من بين المشكلات السلوكية المتعددة التي يمر بها أو يعانيها الأطفال في ظل الدراسة، يبرز (اضطراب التركيز والإصغاء) كونه إحدى الحالات التي تنعكس سلبًا على الأداء الدراسي للأطفال، وكذلك على الأنشطة الحياتية، مثل نقص الانتباه، وفرط الحركة، وضعف التركيز والحفظ والاستيعاب.
وفي هذا المقال نتعرف إلى اضطراب التركيز والإصغاء لدى الأطفال، وكيفية التعامل معه للوصول إلى أفضل نتيجة خاصة فيما يخص العملية الدراسية والسلوكية.
ما اضطراب التركيز والإصغاء؟
هو أحد الاضطرابات السلوكية التي يعانيها الطفل من الاندفاعية وقلة التركيز، إضافة إلى بعض الأمور السلوكية الأخرى التي تصب في الأخير في عدم تجاوب الطفل مع ما يحدث حوله، فلا يكتسب المهارات، ولا يُصغي للحديث، ولا يركز فيما يحدث.
وعلى الرغم من أنه قد يكون كثير الحركة، فإن النتيجة تكون سلبيةً، ثم إن اضطراب التركيز والإصغاء لدى كل طفل قد يكون له أعراض مختلفة عن الطفل الآخر، فليس شرطًا أن يكون الطفل مصابًا بكل أعراض اضطراب الإصغاء والتركيز معًا.
اقرأ أيضًا: اضطراب المزاج.. تعريفه وأعراضه وطرق علاجه
أنواع اضطرابات الإصغاء والتركيز
ومن أجل فهم وتبسيط أعراض اضطرابات الإصغاء والتركيز، قسَّم الخبراء الاضطرابات إلى ثلاثة أنواع، وهي:
اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
وفي هذه الحالة يعاني الطفل نقص التركيز والانتباه وعدم التجاوب، إضافة إلى فرط النشاط والحركة والاندفاع.
اضطراب نقص الانتباه
في هذا الاضطراب يكون الطفل قليل الانتباه والتركيز، وليس من الضروري أن يكون لدى الطفل فرط في النشاط والحركة في الوقت نفسه، بل على العكس تمامًا، فغالبًا يعاني الطفل -في هذه الحالة- الخمول والهدوء الشديد وهو شائع جدًّا، ويمكن الانتباه إليه جيِّدًا في أوقات الدراسة والحفظ والاستذكار.
اضطراب فرط النشاط الزائد
في هذه الحالة يكون الطفل أكثر اندفاعيةً وحركةً ونشاطًا طول الوقت حتى ولو كان لديه بعض التركيز والإصغاء، لكن النشاط الزائد والحركة الشديدة يمثلان معوِّقًا في حصول الطفل على المعرفة واكتسابه المهارات اللازمة.
اقرأ أيضًا: قراءة في الازدياد المقلق لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
أسباب الإصابة باضطراب التركيز والإصغاء
على الرغم من أن معظم حالات الإصابة باضطرابات التركيز والإصغاء يكون لها جانب وراثي، فإنه توجد مجموعةً من العوامل تساعد على زيادة الأعراض، ومن هذه الأسباب:
الإصابة بالقلق
يعزز القلق قلة التركيز والإصغاء، والعجز عن الاستذكار، وهو ما ينشأ عند الطفل نتيجة الخوف من العقوبة أو الإحراج أو نتيجة التعلق الشديد بأحد الوالدين وخشية الابتعاد عنه.
الصدمات العاطفية
غالبًا ما تكون الصدمات العاطفية العنيفة سببًا كبيرًا في إحساس الطفل بغياب الأمان، ما يترتب عليه غياب التركيز والإصغاء والتجاوب مع الآخرين، وهو ما قد يؤدي إلى الخمول والهدوء أو حتى الاندفاعية الشديدة وفرط الحركة.
الوسواس القهري
تعد الإصابة بالوسواس القهري أحد الأسباب الرئيسة للإصابة باضطراب التركيز والإصغاء، وغالبًا ما تظهر أعراضه في المرحلة الابتدائية من الدراسة.
