الأمل طاقة تُنير القلب وتفتح دروب الحياة من جديد

أنا شيءٌ مفقودٌ في نفوس بعض البشر، يركضون لي بهلع، يبحثون عني في كل مكان، بعضهم فقدني دون أن يشعر، وبفقداني يزداد أمرهم سوءًا، أنا الأمل، وكيف لي أن أسكنكَ وأنت تقفزُ دائمًا بأفكارك للإحباط؟ تجعله محورك وتدور حوله.

‏سأقدِّم لك سبل الوصول إليَّ عندما تفقدني

‏أولًا: أقنع نفسك أنَّ مهما بلغت المشكلات والعثرات في حياتك أوجها، سيبقى شيءٌ جميل، شيء صغير لكنَّه يلمع وينبض، حاول أن تجده وأن يلفتك لمعانه الصغير قليلًا، عندها سيصبح مفعوله عكس حجمه وسيضيء لك طرقًا قد تكون غفلت عنها يومًا.

‏ثانيًا: اخرج من دائرة أوهامك اليائسة، بقعتك المظلمة، جانبك المعتم. وأقصد في تلك المسمَّيات الجزء الذي يجذبك نحوهُ أحيانًا فيُخسِرُكَ القرب مني، وهذه لا تكون خسارة عاديَّة، بل هي خسارةٌ نفسيَّة بحتة وتؤدي بك إلى (الهلاك النَّفسي). هذا المصطلح الذي أطلقته من أعماقي، هو سبب أساسي لتدميرك وتدمير نظرتك السَّليمة لمستقبل مشرق أو حتَّى ليوم جديد ومبشِّر أو ربَّما لحظة ممتعة.

‏ثالثًا: ضع نفسك دائمًا في (خانة غدًا)، هذه الخانة التي تجبرك على النَّظر باستدامة لما (سيحصل) وليس النَّظر لما (حصل). ويوجد فرق كبير في هاتين المفردتين، فإنَّني أعني بذلك أنَّك عندما تنظر للأمام لما سيحصل غدًا ستجدُ أملًا في أن يتغير شيء من حالك إلى الأفضل؛ لأنك ستجد متسعًا ورحابة في الوقت، وأنَّ ما زال لديك الوقت الكافي لتنهض، أما عندما تنظر إلى ما فات وإلى الخلف ستجد نفسك تنكمشُ على ذاتها وتيأس وترتعب وتظنّ أنَّ القادم أسوأ؛ وذلك لأنها ركنت نظرها في مكان الاصطفاف الخاطئ.

‏إن الأمل يفتح لك نافذة من السَّعادة والرَّاحة قد تكون أمامك قريبة وسهلة المنال، لكنك تحجب نفسك عن رؤيتها، وتضع ستارًا غامق الَّلون بينك وبينها، أريدك أن تعلم أنَّ الأمل ليس فقط مهمًا ليأخذ بيدك لطريق السَّعي والنجاح، بل هو لديه عوائد نفسيَّة وصحيَّة عليك، فإنه بوجوده يقدم لك قسطًا من الصِّحة النَّفسيَّة كما الجسديَّة والعقليَّة، فلنجعل الأملَ (زادنا)، وما يشابهه من معنى أو مضمون (توابلنا) كالتفاؤل مثلًا، فابدأ بنفسك وأطلق سفينة سعادتك بالأمل، فقد قال الله تعالى: ‏﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾. وهنا يدعو الله تعالى الإنسان لعدمِ اليأس من رحمته مهما ملأته الهموم وأثقلت كاهله، فإنَّ ربَّك لا يَبتلي إلَّا العبد الذي يحبُّه، وإنَّ جميع المفاهيم التي تخالف مفهوم الأمل والتفاؤل هي ابتلاء، فلنجعلها سجينةً في نفوسنا ونحرِّر آمالنا.

‏كلُّ فردٍ منَّا له دور في هذه الحياة، وخصوصًا دوره في التَّأثير في غيره، فالإنسان يستطيع بكلامه أن يغير نظرة الآخرين لبعض الأمور، من المحتمل أن يكون تغييرًا للأفضل أو تغييرًا للأسوأ، وهو سبيلُ الوصول للفشل في جميع محطَّات الحياة، هنا يجب علينا أن ننتبه لدورنا الفعَّال ونُسَيِّرَهُ في اتجاه المشرق حيث تشرق الشَّمس، ونبتعد عن مكان غروبها؛ لأن الأشخاص المتفائلين هم من يكرهون الظَّلام. ومن أجمل ما قال الشُّعراء في الأمل: «الأمل هو طائرٌ يغرِّد في القلب، يغنِّي حين تسود العتمة ولا ينتظر الفجر ليغنِّي». فالإنسان يستطيع أن يُسعد نفسه بنفسه، لا يلتفتُ لما يزعجه وينكبه، وبذلك يصبح العيش أجمل بنظره، فإنَّ الأمل يُجمِّل باطن الإنسان قبل أن يَسطع على سطحِه.

‏الأمل قنديلٌ ينيرُ مسارنا، ودواء لجراحنا، وحكمةٌ من حكم حياتنا، فمن أخذ بها وجعلها رفيقة دربه، سينعم براحة تُفرَشُ له على عرشِ الأمان، وتُزرَع كالزَّهرة بين أشواك الأيام. فلنجعله مبدأنا على الدَّوام، ونتَّخذهُ نظريَّة مثبتة من قبل نفوسنا، ألا شيء يدوم على حاله، حتَّى إن القمر لا يبقى في مكانه بل يدور حول الأرض، والأرض أيضًا لا تبقى في مكانها بل تدور حول الشَّمس، وعلى هذه الحال نبقى ونسير ونستمر، فإذا كان حالك اليوم سيئًا سيكون الغد جميلًا، وجماله نغمة عذبة تعزفها بنفسك على أوتار الحياة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة