افتراض خطأ حارس البناء في القانون المدني اليمني والمصري

تعود جذور المسؤولية عن البناء إلى القانون الروماني الذي كان يعطي الجار الذي يتهدده خطر من بناء مملوك لجاره، وكان يتقدم بدعوى وقائية يطلب فيها إلزام المالك بترميم البناء الآيل للسقوط.

ثم جاء بعده التقنين الفرنسي الحديث والقانون المصري القديم الملغى اللذان لم ينصا على هذا الخلل الوقائي، لذلك سعى القضاء المصري إلى معالجة أحكام هذه المسؤولية، فمال إلى التشدد في إلزام خطأ حارس البناء، وتساهل تساهلًا نحو المتضرر، وأجاز له إثبات خطأ الحارس بأتفه القرائن.

ثم جاء القانون المصري ومثله القانون اليمني، وأفصحا عن طبيعة افتراض خطأ حارس البناء، وعلى جواز الدعوى الوقائية لدفع الخطر قبل وقوعه، وبيّنا -في المادة (177) من القانون المصري و(320) من القانون المدني اليمني- طبيعة التوسع في افتراض خطأ حارس البناء وحائزه في القانون اليمني.

ولو لم يكن مالكًا مسؤولًا عما يحدث من انهدام البناء، وما يسببه من ضرر ولو كان الانهدام جزئيًا، ما لم يثبت أن الحادث لا يرجع سببه إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه.

اقرأ أيضًا: نظرية الخطأ المفترض وأساس المتبوع في المسؤولية التقصيرية في القانون المدني اليمني

تحديد معنى البناء

يقصد بالبناء المعنى العام الذي يتحدد بمجموعة من المواد بغض النظر عن نوعها أكانت خشبًا أم طوبًا أم حديدًا، أم كل ما شيدته يد الإنسان ليتصل بالإنسان اتصال قرار؛ أي كان الاتصال الغرض الذي يعد له.

وبمعنى أشمل كل ما شيدته يد الإنسان على ظاهر الأرض، وأيضًا باطنها من آبار وغيرها.

اقرأ أيضًا: عبء إثبات الخطأ في المسؤولية المدنية

أساس مسؤولية حارس البناء

متى ما ثبت لشخص معين عام أو خاص، وحصل ضرر على نفس الغير أو غيرها نتيجة تهدم البناء افتُرض خطأ الحارس.

وحارس البناء هو الشخص المسؤول عن البناء ومراقبته والتأكد من أنه يطابق القوانين والمعايير المعمول بها.

وتهدم البناء لا يكون في الغالب إلا نتيجة إهمال في الصيانة، أو قدم في البناء، أو وجود عيب فيه، ومع الإجماع الفقهي على أن مسؤولية حارس البناء تعتمد على أساس الخطأ المفترض، لكنهم اختلفوا في طبيعة الافتراض ذاته فيما يتعلق بعيب الإثبات.

فذهب بعض الفقهاء إلى أن خطأ حارس البناء المفترض ذو شقين؛ الشق الأول يقبل إثبات عكس أن التهدم سببه الإهمال، ويستطيع حارس البناء بذلك أن يتخلص من المسؤولية بإثبات أن التهدم ليس سببه الإهمال في الصيانة أو التجديد.

فإذا ما أثبت الحارس ذلك تعين الرجوع إلى القواعد العامة، ووجب على المتضرر أن يثبت الخطأ حتى يستحق التعويض، أما إذا لم يستطع الحارس أن ينفي الإهمال استقر الخطأ مفترضًا على جانيه.

أما الشق الثاني هو غير قابل لإثبات عكس نسبة الإهمال في التجديد أو الصيانة إلى الحارس، وهذا الافتراض لا يستطيع الحارس أن ينفيه عن نفسه إلا بإثبات السبب الأجنبي كالقوة القاهرة أو خطأ المتضرر نفسه.

وبعض آخر يرى أن خطأ الحارس لا يقبل العكس؛ أي إذا تهدم البناء وأحدث ضررًا بالغير، فإن الحارس لا يجديه أن يثبت أنه أجرى عملية صيانة البناء، أو تجديده أو إصلاحه، ثم إنه لا يستطيع التخلص من المسؤولية إلا إذا أثبت القوة القاهرة، أو أثبت حدوث زلزال أو حرب، أو بخطأ المتضرر نفسه.

اقرأ أيضًا: تعريف الدعوى في القانون اليمني

حكم الخل الأصلي من بداية البناء

في القانون اليمني والمصري يُعد الخلل الأصلي في البناء خطأً يمكن أن يؤدي إلى تعديل البناء أو إزالته، ويحكم الخلل الأصلي من بداية البناء، ما يعني أن الخلل يُعد موجودًا من البداية، ويمكن أن يؤدي إلى تأخير العمل أو تعديله.

اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن مصادر الالتزام في القانون المدني؟

حكم الخلل العارض بعد تشييد البناء

الخلل العارض هو الخطأ الذي يحدث بعد تشييد البناء، ويمكن أن يؤدي إلى تعديلات أو إصلاحات في البناء، ويحكم على الخلل العارض على نحو مختلف في القوانين المختلفة، لكن الغرض العام هو تحديد الإجراءات اللازمة لتصحيح الخلل وضمان أن البناء يمتثل للقوانين والمعايير المعمول بها.

يتبع...

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة