اضطراب ما بعد الصدمة PTSD.. أسبابه وأنواعه وعلاجه

هل شعرت يومًا أنك عالق في لحظة صادمة مررت بها؟ اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو أحد أكثر الاضطرابات النفسية تعقيدًا، ويصيب نحو 9% من الناس في مرحلةٍ ما من حياتهم، وفقًا لدراسات حديثة. هذا المقال الشامل يغوص في عالم اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) نستعرض أسباب هذا الاضطراب، وأنواعه المختلفة، والأعراض التي قد تدمر حياة الأفراد، وكيفية العلاج الفعالة التي تمنح الأمل في التعافي واستعادة السيطرة على الحياة.

ما اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)؟

لكي تستطيع أن تتعامل مع الاضطرابات النفسية المرتبطة بالصدمة، يجب أن تفهم أولًا ما اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)؟ هو اضطراب نفسي يحدث نتيجة تعرض الشخص لحدث صادم أو سلسلة من الأحداث الصادمة أو المؤلمة أو المخيفة؛ ما يؤثر سلبًا في صحة الفرد العقلية أو النفسية أو الجسدية.

«PTSD» اضطراب نفسي يحدث نتيجة تعرض الشخص لحدث أو سلسلة من الأحداث الصادمة أو المؤلمة

ويمكن أن تستمر هذه الاضطرابات إلى أسابيع أو شهور أو سنوات على حسب الشخص أو الحدث الذي مرَّ بها، واضطراب ما بعد الصدمة غير مرتبط بمرحلة عمرية معينة، فيمكن أن يصاب به أي شخص سواء أكان طفلًا أم مراهقًا أم بالغًا.

أسباب حدوث اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

تتعدد الأسباب المؤدية لحدوث اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وقد تحدَّث "د. محمد نجيب الصبوة" عن هذه الأسباب في كتابه "دليل علمي تكاملي لعلاج الصدمة النفسية واضطرابات كرب ما بعد الصدمة"، وأشار إلى أن أسباب الصدمة تتضمن الاعتداءات الجنسية، والإساءة الشديدة في الطفولة، والعنف المنزلي، والإساءة للمسنين، وجرائم الإبادة الجماعية، والعنف في الشوارع، والحرائق، والكوارث الطبيعية.

وليس بالضرورة أن يكون الشخص قد مرَّ بإحدى هذه التجارب بنفسه، فقد يكون شاهدها تحدث لشخص آخر فقط، وهذا كافٍ لإصابته باضطرابات نفسية.

أنواع اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

إذا كنت تعتقد أن اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو نوع واحد فقط فأنت مخطئ، ففي الحقيقة ينقسم اضطراب ما بعد الصدمة إلى خمسة أنواع مختلفة، يمكن تقسيمها كما يلي: 

النوع الأول: الاستجابة الطبيعية للتوتر

هو رد الفعل الطبيعي والفوري عند مرور الشخص بحدث صادم أو مؤلم نتيجة لارتفاع هرمون الأدرينالين، فيشعر الشخص ببعض الأعراض الطبيعية مثل الحزن أو الخوف، وبعض الأعراض الجسدية مثل سرعة ضربات القلب واضطرابات الجهاز الهضمي، وقد تختلف شدة هذه الاستجابة ولكنها تكون مؤقتة ولا تدوم وقتًا طويلًا.

النوع الثاني: اضطراب التوتر الحاد

يحدث اضطراب التوتر الحاد بعد مرور الشخص بصدمة، ولكن ما يميزه عن اضطراب ما بعد الصدمة هو سرعة ظهور الأعراض وعدم استمرارها وقتًا طويلًا، فعادة ما تستمر أعراضه من ثلاثة أيام إلى شهر، وإذا لم يحصل الشخص على العلاج المناسب فيمكن أن تتطور الحالة إلى الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.

النوع الثالث: اضطراب ما بعد الصدمة غير المعقد

يُعد أسهل أنواع اضطراب ما بعد الصدمة في العلاج مقارنة بالأنواع الأخرى، ويحدث عند المرور بحدث صادم واحد وليس عدة أحداث، ويمكن علاجه سواء عن طريق العلاج النفسي أو السلوكي أو باستخدام الأدوية والعقاقير.

ووفقًا لدراسة منشورة عبر National Institute of Mental Health، فإن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يعد من أكثر العلاجات فعالية لاضطراب ما بعد الصدمة PTSD، ويُوصى به خيارًا أول لدى كثير من المختصين في الصحة النفسية.

النوع الرابع: اضطراب ما بعد الصدمة المعقد

اضطراب ما بعد الصدمة المعقد هو ضد اضطراب الصدمة غير المعقد، فهو يحدث نتيجة التعرض لمجموعة من الأحداث أو الصدمات المتكررة وليس لحدث واحد، وهو أخطر أنواع اضطراب ما بعد الصدمة نظرًا لشدة أعراضه، خصوصًا إذا حدثت في وقت مبكر من حياة الطفل، فيمكن أن تؤثر في نموه.

النوع الخامس: اضطراب ما بعد الصدمة الانفصامي

غالبًا ما يصيب الأشخاص الذين تعرضوا لصدمات كبيرة في طفولتهم، ويكون مصاحبًا لظهور أعراض انفصام في الشخصية، بالإضافة إلى الأعراض الأساسية لاضطراب ما بعد الصدمة.

لكي نفهم الاضطراب بعمق، إليك مقارنة مبسطة توضح الفرق بين الأنواع الخمسة لاضطراب ما بعد الصدمة:

النوع

الوصف

مدة الأعراض

درجة الخطورة

الاستجابة الطبيعية للتوتر

رد فعل نفسي وجسدي طبيعي ومؤقت بعد التعرض لحدث صادم.

أيام إلى أسبوعين

منخفضة

اضطراب التوتر الحاد

أعراض تظهر سريعًا بعد الحدث الصادم وتختفي خلال شهر.

3 أيام إلى شهر

متوسطة

 PTSD غير المعقد

ناتج عن حدث صادم واحد ويمكن علاجه بسهولة.

أكثر من شهر

متوسطة

 PTSD المعقد

نتيجة لتعرض مستمر أو متكرر لصدمات نفسية شديدة، غالبًا في مرحلة الطفولة.

طويل الأمد

عالية

 PTSD الانفصامي

يصاحبه أعراض انفصالية وانفصام في الشخصية، ويحدث غالبًا لمن تعرضوا لصدمات في الطفولة.

مزمن ومعقد

مرتفعة جدًا

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

تختلف المدة التي قد يبدأ بعدها ظهور أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، فتتراوح هذه المدة ما بين ثلاثة أشهر إلى سنة، ويمكن تلخيص هذه الأعراض فيما يلي:

من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة التفكير السلبي وتغيرات المزاج والغضب والشعور بالانعزال واللامبالاة

  • تكرار توارد الأحداث المسببة للصدمة، سواء في صورة ذكريات أو على هيئة أحلام وكوابيس مزعجة.

  •  أعراض التجنب، حيث يحاول الشخص تجنب كل ما له علاقة بالحدث الصادم، سواء كان ذكريات، أو أمكنة، أو أشخاصًا، أو أشياء، أو أنشطة معينة.

  • التفكير السلبي وتغيرات المزاج والشعور بالانعزال واللامبالاة.

  • تغيرات في رد الفعل، وتكرار الانفعالات، وحدوث نوبات هلع أو غضب، وكثرة الشعور بالخوف.

  • تغيرات في الوعي والإدراك مثل صعوبة التركيز، وعدم الانتباه، والأرق أو اضطرابات النوم.

علاج اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

هل يمكن التعافي تمامًا من اضطراب ما بعد الصدمة؟ في الحقيقة أنه غالبًا قد لا يتم التعافي منه تمامًا، ولكن مع الاستمرار في العلاج الصحيح تقل شدة هذه الأعراض حتى تكاد تختفي.

لذلك إذا كنت تشعر أنك غير قادر على تخطي حدث ما، وأنه يؤثر في حياتك اليومية، أو أنك تعاني من الأعراض التي ذكرناها سابقًا، فيجب عليك استشارة مختص نفسي حتى يصف لك العلاج المناسب لحالتك، سواء كان علاجًا سلوكيًّا أو علاجًّا بالأدوية.

وفي الختام، نرجو عزيزي القارئ أنك إذا كنت تشعر أنك تعاني من أحد الاضطرابات النفسية فلا تتردد في طلب المساعدة، أو إذا كنت تعرف شخصًا تعتقد أنه يعاني أحد الاضطرابات النفسية فلا تتردد في مساعدته أيضًا، فإن أي اضطراب نفسي يبدأ بأعراض قد تبدو بسيطة وطبيعية، ولكن إذا تم تجاهلها فإنها تؤدي إلى عواقب وخيمة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة