه الأم التي لطالما كان صوتها المرتفع، ويدها الطولى، سببًا في بغض أطفالها لها، لا شك أنها عندما تجلس مع نفسها وتتذكر تلك اللحظات الأليمة تعض أناملها من الحزن على ما اقترفته يداها بحق أطفالها الصغار، الذين كانوا أشبه بالملائكة، فكانت النتيجة أن زادت الفجوة بينهما، وبدلًا من أن تصير الأم والصديقة، صار أبناؤها يبحثون خارج البيت عمن يفهمهم ويحتويهم ويقبلهم بأخطائهم.
اشتغلي على نفسك
لا توجد تعويذة أو وصفة جاهزة يمكن للأم أخذها لكي تصبح فجأة أمًّا مثالية، صوتها هادئ طوال الوقت، تلاعب صغارها، تشاركهم اهتماماتهم، تقترب من ابنتها التي شارفت على مرحلة المراهقة، ولكنها تحتاج أن تبذل جهدًا وطاقة لكي تصبح أمًّا مثالية بحق.
انظري أيتها الأم العصبية إلى نبي الأمة -صلى الله عليه وسلم- وهو يخاطب أمته قائلًا: "إنما الحلم بالتحلم، ومن يتصبر يصبره الله". فالقضية إذن تحتاج تمرينًا وتدريبًا عقليًّا لأن نخاطب أفكارنا الغاضبة، ونتعلم كيف نجعلها أهدأ، خاصة مع فلذات أكبادنا الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يمارسون طفولتهم البريئة.
دائمًا ما نربي أطفالنا منذ نعومة أظافرهم على مفهوم مراقبة الله عز وجل في كل وقت وكل مكان، الله يرانا، الله مطلع علينا، فأولى بكِ أيتها الأم أن تستحضري مراقبة الله عز وجل وملائكته الحفظة وتدوينهم كل كلمة تقولينها في لحظة غضب على أطفالك.
الدعاء سلاح المؤمن
ولأن الدعاء سلاح المؤمن، فعلى الأم العصبية عندما تجد نفسها تحت ضغوط كبيرة، أن تلجأ إلى رب الأرض والسماء بالدعاء، أن يصلح لها الذرية، وأن يلهمها الصبر كي تربي أطفالها؛ لأنها تدرك أن التربية ليست بالشطارة أو الفهلوة أو حتى القراءة والاستماع إلى المتخصصين في مجال التربية، فالتربية قبل كل شيء من الله والهداية منه سبحانه.
هل تعتقدين أيتها الأم أن نبي الله نوح -عليه السلام- قصَّر في حق ولده، عندما عصاه ورفض طاعة أوامره لكي ينجو من غضب الله؟ حاشاه، لكن الهداية والتوفيق من الله، وما علينا نحن معاشر الآباء والأمهات سوى الأخذ بالأسباب واللجوء إلى الله بالدعاء أن يصلح الذرية، وأن يعينك على تربيتهم كما يحب ويرضى، واعلمي أيتها الأم أن التربية تحتاج إلى صبر طويل.
اقرأ أيضًا: أفضل طريقة للتعامل مع الابن الغاضب
الخلاصة
خلاصة القول، الحلم بالتحلم، ومن يتصبر يصبره الله، اجعليها مبدأ وقاعدة ودليلًا لك في تربية أبنائك، تحكَّمي في انفعالاتك، فلا يُسمع منك صوت مرتفع، واعلمي أن الانفجار إنما سببه تراكم الأحزان بداخلك، فنفِّسي عنها أولًا بأول قبل أن تصل لمرحلة الانفجار، عندها لا يفيد الندم، فكم من مرة، ارتفع فيها صوتك حتى سمعه الجيران، وبعد أن هدأتِ، عاتبتِ نفسك: لمَ فعلت ذلك؟ لماذا رفعت صوتي؟ أعتقد أن الموضوع كان أبسط من كل هذا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.