اقرأ أيضًا: متى نقول إن الطفل يعاني نقص الانتباه؟
علاج اضطراب التركيز والإصغاء
غالبًا ما يلجأ الطبيب المعالج أو الاختصاصي النفسي إلى العلاج السلوكي لمساعدة الطفل على تخطي أعراض اضطراب التركيز والإصغاء والاندماج في الأنشطة اليومية بمجموعة من الإجراءات، مثل:
الروتين الثابت للحياة
يوصي الاختصاصي النفسي بأن يكون للطفل روتين يومي ثابت ومنسجم حتى يستطيع الطفل تقبل ما يحدث دون قلق أو خوف، ويجب أن تكون أشياؤه منظمة، ومواعيده مرتبة، ويمكن للطفل أن يشارك في هذا الأمر بحيث يؤخذ رأيه في وضع البرنامج اليومي.
الدعم العاطفي للطفل
في هذه الخطوة يحتاج الطفل إلى الدعم والمساندة والمساعدة العاطفية والنفسية وإظهار المحبة، إضافة إلى تشجيع الطفل عن طريق الجوائز والمحفزات، وعدم توجيه اللوم والعقاب الشديد حال الخطأ أو الفشل من أجل أن يتخطى الطفل الصعوبات التي يواجهها بسبب الاضطرابات التي يعانيها.
ممارسة الألعاب
لا بد من أن يمارس الطفل أحد الألعاب المخصصة لتنمية الذاكرة، إذ تتناسب مع حالته وعمره، فيحل الألغاز ويستمتع في الوقت نفسه، وقد يجب على الأهالي مشاركة الطفل وتحفيزه خلال هذه التدريبات.
فترات الراحة
لا يستطيع الطفل المصاب باضطرابات التركيز والإصغاء أن يحل الواجبات المدرسية أو أداء المهام مدة طويلة، إذ يحتاج إلى أوقات للراحة، ويجب أن يراعي المعلمون والمتعاملون مع الطفل هذا الأمر؛ حتى لا تتفاقم مشكلة التركيز، ويصل الطفل إلى مرحلة من الرفض وعدم الانسجام والتكيف، وهو ما قد يؤدي إلى أعراض أكثر حدةً وخطورةً.
تقليل الواجبات
يجب أن يكون هناك توجيه بتقليل الواجبات والأعباء التي تُلقى على كاهل الطفل في هذه المرحلة، إذا كان يعاني اضطرابات التركيز والإصغاء، وهو أمر يجب أن يفهمه المحيطون بالطفل حتى لا تكون التوقعات عالية على مستوى النجاح والتفوق الدراسي بقدر ما يكون الهدف هو أن يكون الطفل طبيعيًّا في ممارسة الأنشطة الدراسية وغيرها.
متابعة الطبيب
يجب أن يكون الطفل تحت إشراف الطبيب أو الاختصاصي النفسي المعالج، ثم إن هناك بعض الأدوية التي قد يصفها الطبيب في بعض الحالات التي لا تستجيب للعلاج السلوكي، أو قد تساعد مع الإجراءات السلوكية على الوصول إلى نتيجة أفضل، ما يعني أنه يجب أن يكون المسار الطبي موازيًا للمسار السلوكي في التعامل مع الطفل حتى ولو أظهر كثيرًا من التحسن والاستجابة.
ومع أننا أوضحنا كيفية التعامل مع الطفل عن طريق العلاج السلوكي، فإن الأمر يتطلب كثيرًا من الصبر والوعي الشديد في التعامل مع الطفل، وعدم استعجال النتائج، والاستمرار في الدعم العاطفي، إضافة إلى توفير نظام غذائي صحي، وكذلك توفير وقت كافٍ للراحة والترفيه حتى نستطيع الحصول على نتائج جيدة مع مرور الوقت.
وفي الأخير نرجو أن نكون قد قدمنا لك الإضافة فيما يخص موضوع اضطراب التركيز والإصغاء.
ويسعدنا أن تشاركنا رأيك في التعليقات ومقترحاتك عن مقالات أخرى ترغب في قراءتها على جوك
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.