إنسانية معطلة.. ازدواجية المعايير في حقوق الإنسان

العالم يتشدق بالإنسانية، وتتعاظم الجماعات الحقوقية، ونرى منظمات عالمية من المفترض أنها تحافظ على حالة السلم في العالم، بل هدفها الحفاظ على الكيانات البشرية دون تفريق، بعيدًا عن التصنيفات العرقية والعقائدية، بل تسعى جاهدة لوقف أي نزاعات.

ولكن على أرض الواقع نجد أن ما يحدث يخالف كل الأعراف الدولية والإنسانية. فنجد آذانًا صُمًا وعُيونًا لا ترى، والإحساس بالآخرين معدومًا في ظل مجاعات خلَّفتها الحروب والنزاعات السياسية والعرقية، وكل هذا والعالم يشاهد ويترنح مثل مخمور خرج من حانة يتخبط في خطواته ولا يبالي بما يحدث حوله، وربما تسبب في قتل نفسه.

وهذا هو حال عالمنا الإنساني، إنه عالم مخمور في ملذاته، غير عابئ بجراح وجوع الآخرين من أطفال ونساء وعجائز يستصرخون العالم ليمد لهم يد العون. ولكن هيهات هيهات! إنك تنادي في صحراء، أو كما قال الشاعر: لقد أسمعت لو ناديت حيًا ولكن لا حياة لمن تنادي.

ومن المفترض أنه عالم إنساني، لديه العقل والشعور والإحساس بالآخرين، ولديه المعرفة والوعي والإدراك، لكنه آثر ترك الشر يستشري في الأرض دون أن يضرب على يده أو ينقذ الطرف الأضعف من بين مخالبه التي يمزقه بها، ويسمع العالم ويشاهد صراخه ولا يتحرك له ضمير يقظ ليستخلص هذا الضعيف من مقصلة الشر قبل أن تهوي علينا جميعًا دون أن نشعر.

إن الجماعات الحقوقية في أوربا والعالم لها قوتها ولها تأثيرها إن أرادت أن تفعل شيئًا فيه إنقاذ لحياة وحقوق الآخرين، ولكن من الواضح أنها لا تتحرك إلا بما يتماشى أو يتوافق مع عرقها وعقيدتها، أو بما يخدم لها الشو الإعلامي حتى تظهر أنها تدافع عن الحقوق الإنسانية. ولكن في واقع الأمر ليست الصورة كما نراها أو كما كانت في مخيلتنا؛ لأن العالم به العديد من المنظمات الحقوقية التي يصعب حصرها.

وبالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية، هناك أيضًا اتحادات وشبكات تضم العديد من هذه المنظمات، ما يزيد عدد الكيانات العاملة في مجال حقوق الإنسان. على سبيل المثال، الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان يضم 184 منظمة من 112 دولة، فهل يُعقل ما نشاهده من حروب إبادة وتجويع داخل هذا العالم الذي نعيش فيه الذي من المفترض أنه عالم متحضر، وإن كانت تساورني الشكوك في مدى تحضره. فهل يعقل أن تلك المنظمات خارج دائرة التأثير لوقف تلك المجازر التي نشاهدها كل صباح ومساء عبر الفضائيات والميديا؟!

إن العالم ليس بمأمن عن أي بؤرة صراع مهما كانت في أي بقعة من بقاع الأرض. إن الصراعات البشرية مثل الحرائق الصغيرة التي إن تم إهمالها امتدت سريعًا لتأكل كل ما حولها، ومن يفترض أن ما يمتلكه من قوة قد توفر له الحماية منفردًا فهو واهم؛ لأن للكون سننًا كونية، وعلينا أن نراجع التاريخ ونعتبر منه؛ فقد زالت أعظم الإمبراطوريات في العالم ولم يعد لها وجود.

لذا ليتنا نعي ما يحدث في عالمنا الإنساني، وأن يتكاتف العالم بمنظماته الحقوقية لإنهاء أي صراع بالمنطق والحكمة والعدالة بما يسمح للسلام النسبي أن يسود في الأرض بعيدًا عن الانتماءات والعرقية، وبعيدًا عن حق الفيتو الذي تسبب في مزيد من إراقة الدماء وتجويع النساء والأطفال والعجائز حتى الموت. ليتنا نفهم. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مقال جميل ومفيد جدا وثرى بالمعلومات والتفاصيل الهامة ولكن المؤسف
أن هذة المنظمات مجرد شعارات
وهمية عاجزة امام ظلم وبطش
الدول والسياسات غير الانسانية .
سلمت يداك 🙏🙏🙏
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

اسعدنا مروركم
استاذة سعاد ودامت سعادتنا برأيكم والذى نعتز به دائما...دمتم بخير 🌹🙏🌹🙏🌹
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.