السكر الزائد من أخطر التحديات الصحية في عصرنا الحالي، قد يستهين كثيرون بتأثير السكر الخفي على أجسامهم، لكن هذه الحلاوة الماكرة يمكن أن تكون قنبلة موقوتة تهدد صحتك على المدى الطويل، مُحدثة خللًا في وظائف الأعضاء الحيوية ومُمهِّدة الطريق لأمراض مزمنة، فيسبب السكر اضطرابًا في الهرمونات وارتفاعًا في الالتهابات المزمنة، ما يفتح الباب أمام أمراض القلب والسكري والسمنة حتى السرطان.
يتناول هذا المقال بعمق الآثار السلبية للإفراط في تناول السكر على مختلف أجزاء الجسم، مُحللًا كيف يمكن لهذه الكميات الزائدة أن تُدمر قلبك، وتُعطِّل شهيتك، وتُؤجِّج التهابات مفاصلك، وتزيد من خطر إصابتك بالسكري وأمراض الكبد والفشل الكلوي وضعف الانتصاب حتى السرطان، [سنستعرض بتفصيل دقيق كيف يؤثر السكر الزائد في حياتك اليومية وصحتك العامة، مُستندين إلى رؤى علمية ومعلومات طبية موثوقة لتوعيتك بالمخاطر الكامنة، هيا بنا نستكشف سويًّا هذه الآثار المدمرة، ونُدرك أهمية الاعتدال في استهلاك السكر للحفاظ على صحة أفضل ومستقبل أكثر سلامة.
تبدأ يومك بكوب من الشاي المحلى، ثم بعد الغداء تجد نفسك عاجزًا عن مقاومة الحلوى، ومع كل مناسبة سعيدة تضاعف كميات السكريات كأن الفرح لا يكتمل إلا بطعم السكر، شيئًا فشيئًا تتحول هذه العادة إلى جزء ثابت من يومك، وتغفل تمامًا عن أن الإفراط اليومي في تناول السكر قد يكون له عواقب شديدة الخطرة على صحتك.
مخاطر السكر الزائد.. 8 مشكلات صحية
صحيح أن السكر يمنحك الطاقة، لكنه في المقابل قد يكون العامل الرئيس وراء مجموعة من المشكلات الصحية التي تؤثر في أجزاء مختلفة من الجسم، فوفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية ينصح بعدم تجاوز 10% من السعرات اليومية من السكر، دعنا نتعرف إلى أبرز هذه المشكلات:
1. أمراض القلب والأوعية الدموية
قد لا تلاحظ كمية السكر التي تدخل جسمك يوميًّا، لكن يجب أن تعلم أن الإفراط في السكر يؤثر سلبًّا في صحتك عامة وعلى قلبك خاصة، فأنت تظن أنه يؤثر في وزنك، والحقيقة أنه يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة الدهون الثلاثية في الجسم، هل تعلم ماذا يعني ذلك؟ يعني أنك تصبح أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكتات القلبية، والأخطر من ذلك أنه يساعد على زيادة الالتهابات المزمنة التي تؤثر سلبًا في صحة القلب مع مرور الوقت.
وتشير دراسة في مجلة Journal of the American College of Cardiology إلى أن استهلاك السكر المرتفع يرتبط بنسبة أعلى من الالتهابات القلبية.
2. السمنة ومقاومة هرمون الشبع (اللبتين)
هل لاحظت أنك في بعض الأحيان تأكل رغم أنك ليس جائعًا؟ أو أنك تأكل أكثر ما تحتاج إليه؟ السبب وراء ذلك هو السكر، فعند تناول كميات كبيرة من السكر فإنه يؤثر في هرمونات الجسم على نحو غير مباشر، كهرمون اللبتين المسؤول عن تنظيم الشهية والشعور بالشبع، فالسكر الزائد يمكن أن يعطل عمل هذا الهرمون، الأمر الذي يجعلك تشعر بالجوع دائمًا وتتناول طعامًا أكثر من المعتاد ما يؤدي إلى زيادة الدهون في الجسم.
3. تفاقم آلام المفاصل وزيادة الالتهاب
قد تكون من الأشخاص الذين يشعرون بألم في المفاصل بعد تناول الحلويات أو المشروبات الغنية بالسكر، الأمر قد يسبب تفاقمًا في المشكلة؛ فالسكر الزائد لا يقتصر تأثيره في الوزن فقط، بل يؤدي أيضًا إلى زيادة الالتهابات داخل الجسم التي منها التهاب المفاصل، والأخطر من ذلك أنه قد يؤدي تناوله بكميات كبيرة إلى خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وهذا قد يكون سببًا آخر يجعلك تشعر بآلام في مفاصلك حتى في الأيام التي لا تكون فيها متعبًا.
وتشير بعض الدراسات إلى أن تقليل تناول السكر قد يساعد في تخفيف أعراض التهاب المفاصل، وربطت دراسة في Arthritis & Rheumatology الاستهلاك المفرط للسكر بزيادة نشاط الخلايا الالتهابية في المفاصل.
4. الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني
من مخاطر الإفراط في السكر أيضًا الإصابة بمرض السكري؛ وذلك لأن السكر يؤثر في جسمك على المدى البعيد، فإذا كنت تتناول كميات كبيرة منه باستمرار فإن ذلك يؤدي إلى إفراز كميات أكبر من الإنسولين في الجسم.
