الأخلاق وفضيلة الجمال زمن الفراعنة

حفظ التراث القديم ما يطلق عليه قانون ماعت، وهي عبارة عن 42 جملة يتلوها الميت، وهو يدافع عن نفسه أثناء محاكمته في العالم السفلي، وعليه أن يكون صادقاً لكي ينجو من العذاب، وهي تشير إلى الضوابط الأخلاقية العميقة في الدين المصري القديم، وعموم الحياة الاجتماعية الفرعونية، ممّا يعلي من قيم الإنسانية القيم العليا.

تأمل المصريّ القديم القوانين الكونية، فكانت هي المثل الأعلى الذي أراد أن يجعل منه صورة على الأرض، ليصبح "كما فوق، كما تحت" حسبما قال تحوت في ألواحه، الماعت هي قوانين التوازن والتناغم التي أخرجت الكون من هاوية الفوضى والظلام، وهي "نون" (مياه الأزل/ قاع الوجود/ حالة مال قبل الخلق) وهي نفس القوانين التي ما زالت تقيمه وتحفظه من السقوط فيها مرّة أخرى.

وكما أن للكون قوانين عليا تحكمه وتنظّمه وتمنع سقوطه في هاوية الفوضى، كذلك للإنسان قوانين تحكم سلوكه وتنظمه وتمنع الإنسان من السقوط في الهاوية، وهي ما يعرف عند قدماء المصريين باسم "قوانين الماعت الـ 42".

وجدت قوانين الماعت مدوّنة بالكامل في كتاب الخروج إلى النهار، الذي سبق ظهور الوصايا العشر بحوالي 2000 سنة. وهي لم تأتِ من فراغ ولم تنبثق فجأة فقد سبقها ظهور تعاليم (بتاح – حتب) و (كا – جمني) و (مري – كا – رع) وهي كلّها أدلة على إعلاء قيمة الفضيلة في مصر القديمة منذ فجر تاريخها.

والمتأمل لقوانين الماعت، يجد أنها كتبت بصيغة "الاعترافات المنفية"، وليس بصيغة الأمر والنهي، لأن الأمر والنهي يستخدم لفرض الأخلاق على الناس من الخارج، ولذلك يكون دائمًا مصحوبًا بالتهديد والوعيد، ولغة الأمر والنهي المشمول بالتهديد والوعيد ليست لغة كونية (إلهية)، ولم يستخدمها قدماء المصريين لفرض الأخلاق على الناس فرضًا، لأنها لغة تخاطب في الإنسان غريزة الخوف التي تسجنه في الوجود الأدنى.

وأيضًا لأن قوانين الماعت لم تكن قواعد أخلاقية، وإنّما هي جوهر الفضيلة التي أودعها الإله داخل الإنسان، وهي موجودة فيه منذ بداية الخلق، وتنتقل من جيلٍ إلى جيلٍ عن طريق الجينات الوراثية كل ما يحتاجه الإنسان هو استدعاء واستحضار الفضيلة من داخله، وهو ما يعرف بمصطلح "إيقاظ الضمير".

لذلك نجد أن قوانين الماعت قد كتبت على لسان أرواح الموتى الذين انتقلوا إلى العالم الآخر، وهم يقفون في قاعة الماعت (العدل) يوم الحساب، أيّ أن تلك القوانين لم تفرض على الإنسان من الخارج، وإنّما هي نابعة من داخله، من ضميره، وطالما كان الضمير يقظًا ومنتبهًا؛ لن يحتاج الإنسان إلى قواعد أخلاقية تفرض عليه من الخارج، لأن بداخله الضمير؛ أيّ جوهر الفضيلة، وما عليه سوى تفعيل الضمير وهذا ما فعله قدماء المصريين، كانت أمّة فجر الضمير!

قوانين الماعت (العدل) الـ 42 يوم الحساب:

1.  أنا لم أرتكب خطيئة.

2.  أنا لم أسلب الآخرين ممتلكاتهم بالإكراه.

3.  أنا لم أسرق.

4.  أنا لم أقتل.

5.  أنا لم أسرق الطعام.

6.  أنا لم أختلس القرابين.

7. أنا لم أسرق ممتلكات المعبد.

8.  أنا لم أكذب.

9.  أنا لم أخطف الطعام.

10. أنا لم ألعن (أشتم).

11.  أنا لم أغلق أذناي عن سماع كلمات الحق.

12.  أنا لم أزني.

13.  أنا لم أتسبّب في بكاء الآخرين (إيذاء مشاعر الآخرين).

14.  أنا لم أنتحب (أحزن) بدون سبب.

15.  أنا لم أعتدي على أحد.

16.  أنا لم أغش (أخدع) أحد.

17.  أنا لم أغتصب أرض أحد.

18.  أنا لم أتنصت (أتجسس) على أحد.

19.  أنا لم ألفق تهمة لأحد.

20.  أنا لم أغضب بدون سبب.

21.  أنا لم أغوي زوجة أحد.

22.  أنا لم أدنس (ألوث) جسدي.

23. أنا لم أقم بإرهاب أحد.

24.  أنا لم أخالف القانون.

25.  أنا لم أتمادى في الغضب.

26.  أنا لم ألعن (أشتم) النترو.

27.  أنا لم أستخدم العنف ضد أحد.

28.  أنا لم أهدّد السلام.

29.  أنا لم أتصرّف بغوغائية (بدون تفكير).

30.  أنا لم أتدخل فيما لا يعنيني.

31.  أنا لم أتحدّث بالمبالغة (النميمة).

32.  أنا لم أفعل الشر.

33.  أنا لم يصدر منى أفكار/ كلمات/ أفعال شريرة.

34.  أنا لم ألوث ماء النيل.

35.  أنا لم أتحدّث بغضب أو استعلاء.

36.  أنا لم ألعن أحدًا بكلمة أو فعل.

37.  أنا لم أضع نفسي موضع شبهات.

38.  أنا لم أسرق ما يخص النترو (الآلهة).

39.  أنا لم أنبش القبور ولم أسئ إلى الموتى.

40.  أنا لم أخطف لقمة من فم طفل.

41.  أنا لم أتصرّف بكبر وغطرسة.

42.  أنا لم أخرّب المباني الدينيّة (المعابد).

كاتب فى مجال الانسانيات والفنون والاداب ... خريج زراعة عين شمس 1976 وعمل مهندس زراعة بالارشاد الزراعى وضابط مراقبة جوية بمطار القاهرة

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

نبذة عن الكاتب

كاتب فى مجال الانسانيات والفنون والاداب ... خريج زراعة عين شمس 1976 وعمل مهندس زراعة بالارشاد الزراعى وضابط مراقبة جوية بمطار القاهرة