انتظر على جانب رصيف المترو الناس جميعهم واجمون كأن على رؤوسهم الطير، الإرهاق يلجم الجميع، العرق يتصبب من الوجوه. أخرج من جيبه منديلاً ورقياً كي يزيل بعضاً من قطرات العرق التي دخلت في عينيه، حملق في الوجوه من حوله، الجميع مثله أغرقهم العرق ونابهم الإرهاق بعد عناء يوم عمل طويل.
تذكر كم عانى من كثرة المراجعين اليوم حتى بعد أن وقع في دفتر الانصراف، وهم بالخروج من المبني. أوقفه صوت المدير لكي ينهي المعاملة الأخيرة لذلك الشيخ الذي أحني ظهره الشي،ب وبعد أن أنهى المعاملة دلف مغادراً مقر عمله، وتمنى أن يخرج من المبنى دون أن يوقفه أحد أو ينادي عليه مديره.
وكان الجو حاراً مشى عدة أمتار داخل أروقة المحطة مسرع الخطوات والشمس تلفح الوجوه يمتص ريقه في صعوبة بالغة، سمع صوت المترو أنه ثالث قطار يمر به ولا يستطيع الركوب من شدة الزحام.
-- ياه أخيراً قطار يستطيع أن يجد له موضع قدم لكي يركب.
حملق في العربات التي مرت أمامه يريد أن يجد عربة غير مكتظة بالمسافرين لكن هيهات.. نظر للساعة أنها تعلن الثالثة بالضبط، إنها إحدى ساعات الذروة وخروج الموظفين وطلاب المدارس والجامعات وموعد تبديل الورديات.. أجساد متلاحمة من شدة الزحام أكوام من البشر موجات متلاطمة من البشر كموج بحر يعلو بعضه بعضاً ولا بد له من العودة للمنزل.. سوف يعود الآن للمنزل لكي يستريح من عناء يوم حار ملئ بالعمل والجهد.
--- دلف بصعوبة بالغة إلى داخل القطار متخطياً أجساد تلاصقت من شدة الزحام تحرك وتلاطمت الأجساد كموج بحر هائج عبابه، وأخيرا ًوجد موضع قدم بجوار باب المترو وتنفس الصعداء، إلتقط أنفاسه وأمسك بحديدة الباب لكي يحمى نفسه من الارتطام يأخد أو من المرجحة يميناً ويساراً أو الانكفاء للإمام عليى تلك الأجساد التي تمايلت وتراقصت عند إمساك الفرامل. تفحص المسافرين الوقوف ليسوا بأسعد حظاً من الجلوس فالكل يعاني من الزحام والجو الحار حتى مكيف المترو لم يعطهم درجة البرودة التي تلطف من حرارة الجو، ويبدو أن حرارة الأنفاس كانت أكثر أثراً من تلك النسمة الباردة التي يرسلها المكيف ما بين الفينة والفينة.
وفجأة راعته تلك النظرة التي داعبت عيونه فقط من بين الحشود، نظرت إليه من بين الحشود والأجساد المتلاطمة حدق في ابتسامة عريضة ارتسمت على محياها.. تبسمت له ابتسامة ليست بريئة فهم ما تقصده من نظراتها وحركاتها.
-- ياااه إنني متزوج يا غبية وهذا الفعل لم ارتكبه قبل زواجي فكيف بعد أن تزوجت؟ يا رب رحمتك بي سوف ألقنها درساً لتكون عبرة لأمثالها المستهترين.
--- إنها الفرصة المناسبة هي تجلس بجوار الباب تبسم لها وبحركاته فهمت منه أن عليها أن تنزل المحطة القادمة حتى يحققا ما يريدانه.
هو يريد المكان لكي يجلس ويرتاح من عناء الزحام، وهي تريد أن تصحبه للمنزل وتنفذ فيه أمراً ما غاب عن ذهنه أو لم يحسب له حساب.
-- ابتسامة مني ونظرة حانية جعلت لعابه يسيل وبهذه السرعة يطلب مني أن أنزل المحطة القادمة مغرور أهبل ساذج...
--- حاولت ترك المكان عند تهدئة القطار.
--- أشار عليها بلزوم مكانها حتى يتوقف القطار ويفتح الباب ثم تنزل هي وتترك مكانها.
---- تهللت أساريرها وقفز قلبها من الفرحة، هاجت فيها مشاعر الأنوثة بكل ما أوتيت المرأة من إغراءات.
-- أخيرا زبون شكله شيك أكيد جيبه مليان هو الضحية اليوم سوف يجرد من كل شيء يملكه ويلقى في الشارع كأمثاله السابقين.
-- غرقت في أفكارها ولم ينشلها منها إلا صوته قائلاً .. هيا القطار توقف وفتح الباب بسرعة نزلت من الباب واقفة على الرصيف تنتظره.
--- جلس مكانها ولوح لها بيده بينما كان القطار يتحرك.
--- بصقت على وجهه وتطاير الرذاذ على عربات القطار وصرخت أه يا نذلل.
--- أطرق برأسه لأسفل ليداري ضحكة ارتسمت على محياه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
تسجيل دخول إنشاء حساب جديد