وهذا المجهود المتواصل من البنكرياس قد يؤدي إلى إرهاقه مع مرور الوقت، ومن هنا تبدأ المشكلة، فمع زيادة الضغط على البنكرياس يكون من الصعب عليه الحفاظ على مستويات السكر في الدم، ما يجعل احتمالية الإصابة بالسكري من النوع الثاني عالية، ووفقًا لتقرير International Diabetes Federation، يرتفع خطر الإصابة بالسكري كلما تجاوزت نسبة السعرات من السكر 12% من إجمالي السعرات اليومية.
5. أمراض الكبد الدهني غير الكحولي
يخدعك السكر بمذاقه الحلو، لكنه في الحقيقة يعد تحديًا لجسمك، خاصة سكر الفركتوز الذي عندما يدخل جسمك يتوجه مباشرة إلى الكبد ليعالجه، فإذا كنت تستهلك كميات كبيرة من هذا النوع، فاعلم أن الكبد لديك يحوله إلى دهون.
ومع مرور الوقت تتراكم هذه الدهون في الكبد، وتكوّن ما يعرف بالكبد الدهني غير الكحولي. وأظهرت دراسة في Journal of Hepatology أن انخفاض استهلاك الفركتوز يقلل من تراكم الدهون في الكبد.
6. التأثير السلبي على الصحة الجنسية (ضعف الانتصاب)
هل تعلم أن السكر قد يؤثر في قدرتك الجسدية بصورة لا تتوقعها؟ فيؤثر تناولك كميات كبيرة من السكر مباشرة على الدورة الدموية في جسمك، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية بمرور الوقت، ما يقلل من قدرتها على نقل الدم بفعالية إلى مختلف الأعضاء بما فيها الأعضاء التناسلية؛ لذا فإن دفق الدم السليم أمر مهم جدًّا لصحة الجسم عامة.
7. إرهاق الكلى وزيادة خطر الفشل الكلوي
كذلك يؤثر الإفراط في تناول السكر في صحة الكلى لا سيما عند مرضى السكري، فعندما يرتفع مستوى السكر في الدم تحاول الكلى التخلص من هذا السكر الزائد بإفرازه في البول، لكن عندما يحدث ذلك باستمرار تتعرض الكلى إلى إجهاد كبير ما يؤثر في قدرتها على أداء وظائفها الأساسية، مثل تصفية الفضلات وتنظيم السوائل في الجسم.
ومع مرور الوقت يمكن أن يؤدي هذا الضغط المستمر على الكلى إلى تدهور حالتها؛ وعلى هذا تكون أكثر عرضة للإصابة بمرض خطير مثل الفشل الكلوي، وتشير دراسات في Kidney International إلى أن ارتفاع السكر المزمن يضاعف خطر المضاعفات الكلوية بمقدار الضعف.
8. زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان
ربط عدد من الدراسات بين تناول السكر وزيادة خطر الإصابة بالسرطان، فالسكر يؤدي إلى زيادة الالتهابات في الجسم كما ذكرنا، وهي من العوامل التي تسهم في تطور عدد من الأمراض المزمنة بما في ذلك السرطان، وزيادة الوزن والسمنة اللتين يتسبب بهما يعدان من العوامل الرئيسة التي تزيد من احتمالية الإصابة ببعض أنواع السرطان، فهذه التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل الجسم نتيجة تناول السكر الزائد قد تضعف قدرة الجسم على محاربة الخلايا السرطانية.
نصائح لتقليل استهلاك السكر
لتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالسكر الزائد، يمكنك اتباع النصائح التالية:
- اقرأ الملصقات الغذائية: انتبه لكمية السكر المضاف في الأطعمة والمشروبات المصنعة، ابحث عن مكونات مثل السكروز، شراب الذرة عالي الفركتوز، الجلوكوز، وغيرها.
- تجنب المشروبات السكرية: المشروبات الغازية، عصائر الفاكهة المحلاة، مشروبات الطاقة هي مصادر رئيسية للسكر المضاف. اختر الماء أو المشروبات غير المحلاة.
- قلل من الأطعمة المصنعة والحلويات: البسكويت، الكيك، الحلوى، حبوب الإفطار المحلاة غالبًا ما تكون غنية بالسكريات المضافة.
- اختر الفاكهة الكاملة: بدلًا من العصائر أو الحلويات، تناول الفاكهة الكاملة التي تحتوي ألياف وفيتامينات، إضافة إلى السكر الطبيعي.
- اطبخ في المنزل: يتيح لك الطهي في المنزل التحكم في كمية السكر المضافة إلى وجباتك.
- قلل السكر تدريجيًّا: إذا كنت معتادًا على طعم حلو جدًّا، حاول تقليل كمية السكر المضافة تدريجيًّا لتعويد حاسة التذوق لديك، وتوصي منظمة الصحة العالمية بتقليل استهلاك السكريات الحرة المضافة والطبيعية في العسل والشراب والعصائر إلى أقل من 10%، ويفضل أقل من 5% من إجمالي استهلاك الطاقة اليومي.
وفي نهاية المقال يتضح لنا أن الإفراط في تناول السكر له تأثيرات سلبية في مختلف جوانب صحتك، بداية من أمراض القلب وصولًا إلى السرطان، فيجب أن تودع ذلك الظن الخطأ وهو أن تناول السكر بكميات كبيرة يقتصر على زيادة الوزن فقط، يجب أن تعلم أن تأثيره السلبي يمتد ليشمل مشكلات صحية أخرى قد تزداد تعقيدًا مع مرور الوقت، وقد وضحناها لك أعلاه، مثل السكري، وآلام المفاصل، وضعف الانتصاب، والفشل الكلوي؛ لذا فأنت الآن تعلم أهمية تقليل استهلاك السكر فماذا تنتظر؟ ابدأ واعمل على تحسين صحتك العامة لتتجنب عددًا من الأمراض شديدة الخطر.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.