حظيت المقاييس الاجتماعية باهتمام بالغ من المشتغلين بالعلوم الاجتماعية، بعد أن أصبحت لها طرائقها ووسائلها الخاصة التي تستخدمها في دراسة الكشف عن الظواهر الاجتماعية.
أوضحت تلك المقاييس أن في مقدورها تحقيق نتائج مشجعة عززت قدرتها على قياس كثافة العلاقات المتبادلة في المحيط الاجتماعي.
ويرى كثير من العلماء أن قضية المقاييس الاجتماعية ما زالت في حاجة إلى مزيد من الضبط والدقة، بحيث تقلص تلك الثغرة القائمة بين الجانب النظري من جهة وجانب المنهج من جهة أخرى.
تعريف القياس
"قياس أي شيء من الأشياء يعني تحديد خصائص هذا الشيء وتقديرها".
اقرأ أيضًا: أهمية وتأثير العلوم الاجتماعية في حياة الإنسان
أبعاد القياس
القياس هو موقف مضبوط يتألف من ثلاثة أبعاد أساسية هي: واقعة إمبريقية قابلة للملاحظة، وقد يكون جماعة أو شخصًا أو شيئًا أو فكرةً، ووجود رقم أو مقدار، ووجود قاعدة أو مجموعة من القواعد تربط منطقيًّا بين الواقعة والمقدار. ويشير البعد إلى الوسائل التي يتم بها تجريد الواقعة العيانية.
وينشأ القياس على افتراض أساسي يذهب إلى وجود متصل يشبه خطًّا مستقيمًا يساعد في توزيع وجود الخاصية المراد قياسها بطريقة متدرجة تصاعديًّا أو تنازليًّا.
تعريف القياس الاجتماعي
هو الطريقة التي يمكن التعرف بها على العلاقات بين الأفراد ومشاعرهم تجاه بعضهم بعضًا، باعتمادها على آراء الأفراد بعضهم في بعض.
اقرأ أيضًا: الدعوة إلى استخدام المنهج العلمي في دراسة المجتمع
نمو مفهوم القياس الاجتماعي
ربما كان (كوست) أول من استخدم كلمة قياس اجتماعي عندما وضع دليلًا للقوة الاجتماعية (السكان = كثافة السكان) ودليلًا للألفة الاجتماعية (الألفة الاجتماعية ÷ السكان).
ويقول بيجير ستد "إن القياس الاجتماعي هو قياس كافة العلاقات المتبادلة بين الإنسان والحيوان".
اقرأ أيضًا: نظريات التنشئة الاجتماعية وعلاقتها بمعايير المجتمع
طرائق المقاييس الاجتماعية
أولًا: الطريقة السوسيومترية
أسسها جاكوب مورينو، وهذه الطريقة تعطي معنى متغيرًا ومحددًا لقوانين التطور الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية.
وهذه الطريقة تفسَّر في ضوء بناء الجماعات الاجتماعية الداخلي، ودراسة الأشكال المعقدة الناجمة عن قوى التجاذب والتنافر بين أعضاء الجماعة. وهي تستهدف تحسين العلاقات بين أعضاء الجماعة أو بين الجماعات بعضها بعضًا.
ثانيًا: الطريقة الإسقاطية
تستخدم في أكثر من مجال، ومنها:
دراسة الشخصية في إطارها الثقافي، ودراسة السلوك الجماعي، وخصائص الجماعات الصغيرة، ودراسة الاتجاهات الاجتماعية والقيم الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية.
ومن بين هذه الأساليب الاختبارات المصورة، كاختبار تفهم الموضوع (A.T.A)، واختبار الرورشاخ، وأساليب اللعب التي تستخدم في دراسة اتجاهات الأطفال.
ثالثًا: قياس الاتجاهات
يستخدم في دراسة جمهور الإعلام. ويهدف إلى معرفة التأييد وعدم التأييد، وكثافة أو شدة هذا التأييد أو عدمه، ومن ثم تكييف الوسيلة الإعلامية لتتفق مع طبيعة الجمهور المتلقي لها لتحقق أهدافها.
ومن أهم أهداف المقاييس التي تستخدم في دراسة جمهور المتلقين:
- اختبار المعلومات والمعرفة حول موضوع معين.
- اختبار المشاعر حول الموضوعات والأشياء والأفراد.
- قياس تفضيلات الأفراد واهتمامهم.
اقرأ أيضًا: مقياس آرون بيك (Aaron Beck) للاكتئاب
ولعل أكثرها استخدامًا في دراسة جمهور المتلقين المقاييس التالية:
أ- مقياس المجالات المتساوية
يعرف باسم (مقياس ثرستون) الذي طبقه مع (شاف) عام 1929م. ويفترض وجود عبارات عدة تظهر درجة التأييد أو عدمه لموضوع الاتجاه.
ب- مقياس ليكرت
يُعد تطويرًا للمقياس السابق ومحاولة للتغلب على صعوباته، وبصفة خاصة زيادة عدد العبارات وعدد المحكمين. فالقياس يبدأ في صياغة عدد من العبارات المحدودة التي تعبر عن مختلف الآراء.
ج- مقياس تباين دلالات الألفاظ
ينسب إلى تشارلز أوسجود، وبدأ استخدامه في عام 1952م وقدمه في إطار ما سُمي بقياس المعاني. ويحتاج هذا المقياس إلى التعرف على الجوانب التفصيلية لموضوع الاتجاه الذي قد يتطلب الموافقة على بعضها، وعدم الموافقة على بعضها الآخر.
رابعًا: الاختبار السوسيومتري
يوضح دراسة البناء الاجتماعي للجماعات. فعندما تكون شبكة الاختبارات على شكل سوسيوجرام تظهر نماذج العلاقات الشخصية. ويبين السوسيوجرام الصداقة المتبادلة والرموز الصغيرة والانشقاق بين الجماعات الفرعية.
خامسًا: السوسيوجرام
هو خريطة العلاقات الاجتماعية التي توضح بالرسم العلاقات الاجتماعية أو اختيارات الأفراد الذين يعيشون داخل جماعة اجتماعية. ويستطيع الباحث الاجتماعي بواسطة السوسيوجرام دراسة التنظيم داخل الجماعة، وأن يوضح العلاقات بين الجماعات.
سادسًا: السيكودراما
هو اتجاه علاجي يهدف إلى تحرير الفرد من تصوراته وأفكاره وعلاقاته الناجمة عن قيود اجتماعية متصلبة.
والتمثيل السيكودرامي له ثلاث مراحل هي:
- التهيئة والإعداد.
- التمثيل نفسه.
- الأسئلة والتوضيحات.
سابعًا: السوسيودراما
هو طريقة تمثيلية تشبه السيكودراما. لكن الممثلين يبتعدون فيها عن تمثيل الصفات الفردية ويعمدون إلى تمثيل أدوار نموذجية مشتركة.
اقرأ أيضًا: الظاهرة الاجتماعية : مفهومها وخصائصها
بعض مشكلات القياس في العلم الاجتماعي
إذا كان (فالدنج) قد وضع أول معالم الإجابة عن الأسئلة التي طرحها بالإشارة إلى ما في النظريات من قصور ومعوقات تجهض عمليات الضبط والمقياس، فيوجد آخرون نمُّوا وطوَّروا هذه النقطة، ومن بينهم (هيبوربرت بلالوخ وآنا بلا لوخ) اللذان أوضحا أن أهم عقبات القياس تلك الفجوة بين النظرية والبحث الإمبيريقي.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.